دول الخليج العربي تدعو «إيران» للكف عن التدخل في شؤونها

اجتماع المجلس الوزاري لمجلس التعاون في جدة يستنكر تحريف كلمة الرئيس المصري في قمة طهران

TT

أعرب المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية «على مستوى وزارة الخارجية» عن رفضه واستنكاره الشديدين لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس والتي تتمثل في «انتهاك لسيادتها واستقلالها»، كما أدان «السياسات العدائية والتصريحات التحريضية التي تصدر من بعض المسؤولين الإيرانيين»، مطالبا طهران بـ«التوقف عن هذه الممارسات التي لا تسهم في خدمة وتطوير العلاقات معها»، كما دعاها إلى الالتزام التام بمبادئ حسن الجوار، والاحترام المتبادل، والأعراف والقوانين والمواثيق الدولية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل الخلافات بالطرق السلمية والحوار المباشر، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، بما يكفل الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها.

وكان المجلس الوزاري الخليجي قد عقد دورته الـ124 على مستوى وزراء الخارجية في مدينة جدة أمس، حيث ألقى الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجية السعودي كلمة في افتتاح الجلسة، شدد خلالها على ضرورة اهتمام مجلس التعاون بالأوضاع في الساحة السورية «حيث يستمر القتل والتنكيل بالمدنيين الآمنين» موضحا أنه «من المهم أن يسعى مجلس التعاون إلى توظيف إمكاناته لتحقيق حل سريع لهذه الأزمة ويساهم في حقن الدماء وحماية المدنيين ويمكن الشعب السوري من الدفاع عن نفسه أمام آلة القتل والتدمير الحكومية».

وأوضح البيان الختامي الذي صدر عقب الاجتماع إلى أن المجلس الوزاري استمع إلى شرح من الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، وزير خارجية مملكة البحرين، بشأن ما حدث من تحريف وتزوير في الترجمة باللغة الفارسية، من قبل القناة الأولى للتلفزيون الإيراني، لكلمة الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي، التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية في القمة السادسة عشرة لحركة عدم الانحياز، التي عقدت في طهران بتاريخ 30 أغسطس (آب) 2012؛ حيث تم حذف اسم سوريا واستبداله باسم البحرين، في الفقرة المتعلقة بسوريا من كلمته، وعبر المجلس الوزاري عن استنكاره ورفضه لهذا التصرف غير المسؤول، «باعتباره خروجا عن الأمانة والقواعد المتعارف عليها في هذا الشأن».

من جهته جدد وزير الخارجية البحريني استنكاره بما قامت به السلطات الإيرانية في ترجمتها لكلمة الرئيس المصري، وقال «طلبنا توضيحا منهم وتصحيح هذا الخطاء وعدم تكراره مرة أخرى».

وحول ما ذكرته وسائل الإعلام الإيرانية لتصريح نسبته إلى الوزير البحريني بأنه «يتمنى أن تعود العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين مملكة البحرين والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى عصرها الذهبي»، نفى الشيخ خالد آل خليفة هذه التصريح المنسوب له تماما، وقال، «لم يصدر عني هذا التصريح إطلاقا، وغير صحيح لم أقل ذلك ولا أتذكر حتى شخصا قلت له هذه الكلمة».

بينما تطرق البيان الختامي إلى الشأن السوري؛ حيث أدان المجلس الوزاري «استمرار عمليات القتل والمجازر التي يتعرض لها الشعب السوري الشقيق في جميع أرجاء سوريا، نتيجة لإمعان النظام في استخدام جميع الأسلحة الثقيلة بما فيها الطائرات والدبابات والمدافع، ودعا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته واتخاذ إجراءات فاعلة لحماية المدنيين السوريين، مؤكدا على ضرورة العمل على تقديم كل أنواع الدعم المطلوبة للشعب السوري وتكثيف الجهود العربية والدولية لحقن دمائه وإيصال الاحتياجات الإنسانية العاجلة له، مشددا على أهمية «تحقيق انتقال سلمي للسلطة في سوريا يحفظ أمنها واستقرارها ووحدتها، ويلبي إرادة الشعب السوري الشقيق»، وفي شأن متصل، رحب المجلس الوزاري بنتائج قمة منظمة التعاون الإسلامي الاستثنائية، التي عقدت في مكة المكرمة بتاريخ 14 - 15 أغسطس 2012، مثمنا مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، إنشاء مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية في مدينة الرياض.

وفي مجال مكافحة الإرهاب أكد المجلس الوزاري على مواقف دول المجلس الثابتة بنبذ الإرهاب والتطرف، بكافة أشكاله وصوره، ومهما كانت دوافعه ومبرراته، وأيا كان مصدره، وأما في الجانب السياسي، فقد جدد المجلس الوزاري التأكيد على مواقفه الثابتة الرافضة لاستمرار احتلال إيران للجزر الثلاث، «طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى»، التابعة للإمارات العربية المتحدة، والتي أكدت عليها كافة البيانات السابقة، وأكد في هذا الخصوص على دعم حق السيادة للإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث، معبرا عن الأسف لعدم إحراز الاتصالات مع إيران أي نتائج إيجابية من شأنها التوصل إلى حل قضية الجزر الثلاث بما يسهم في تعزيز أمن المنطقة واستقرارها، واعتبر أن أي ممارسات أو أعمال تقوم بها إيران على الجزر الثلاث لاغية وباطلة ولا تغير شيئا من الحقائق التاريخية.

