زيادة التهديدات التي يواجهها المدنيون السوريون

النظام يعتمد بشكل متزايد على الضربات الجوية العشوائية لسحق الثوار

TT

أكد العاملون في مجال حقوق الإنسان والدبلوماسيون، يوم الخميس الماضي، أن الجيش السوري يعتمد بشكل متزايد على الضربات الجوية العشوائية لسحق قوات الثوار، حسبما أعلن كبار مسؤولي الأمم المتحدة أثناء حضورهم للجلسة الاستثنائية التي عقدها مجلس الأمن. قام المجتمعون بالكشف عن بيانات جديدة مقلقة توضح مدى خطورة الوضع في سوريا، بما في ذلك تضاعف عدد المدنيين الذين يحتاجون إلى مساعدات عاجلة.

وفي الاجتماع الذي دعت إليه فرنسا، التي تترأس مجلس الأمن حاليا، قال جان الياسون، نائب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة: «إن تماسك المجتمع السوري المتنوع في خطر». أكد الياسون أيضا أن عمليات الطوارئ التي تنظمها الأمم المتحدة في سوريا تتعرض بالفعل لضغوط مالية، مضيفا: «ومع احتدام الصراع، يتزايد أعداد الأشخاص الذين يحتاجون بوضوح للمساعدات بصورة تفوق قدرتنا على المساعدة».

قام الياسون بقراءة سلسلة من الإحصائيات المحدثة حول الصراع السوري، حيث أشار إلى أن عدد اللاجئين السوريين الموجودين في دول الجوار قد تجاوز بالفعل 220 ألف لاجئ، وأن أقل من نصف عدد المستشفيات السورية تعمل حاليا، مؤكدا أن أسعار المواد الغذائية قد تضاعفت ثلاث مرات في بعض المناطق. وعلاوة على ذلك، أكد الياسون أن ما يزيد عن 2.5 مليون مواطن سوري «في حاجة ماسة للمساعدة والحماية داخل سوريا» في الوقت الحالي - وهو تقريبا ضعف الرقم الذي أشارت إليه الأمم المتحدة في شهر مارس (آذار) الماضي.

وحث أحمد داود أغلو، وزير الخارجية التركي (الذي زاد عدد اللاجئين السوريين الذين تستضيفهم بلاده عن 80 ألف لاجئ في أعقاب موجة النزوح التي تزايدت وتيرتها بصورة كبيرة في الأسابيع القليلة الماضية) مجلس الأمن على إقامة مناطق آمنة داخل الحدود السورية للمساعدة في التخفيف من حدة الأزمة هناك، التي أكد هو وكثيرون غيره أنها تهدد بزعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

قال داود أغلو: «لا يقوم أي نظام باستخدام الطائرات الحربية النفاثة لضرب الشعب. إلى متى سنظل جالسين ونشاهد ما يحدث في الوقت الذي يتم فيه إبادة جيل بأكمله عن طريق القصف العشوائي والاستهداف الجماعي المتعمد؟».

ومن غير المرجح أن يحدث توافق داخل مجلس الأمن الدولي، الذي أخفق أعضاؤه مرارا في الاتفاق على كيفية التوصل إلى حل سياسي للصراع الدائر في سوريا منذ 18 شهرا، على إقامة مناطق آمنة داخل سوريا، حيث إن ذلك سيتطلب تدخلا عسكريا، حيث لا توجد رغبة حقيقية داخل مجلس الأمن في التدخل العسكري المباشر في سوريا، فقد قامت روسيا والصين، وهما الدولتان اللتان تمتلكان حق النقض (الفيتو) والحليفتان القويتان للحكومة السورية، بالاعتراض على كل القرارات السابقة التي اعتبرا أنها تمثل تعديا على السيادة السورية. وفي مقابلة أجريت معه يوم الأربعاء الماضي، وصف الرئيس السوري بشار الأسد الكلام الدائر حول إقامة مناطق آمنة بـ«غير الواقعي».

ولكن وزيري خارجية فرنسا وإنجلترا، اللذين حضرا الجلسة الاستثنائية في مجلس الأمن، صرحا للمراسلين الصحافيين بأنهما لا يستبعدان الموافقة على الاقتراح التركي. يذكر أن فرنسا وإنجلترا وتركيا هم أعضاء في حلف شمال الأطلنطي (الناتو)، الذي قام سابقا بإقامة مناطق آمنة للمدنيين في كوسوفو خلال الحرب في صربيا في تسعينات القرن العشرين.

يقول ويليام هيغ، وزير الخارجية البريطاني: «نحن لا نستبعد أي خيارات في المستقبل»، مضيفا: «لا نعرف كيف ستتطور هذه الأزمة في الأشهر المقبلة، فالأمر يزداد سوءا بصورة مستمرة». وأضاف هيغ: «تتطلب إقامة منطقة آمنة تدخلا عسكريا، وهذا بالقطع أمر يجب أن يتم حسابه بعناية كبيرة».

من جانبهم، أكد الثوار السوريون، أول من أمس أنهم تمكنوا من إسقاط طائرة حربية حكومية كانت تحلق في سماء محافظة إدلب الواقعة شمال سوريا، وهو التقرير الثالث الذي يؤكد هجوم الثوار السوريين على القوات الجوية التابعة للأسد في الأسبوع الحالي. يذكر أنه انعكست الجهود المكثفة التي يبذلها المقاتلون المناهضون لحكومة الأسد لاستهداف سلاح الجو السوري، عن طريق قيام الحكومة بزيادة استخدام الطائرات الحربية والمروحيات.

وفي يوم الأربعاء الماضي، أكد المقاتلون في محافظة إدلب أنهم قاموا بالهجوم على أحد المطارات العسكرية وتمكنوا من تدمير من 5 إلى 10 مروحيات حكومية كانت موجودة في المطار، كما أشار مقاتلو المعارضة السورية يوم الاثنين الماضي إلى أنهم قاموا بإسقاط مروحية هجومية كانت تحلق فوق ضواحي دمشق.

وفي الشهر الماضي، أكد الثوار في مقاطعة دير الزور، التي تقع شرق البلاد، أنهم أسقطوا طائرة «ميغ» روسية الصنع تابعة لسلاح الجو السوري، وألقوا القبض على الطيار.

شككت الحكومة السورية في تفاصيل هذه الهجمات، حيث أكدت أنها قامت بصد الهجوم الذي شنه الثوار على المطار الحربي، وأن المروحيات والطائرات الحربية التابعة لأسطولها الجوي تعاني من أعطال ميكانيكية.

وقد أكدت منظمة «هيومان رايتس ووتش» يوم الخميس الماضي أن بعض الهجمات العسكرية التي شنتها القوات الحكومية السورية كان المقصود منها إيذاء المدنيين.

* ساهم في كتابة هذا التقرير كريم فهيم من بيروت وريك غلادستون من نيويورك وهويدا سعد

* خدمة «نيويورك تايمز»