مصادر لـ «الشرق الأوسط»: الثقة أصبحت معدومة بين الوكالة الذرية وإيران

قالت إن التقرير الأخير عن النشاط النووي يقوي حجة الضربة العسكرية

علي أصفر سلطانية مندوب ايران لدى وكالة الطاقة الذرية (يسار) يتحدث مع رئيس الشرطة اسماعيل أحمدي اثناء حضورهما قمة عدم الانحياز في طهران أمس (أ.ب)
TT

لم تستبعد مصادر مطلعة في فينا أن يصدر الاجتماع المرتقب لمجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارا جديدا يدين إيران لعدم التزامها باتفاقات الضمان الموقعة بينها وبين الوكالة ولتجاوزها قرارات مجلس الأمن الدولية التي تمنعها من تخصيب اليورانيوم.

وكانت المصادر قد أكدت لـ«الشرق الأوسط» بمقر الوكالة الدولية بالعاصمة النمساوية فيينا يوم أمس، عقب التقرير الذي رفعه أول من أمس مدير عام الوكالة عن آخر تطورات الأنشطة النووية، أن تحركات تبدو حثيثة قد بدأت بين المجموعات المناهضة للنشاط النووي الإيراني استنادا على ما تضمنه التقرير الذي حسب تلك المصادر أكد أن مسارات الثقة بين إيران والوكالة وصلت لطريق مسدود خاصة في ظل التعنت الإيراني وإصرار إيران على إمداد الوكالة بالمعلومات (قطرة قطرة) فيما تمضي إيران مواصلة في تطوير قدراتها وتزيد من مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب.

بالمقابل لم تخف المصادر قلقها أن تجد المجموعة الرافضة لحل دبلوماسي لقضية «الملف النووي الإيراني» والداعية لضرب إيران وتدمير مواقع أنشطته النووية سندا في التقرير الذي وصف بأنه جاء صريحا ومباشرا وبالأرقام مؤكدا دون لبس أن إيران ماضية دون خوف في سياستها النووية القائمة على تجاهل كل ما يثير شكوك المجتمع الدولي حول سلمية برنامجها النووي بدليل أنها قد ضاعفت من عدد أجهزة تخصيب اليورانيوم بموقع فوردو المشيد تحت الأرض على القرب من مدينة قم في منطقة جبلية على بعد 130 كيلومترا من طهران العاصمة مقدرة العدد بـ2140 جهازا عما كانت عليه مايو (أيار) الماضي كما زادت من حصيلتها من إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة عالية 20% إلى 190 كيلوغراما فيما بلغت حصيلتها من اليورانيوم المخصب بدرجة اضعف 6,9 طن.

هذا ويقر التقرير الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه بفشل الوكالة وعدم قدرتها (بسبب عدم إبداء إيران للتعاون اللازم) على تقديم ضمانات موثوقة حول عدم وجود مواد وأنشطة نووية غير معلنة في إيران كما أنها غير قادرة على أن تخلص إلى أن جميع المواد النووية في إيران تندرج في نطاق الأنشطة السلمية.

في سياق مواز أكد التقرير أن الحوار المكثف بين إيران والوكالة منذ مطلع العام وعلى أعلى المستويات لم يحقق أي نتائج ملموسة في تسوية المسائل العالقة التي تطالب الوكالة بحلحلتها، ماضيا للقول إنه ونظرا لطبيعة ونطاق المعلومات الموثوقة المتاحة فإن الوكالة ترى أنه من الضروري أن تلتزم إيران دون مزيد تأخير ودون شروط مسبقة بمعالجة شواغل الوكالة لا سيما أن تكثيف إيران لأنشطتها داخل موقع بارشين العسكري الذي طلبت الوكالة معاينته سيؤثر سلبا على قدرة الوكالة على إجراء عملية تحقق فعالة مكررة طلبها لمعاينة المكان دون تأخير.

