نظام الأسد يستدعي أبناء الأقليات إلى التجنيد الإجباري

مجندون هاربون: لن نموت من أجل بشار وعائلته

مقاتلان من الجيش السوري الحر يحملان متفجرات مصنوعة في البلدة القديمة بحلب (رويترز)
TT

إلى أحد أحياء منطقة الزلقا الواقعة في ضاحية بيروت الشرقية وصل جورج اتيا من مدينة بانياس السورية. الشاب الذي يبلغ من العمر 29 عاما تم استدعاؤه إلى التجنيد الإجباري ليحارب في صفوف الجيش السوري ضد ما يسميه النظام «العصابات المسلّحة» علما أن الشاب الذي يتحدر من الطائفة المسيحية أنهى خدمته العسكرية منذ ما يزيد عن 3 سنوات. بالقرب منه تجلس زوجته الحامل في شهرها السادس شارحة الظروف التي دفعتهم إلى المجيء «كانوا يداهمون بيتنا صباحا ومساء مطالبين زوجي بأن يلتحق بالجيش وإلا فسيأخذون أحدا من عائلته بدلا عنه حتى يسلّم نفسه للقطعة العسكرية التي يتبع لها». وتتابع «هربنا في ليلة سوداء وبملابسنا فقط، جئنا عند أقاربنا هنا في بيروت، من دون أن نعرف أي مصير ينتظرنا».

ويؤكد جورج أنه «لا يؤيد المعارضة ويعتبرها السبب الأول في خراب البلد وتدميره» لكنه يشير أيضا «لا يمكنني أن أموت من أجل هذا النظام». ويكشف أن النظام السوري يعتمد في الفترة الأخيرة على أبناء الأقليات كي يقاتلوا معه في حربه ضد المسلحين المعارضين. يقول «النظام يعتبر أن هؤلاء معه ولن ينشقوا عنه مهما حصل» مضيفا «الأحياء السنية في بانياس لم يقتادوا منها شابا واحدا إلى التجنيد، إنهم يخشون انشقاق السنة وانضمامهم إلى الجيش الحر لذلك يستعينون بأبناء الأقليات وتحديدا العلوية والمسيحية والدرزية».

وعن وضعه الراهن في بيروت يقول «وصلت منذ أيام معدودة لا أخشى الملاحقة لأني دخلت بطريقة قانونية عبر الحدود منتهزا فرصة عدم وصول اسمي إلى المنافذ الحدودية كمطلوب للتجنيد»، لكن الشاب السوري يعيش في لبنان مثل كثيرين من أبناء بلده ظروفا اقتصادية صعبة «لا يوجد وظائف محترمة والأسعار مرتفعة جدا هنا»، لكنه سرعان ما يضيف «وجودي في بيروت على الرغم من كل هذه الظروف أفضل من أن أموت من أجل نظام بات بحكم المنهار».

وتمتد فترة التجنيد الإجباري في سوريا نحو سنة ونصف ولكن الأحداث الأخيرة دفعت القيادة العسكرية إلى اتباع سياسة الاحتفاظ بالجنود بحيث لا يتم تسريحهم بحجة الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد لتنفتح المدة التي يقضيها الجندي في الخدمة الإلزامية إلى أجل غير معروف. ومع استمرار الأحداث وتفاقمها لجأت السلطات العسكرية إلى استدعاء الجنود الذين أنهوا منذ زمن خدمتهم العسكرية وتشير المعلومات إلى أن هذه الاستدعاءات تركز على أبناء الأقليات متجنبة استدعاء أبناء الطائفة السنية خشية انشقاقهم عن الجيش النظامي وانضمامهم إلى كتائب الجيش الحر.

ويقول صلاح الذي وصل إلى دبي منذ شهر تقريبا هربا من التجنيد المفروض عليه «المشكلة ليست في المدة الزمنية التي سأقضيها في الجيش، المشكلة في الظروف التي ستؤدي بالقطع إلى قتلي أو إصابتي» ويتابع صلاح «أنا علوي وكنت في البداية مع النظام لكن حين تصل الأمور إلى تهديد حياتي فسأختار الهروب».

وعن رأيه بما قاله الرئيس السوري في مقابلته الأخيرة بأن الذي يهرب هو جبان قال «الأسد ينظر من قصره هو يعلم أنه حين يشتد الخناق عليها سيرحل مع عائلته بطائرة روسية أما أنا وسواي وتحديدا أبناء الطائفة العلوية فسنموت بعمليات الانتقام والثأر» يضيف «صار واضحا أن الأسد لا يهمه طائفته وإلا كان بحث عن تسوية، لا أن يتفرج على شباب الطائفة وهم محملون جثثا بالشاحنات نحو قراهم». ويشدد صلاح على أن عددا كبيرا من الشباب العلوي من الذين تم استدعاؤهم إلى التجنيد قد فرّوا خارج البلاد لأنهم «لا يريدون أن يموتوا من أجل بشار وعائلته» كما يقول.

يذكر أن عدد الذين قتلوا من قوات الأمن والجيش وصل إلى ثمانية آلاف عنصر أمني وعسكري وأصيب عدد أكبر منهم منذ بداية النزاع في سوريا قبل 17 شهرا، بحسب ما يقول مدير مستشفى تشرين العسكري في دمشق. أما أرقام المرصد السوري لحقوق الإنسان فتشير إلى مقتل نحو 6500 عنصر أمني وعسكري في سوريا من بين 25 ألف شخص سقطوا في هذا النزاع الدامي بين النظام والمعارضة.