وحول الملف النووي الإيراني، أعرب المجلس الوزاري عن قلقه البالغ من استمرار أزمة البرنامج النووي الإيراني، مجددا التأكيد على أهمية التزام إيران بالتعاون التام والشفاف مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأكد المجلس مجددا على مواقفه الثابتة بشأن أهمية الالتزام بمبادئ الشرعية الدولية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، وجعل منطقة الشرق الأوسط بما فيها الخليج العربي خالية من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية. وأكد المجلس الوزاري على حق دول المنطقة في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، في إطار الاتفاقية الدولية للطاقة الذرية وتحت إشرافها، وتطبيق هذه المعايير على جميع دول المنطقة، مؤكدا على ضرورة انضمام إسرائيل إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وإخضاع جميع منشآتها النووية للتفتيش الدولي، من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية. واستعرض المجلس الوزاري القضية الفلسطينية، مؤكدا أن السلام الشامل والعادل والدائم لا يتحقق إلا بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية المحتلة إلى حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، في فلسطين والجولان العربي السوري المحتل، والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان.

كذلك أكد المجلس الوزاري التزامه التام بسيادة العراق، واستقلاله، ووحدة أراضيه، داعيا الحكومة العراقية القيام بمسؤولياتها لتعزيز وحدة العراق واستقراره وازدهاره، وتفعيل دوره في بناء جسور الثقة مع الدول المجاورة على أسس مبادئ حسن الجوار، وتناول المجلس الوضع في اليمن؛ حيث أدان التفجيرات الإرهابية الآثمة التي تعرض لها وأشاد بجهود الأجهزة الأمنية اليمنية التي كشفت عن شبكة تجسس خارجية تستهدف زعزعة أمن اليمن واستقراره، مرحبا بالقرارات والخطوات التي اتخذها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لإعادة هيكلة القوات المسلحة وإطلاق الحوار الوطني بين جميع القوى اليمنية تنفيذا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، كما أكد دعمه وترحيبه بمؤتمر المانحين لليمن، المقرر عقده في الرابع والخامس من سبتمبر (أيلول) 2012م، في الرياض، لدعم جهود التنمية والإعمار في اليمن، بينما كان الأمير عبد العزيز بن عبد الله تطرق في كلمته، إلى إسهامات المجلس في تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن، مشيرا إلى دعوة السعودية إلى عقد اجتماع للمجموعة الاستشارية في الرياض اليوم يتم من خلاله حشد الدعم المادي الذي تحتاج إليه اليمن حتى يساعد حكومة الوفاق الوطني على تحقيق الاستقرار، وتحريك عجلة الاقتصاد وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وقال، «أنا على ثقة بأن جميع دول المجلس سوف تشارك في مؤتمر المانحين بأعلى المستويات وتقديم الدعم المطلوب لمساعدة اليمن على الخروج من منحته. الذي هو أمن واستقرار دول المجلس».

وحول الأزمة في ميانمار، أعرب البيان الختامي عن إدانته واستنكاره لما يتعرض له المواطنون المسلمون من «الروهينغا» في ميانمار من حملة تطهير عرقي وأعمال وحشية وانتهاك لحقوق الإنسان لإجبارهم على ترك وطنهم، ودعا المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني الإقليمية والدولية إلى تحمل مسؤوليتها بهذا الشأن والحيلولة دون سقوط المزيد من الضحايا، وتقديم المساعدات الإنسانية.

كما تابع المجلس الوزاري التطورات الأخيرة في لبنان، وأكد حرصه على أهمية الحفاظ على أمن لبنان واستقراره وسيادته ووحدته. ودعا المجلس جميع الأطراف اللبنانية إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا، وتفويت الفرصة على محاولات العبث بأمن لبنان واستقراره وجره إلى أتون الأزمة السورية وتداعياتها.

من جهة ثانية بين الدكتور محمد أحمد الرشيد رئيس الهيئة الاستشارية لمجلس التعاون الخليجي خلال تصريحات صحافية أن «ما تم رفعه إلى وزراء الخارجية لمجلس التعاون يتعلق بإستراتيجية شاملة عن الشباب وزرع روح المواطنة لديهم بالإضافة إلى الجهود في محاربة الأمراض غير المعدية إلى جانب رفع مذكرة عن التوظيف وكيفية سياسة التوظيف في القطاع الخاص والحكومي في دول الأعضاء، ومقترح يتعلق بإنشاء هيئة طيران موحدة لدول الخليج».