ويتناول التقرير الذي يتصدر أجندة اجتماع مجلس أمناء الوكالة بتاريخ العاشر من الشهر آخر تطورات النشاط النووي الإيراني منذ أن صدرت آخر وثيقة للوكالة مايو (أيار) الماضي مركزا على المجالات التي لم تطبق فيها إيران تطبيقا كاملا التزامات الضمان الموقعة بينها وبين الوكالة، مشيرا إلى أن إيران لم تعلق الأنشطة المتصلة بالماء الثقيل وأنها تزاول في مرفق تحويل اليورانيوم ومحطة تصنيع صحائف الوقود في أصفهان عددا من الأنشطة في انتهاك واضح لالتزاماتها على الرغم من خضوع تلك المرافق لضمانات الوكالة، مشددا أن الوكالة ما تزال تعتمد على صور سواتل لرصد حالة المحطة، موضحا أن إيران لم تسمح للوكالة حتى بأخذ عينة من الماء الثقيل المخزون في مرفق تحويل اليورانيوم بالمحطة.

في سياق آخر أشار التقرير إلى أن شواغل الوكالة ومنذ عام 2002 تفاقمت بشأن احتمال وجود أنشطة غير معلنة متصلة بالميدان النووي في إيران تشارك فيها هيئات ذات علاقة بالمجال العسكري بما في ذلك أنشطة متصلة بتطوير شحنة متفجرات نووية لأحد الصواريخ.

وفيما يختص بموقع بارشين العسكري (الذي كثر الحديث أنه موقع تلك الأنشطة) يقول التقرير أإن معلومات وردت للوكالة من طائفة واسعة من مصادر مستقلة بما في ذلك من الدول الأعضاء ومن خلال ما تبذله الوكالة من جهود ومن المعلومات التي تقدمها إيران نفسها أن إيران شيدت داخل بارشين وعاء ضخما لاحتواء المتفجرات لكي تجري فيه تجارب هيدروديناميكية. ووفقا للمعلومات لتلك فإن هذا الوعاء تم تركيبه عام 2000 فيما لم يتم تحديد موقعه بالضبط إلا مارس (آذار) 2011 بينما أخطرت الوكالة إيران بعلمها بالموقع شهر يناير (كانون الثاني) 2012.

مشيرا أن صور السواتل أوضحت منذ فبراير 2012 وجود كميات كبيرة من السوائل التي تجري من المبني الذي يحتوي على الوعاء كما تدل على وجود معدات في مخزن مفتوح مباشرة خارج المبنى كما تؤكد إزالة تجهيزات خارجية ووجود مركبات خفيفة وثقيلة. وفي تطور لاحق عكست صور منذ مايو الماضي تدمير مبان أو هياكل في الموقع وإزالة خطوط كهربية وأسيجة وطرق معبدة بالإضافة لأعمال حفر ضخمة وتصميم مناظر بينما بينت صور التقطت في أغسطس (آب) مبنى الوعاء محجوبا عن الأنظار بشكل كبير.

وعلى ضوء ذلك وكما تضمن التقرير الذي جاء من 16 صفحة فإن الوكالة تقدر أن الأنشطة المكثفة تثير قلقا وقد تؤثر سلبا على قدرة الوكالة في إجراء عملية تحقق فعالة عند زيارتها للموقع الذي ما تزال تنتظر ردا إيجابيا من إيران بالسماح بمعاينة مواقع محددة ترغبها الوكالة وليس أي مواقع أخرى تحددها السلطات الإيرانية. ومعلوم أن الوكالة كانت قد «فازت» عام 2005 بتصريح إيراني سمح لها بدخول بارشين لم يتكرر مرة أخرى على الرغم من وعد إيراني على لسان كبير المفاوضين الدكتور سعيد جالليلي لمدير الوكالة إبان زيارته الفجائية لإيران بتاريخ 22 مايو 2012 ظنا أنه سيعود بتصريح أكيد عقب جلسة حوار بين الوكالة وإيران عقدت بمقر البعثة الإيرانية بفيينا وكان الطرفان قد أعلنا تفاؤلهما بنجاحها.

في جانب آخر أورد التقرير أن إيران خلافا للاتفاق لم تقدم أي معلومات تصميمية مبكرة عما أعلنت نيتها في إنشائه من محطات نووية جديدة (10 محطات) مما يقلص الوقت المتاح للوكالة لتخطيط ترتيبات الضمانات اللازمة بالنسبة لتلك المرافق الجديد.