قصر عابدين يجدد هويته مستقبلا الرئيس مرسي

يعد المقر الرسمي للحكم وتمرد عليه عبد الناصر وهجره مبارك

حديقة قصر عابدين الرئاسي في القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

لم يشعر علي إبراهيم، القاطن في مواجهة قصر عابدين الرئاسي بوسط القاهرة، بأي مظاهر أمنية غير معتادة أمس، رغم أن الرئيس المصري محمد مرسي قضى جزءا كبيرا من نهاره داخل القصر الذي يعد المقر الرئيسي والرسمي للحكم في مصر.

وقال علي «لم نشعر بأي إجراءات أمنية استثنائية أو مشددة، كل ما حدث هو أن مجموعة من الجنود اصطفت قرب مدخل القصر لتوقف المرور لبضع دقائق مر خلالها موكب الرئيس مرسي إلى داخل القصر». وأضاف علي «عندما كان يزور القصر الرئيس السابق حسني مبارك كنا نعاني من إجراءات أمنية مشددة تشمل منع سيارات سكان العقارات المحيطة بالقصر من الوقوف في الشوارع ورفعها من مكانها بالأوناش، ووضع قناصة فوق أسطح المنازل، ومنع السكان من فتح النوافذ والشرفات».

وأوضح أن «الإجراءات الأمنية في عهد مبارك لم تراع وجود مواطنين كبار السن أو مرضى في تلك العقارات، ومنعوا السكان من الدخول أو الخروج طوال فترة وجود الرئيس السابق في القصر».

أما خالد رشاد، القاطن بعقار مطل على حديقة القصر الرئاسي الذي بُني في عهد الخديو إسماعيل، فقال «أسكن في الطابق الأخير لبناية تطل على القصر الرئاسي، والبناية لا يوجد بها سطح، ورغم ذلك عندما كان يأتي مبارك كان رجال الأمن يصرون على وضع قناص في شرفة منزلي، منتهكين بذلك حرمة بيتي وخصوصيتي». ويضيف خالد «لم يحدث أي شيء أمس من الممارسات القديمة، ولم أر أي إجراءات أمنية غير معتادة، بل لم أشعر بوجود الرئيس مرسي على بعد أمتار من منزلي».

أما عبد الله الفيومي، وهو سائق تاكسي، فقد أبدى دهشته من وجود الرئيس مرسي في قصر عابدين الذي يقع في وسط القاهرة على بعد نحو 500 متر من ميدان التحرير، قائلا «عندما كان الرئيس السابق مبارك يزور أي منطقة في وسط القاهرة كنت أتوقف عن العمل لاستحالة السير في وسط العاصمة وقتها بسبب غلق الشوارع والإجراءات الأمنية». ويضيف «لم أشعر بأن هناك أي إجراءات استثنائية في المرور أمس، بل إنني مررت بالشوارع المحيطة بقصر عابدين بشكل طبيعي، ولم ألحظ سوى زيادة عدد رجال المرور، والسيارات المتوقفة داخل ساحة القصر».

يقع قصر عابدين وسط مساكن حي عابدين الشهير بقلب القاهرة، ويعد من أهم وأشهر القصور التي شيدتها أسرة محمد علي التي حكمت مصر خلال الفترة بين عامي 1805 و1953، وتحول جزء كبير منه إلى متحف أثري للزوار. ويعد قصر عابدين البداية الحقيقية لظهور القاهرة الحديثة في القرن التاسع عشر، حيث رافقت بناءه نهضة معمارية واسعة في القاهرة قادها الخديو إسماعيل الذي أمر بتخطيط القاهرة على النمط الأوروبي من حيث الميادين الفسيحة والشوارع الواسعة التي تربط بينها الكباري والجسور وتنيرها المصابيح وتنتشر وسطها الحدائق.

وقد أمر الخديو إسماعيل ببناء القصر فور توليه حكم مصر عام 1863، على أنقاض قصر صغير كان مملوكا لشخص يدعى «عابدين بك» كان قد شيده على مجموعة من البرك التي كانت منتشرة في تلك المنطقة بعد ردمها، وشيد هذا القصر المنيف على مساحة تسعة أفدنة ليصبح مقرا لحكم مصر عقب انتقال الخديو إسماعيل للإقامة فيه.

ومن أشهر الوقائع التي شهدها قصر عابدين وقفة الزعيم المصري أحمد عرابي أمام الخديو توفيق عام 1881، حين له قال له جملته المشهورة «لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا أو عقارا.. والله الذي لا إله غيره لن نورث ولن نستعبد بعد اليوم»، وأيضا حادث 4 فبراير (شباط) عام 1942 حين حاصرت الدبابات الإنجليزية القصر لإجبار الملك فاروق على تعيين مصطفى النحاس زعيم حزب الوفد رئيسا للحكومة، كما حاصرته الدبابات مرة أخرى صبيحة يوم 23 يوليو (تموز) 1952، معلنة قيام ثورة أطاحت بالنظام الملكي في مصر.

وبعد ثورة 1952 تمرد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على الإقامة في القصر، حيث كان يعتبره من رموز النظام الملكي البائد، لكن القصر استعاد هويته الرسمية في عهد السادات، ثم تحول في عهد مبارك إلى مكان للتشريفات وإقامة الولائم لضيوف مصر من الملوك والرؤساء. وخلال زيارته للقصر أمس، حرص الرئيس مرسي على لقاء العاملين بديوان رئيس الجمهورية الذي يقع مقره الرئيسي داخل القصر، كما التقى مرسي الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء، والفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، واللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية، حيث استعرض معه عددا من ملفات الشأن الداخلي وكل ما يتعلق بنتائج رحلته إلى الصين وإيران.