القذائف السورية تطال قرية مسيحية في شمال لبنان للمرة الأولى

حزب الله اتهم «14آذار» بتسهيل وجود قواعد عسكرية تنطلق منها الهجمات ضد المواقع السورية

TT

في أول حادثة من نوعها منذ انطلاق الثورة السورية، تعرضت قرية منجز ذات الأغلبية المسيحية المتاخمة للحدود اللبنانية السورية لقصف من الجانب السوري، ليل أول من أمس، تسبب بنزوح عدد كبير من السكان.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام بسقوط «عدد كبير من القذائف من الجانب السوري على القرى والبلدات الحدودية المحاذية للنهر الكبير، وتحديدا منجز والنورة وخراج بلدات الكواشرة، ونتج عن ذلك حركة نزوح كبيرة للسكان الذين قصدوا أماكن أكثر أمانا».

وذكرت الوكالة أن «القصف تركز في بلدة منجز في محيط دير سيدة القلعة التابع للرهبنة اللبنانية المارونية»، مضيفة أن «الأهالي ناشدوا كبار المسؤولين العمل على حمايتهم من الاعتداءات السورية والانتهاكات للسيادة اللبنانية».

وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن القصف بدأ في منتصف الليل، مستهدفا خمس بلدات حدودية محاذية للنهر الكبير، مؤكدة «سقوط عدد من القذائف في منطقة منجز ذات الأغلبية المسيحية، لأول مرة منذ انطلاق الثورة السورية». وتابعت أن الجيش اللبناني «نفذ انتشارا كثيفا على الفور في المنطقة، ما بعث بالاطمئنان وخفف من حركة النزوح الكبيرة التي شهدتها المنطقة ليلا باتجاه مناطق أكثر أمنا في العمق اللبناني».

ونفت المصادر معلومات جرى تداولها عن احتماء جماعات مسلحة بقرية منجز، ما تسبب بقصفها. وتساءلت المصادر: «كيف يمكن للمسلحين أن يدخلوا القرية التي توجد في قلبها نقطة ثابتة للجيش اللبناني؟»، وأكدت أن هذه القرية «لم تشهد وجودا مسلحا للثوار السوريين بتاتا منذ انطلاق الثورة السورية».

وتعرضت خمس قرى عكارية ليل أول من أمس لقصف من الجانب السوري، استخدمت فيه القذائف المدفعية والمدافع الرشاشة. وقالت المصادر إن القصف استهدف المناطق المحاذية للحدود المتاخمة للنهر الكبير في حالات والنورة والكواشرة والديكات، «رغم انتشار الجيش اللبناني على طول الحدود».

وفي حين ذكر التلفزيون السوري أنه «تم إحباط محاولة تسلل من الأراضي اللبنانية إلى سوريا بريف تلكلخ»، نفت المصادر الميدانية تلك المزاعم، معتبرة أنها «ادعاءات كاذبة يتذرع بها النظام السوري لتغطية استهدافه لحدود لبنان الشمالية».

وأكدت المصادر أن «منطقة تلكلخ محاصرة بالكامل، وباتت أرضا محروقة، وتشهد انتشارا كثيفا للقوى الأمنية السورية، ما يجعل التسلل إلى المنطقة مستحيلا»، مشيرة إلى أن هذه المدينة «خلت من جميع سكانها الذين نزح معظمهم إلى منطقة وادي خالد اللبنانية». وتساءلت المصادر: «كيف يمكن للمقاتلين التسلل عبر الحدود اللبنانية التي تنتشر على الجانب اللبناني منها عناصر لخمسة أجهزة أمنية لبنانية هي الجيش اللبناني، ومخابرات الجيش، والأمن العام، وأمن الدولة وفرع المعلومات، بينما تنتشر العناصر السورية النظامية على طول الحدود في المنطقة المحاذية للنهر الكبير».

وكانت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) ذكرت أن «وحدة من قواتنا المسلحة الباسلة تصدت لمحاولة تسلل مجموعة إرهابية مسلحة من الأراضي اللبنانية إلى سوريا بالقرب من قرية عزير بريف تلكلخ في حمص».

ونقل مراسل «سانا» عن مصدر بالمحافظة قوله «إن عشرات الإرهابيين المرتزقة حاولوا التسلل إلى الأراضي السورية بالقرب من القرية المذكورة مقبلين من وادي نبع جعلوك اللبناني، وكانت لهم قواتنا المسلحة بالمرصاد، وأوقعت إصابات مباشرة في صفوفهم وأجبرت بقيتهم على التراجع والفرار إلى داخل الأراضي اللبنانية».

سياسيا، توالت ردود الأفعال على الاستهداف اليومي للحدود اللبنانية من الجانب السوري. ولفت عضو كتلة «الكتائب» سامر سعادة في كلمة ألقاها باسم رئيس حزب «الكتائب» أمين الجميل إلى أن «القنابل والقذائف تسقط كل يوم على قرانا وبلداتنا الحدودية والحكومة غائبة، وهناك وزير في هذه الحكومة متهم بالتهريب»، مؤكدا أننا «قاتلنا كي لا تبقى سوريا في لبنان وكي لا تهان كرامتنا كل يوم». وأكد سعادة «إننا نعيش يوميا الذل والإذلال لكننا لن نرضى السكوت عن ذلك، وهذا وعد وهذه الحكومة الجبانة التي لا تدافع عن كرامة اللبنانيين لن نسكت عن أدائها بعد اليوم».

في المقابل، اتهم حزب الله قوى 14 آذار بـ«تسهيل وجود قواعد عسكرية تنطلق منها الهجمات العسكرية ضد المواقع السورية».

ورأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق، خلال احتفال أقيم لتكريم الطلاب الناجحين في الشهادات الرسمية في بلدة الريحان في جنوب لبنان، أنه «لو كان فريق 14 آذار حريصا على شعاره (لبنان أولا) لما كان ورط لبنان بأتون النار المشتعلة في سوريا»، مؤكدا «وجود قواعد عسكرية تنطلق منها الهجمات العسكرية ضد المواقع السورية بتغطية وتسهيل من قيادات 14 آذار وامتدادات 14 آذار في المواقع الأمنية وإدارات الدولة». ولفت إلى أن «هناك أجهزة أمنية رسمية تسهل عمل المسلحين من لبنان لاستهداف سوريا، والمستقبل سيثبت أن قوى 14 آذار تتحمل كامل مسؤولية تداعيات هذا التورط باستهداف سوريا».

ورأى قاووق أن الحرب في سوريا «لا تتصل أبدا بأبعاد داخلية»، معتبرا أن «الأزمة في سوريا حرب تحدد معالم المنطقة والحرب المقبلة مع إسرائيل»، زاعما أن «هناك قوى عربية ارتضت أن تكون أداة لمشروع أميركي لإضعاف سوريا بالتمويل والتسليح والتحريض الإعلامي والسياسي وتعمل على تعميق الجراح السورية».

وإذ أدان «أي مجزرة بحق المدنيين الأبرياء مهما كان الفاعل»، لفت قاووق إلى أن «المسألة في سوريا أن جهات عسكرية تستهدف الجيش السوري، وهذه الحرب تمول بمال النفط العربي وبإدارة أميركية»، مشيرا إلى أنه «إذا كانوا يريدون الديمقراطية في سوريا فإن أكثرية الشعب السوري تؤيد النظام وهذا سبب يمنع محور أعداء سوريا من السير بالمسار السياسي لأنهم يعلمون مسبقا أن الشعب يؤيد النظام».