لأول مرة في تاريخ التلفزيون المصري: مذيعات محجبات لقراءة نشرات الأخبار

قرار ينهي عقودا من التعسف والتمييز في عهد النظام السابق

فاطمة نبيل أول مذيعة محجبة تظهر على شاشة التلفزيون المصري
TT

صاحب ظهور أول قارئة نشرة أخبار محجبة على شاشة التلفزيون الرسمي في مصر أمس، ردود فعل واسعة ومتباينة، كونه حدثا فريدا في تاريخ الإعلام المصري يأتي عقب سنوات من المنع في عهد النظام السابق، وفي ظل السيطرة الحالية لجماعة الإخوان المسلمين على المشهد السياسي في البلاد.

وأطلت المذيعة فاطمة نبيل، أمس، على جمهور المشاهدين للقناة الأولى والفضائية المصرية بحجابها لتقديم نشرة أخبار الظهيرة، تنفيذا لقرار وزير الإعلام، صلاح عبد المقصود (المعروف بانتمائه للإخوان)، بالسماح للمحجبات بالظهور على شاشات التلفزيون، وهو ما كان محظورا في عهد الرئيس السابق حسني مبارك.

وتصدر ظهور أول مذيعة محجبة، اهتمام العديد من نشطاء موقعي التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، و«تويتر»، وكذلك رواد موقع «يوتيوب»، الذين تناقلوا مقطع فيديو لأول قراءة خبرية للمذيعة وطلتها غير المعتادة، إلى جانب مقطع آخر لزميلها المذيع المسيحي جورج رشاد وهو يقدم ويرحب بزميلته في تقديم النشرة، في أول عمل لها بقطاع الأخبار بالتلفزيون المصري. وما بين مؤيد ومعارض لظهور مذيعة محجبة انتشرت عشرات التعليقات على الموقعين تفاعلا مع الحدث، فهناك من رأى خطوة على طريق «أخونة» الدولة و«سلفنة» العقلية المصرية، بينما رأى كثيرون أن القرار يعد بمثابة استرداد الحق للمظلوم، بينما رأى فريق ثالث أنه بصرف النظر عن مظهر من يقدم الخبر فالمهم الشفافية والمصداقية في الخبر نفسه.

كما علق نشطاء سياسيون إلكترونيا على هذا الظهور. وقال النائب البرلماني السابق والقيادي بحزب الحضارة ذي التوجه الإسلامي، الدكتور حاتم عزام، عبر تغريدات بموقع «تويتر» إن «عودة المذيعات المحجبات للعمل أمام الشاشة، قرار ينهي عقودا من التعسف والتمييز ضد حقوق المحجبات في مجال الإعلام وكأنهن كن يعشن في فرنسا».

وشدد عزام على أنه لا يجب التمييز بين العاملين في أي وظيفة على أساس المظهر الخارجي أو الدين، فالكفاءة هي المعيار، مؤكدا أن أيام الرئيس السابق حسني مبارك كان المحجبات مضطهدات بالتلفزيون. ووصف عضو المكتب السياسي لحزب المصريين الأحرار والمتحدث الرسمي للحزب (الليبرالي)، أحمد خيري، ظهور المذيعات المحجبات بالأمر المنطقي والطبيعي، وأنه حق للمحجبة أن تكون مذيعة بالتلفزيون المصري، لافتا إلى أنه لا يجب تضخيم الأمر وتصويره على أساس أنه إنجاز، مبينا أنه حق وعاد لأصحابه فقط.

من جانبه، قال الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»: «هناك العديد من الأدلة والقرائن على أن جماعة الإخوان المسلمين تحاول تطويع المجال الإعلامي في مصر لمصلحتها؛ لكن ظهور أول قارئة نشرة محجبة في التلفزيون المملوك للدولة ليس من بين هذه القرائن، فالقرار يعد تصحيحا لخطأ استمر عقودا طويلة، فعدد كبير من المصريات محجبات في المجال العام وبالتالي فمن المنطقي أن تكون هناك مذيعات محجبات».

وأضاف عبد العزيز: «لكن ما سيدعو للقلق هو الإيعاز إلى المذيعات بارتداء الحجاب أو تفضيل المحجبات في الظهور على غيرهن، وهو أمر لم يظهر حتى هذه اللحظة»، واستطرد: «كما توجد إشكالية صغيرة في ظهور المذيعة المحجبة في قراءة الأخبار أو تقديم البرامج الإخبارية التي تعالج قضايا خلافية، فيجب أن تكون معالجاتها بعيدة تماما عن التأثير السياسي للحجاب، فإذا تم حسم هذه النقطة نصبح بصدد حرية فردية للمذيعة ومسألة شكلية لا تؤثر في المحتوى».

يذكر أن الفترة المقبلة سوف تشهد انضمام عدد آخر من المذيعات المحجبات، وهن نرمين البيطار على القناة الأولى، وسارة الشناوي وهي مذيعة بالنشرة الجوية، إضافة إلى مذيعة أخرى بقناة النيل الإخبارية، وذلك وفق بيان صدر عن التلفزيون المصري صباح أمس.

إلى ذلك، قال وزير الإعلام في تصريحات تلفزيونية أول من أمس، إنه تم الاتفاق على ظهور المذيعات المحجبات في النشرات الإخبارية بطريقة لبس موحدة في ارتداء الحجاب، موضحا أن قرار ظهورهن جاء تأكيدًا لروح ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، مضيفا: «الواجب الدستوري والقانوني أن أرد لكل مظلوم حقه داخل مبنى ماسبيرو».