باكستان تعتقل إمام مسجد متهما بالتلفيق

على خلفية قضية تجديف لفتاة مسيحية

TT

اعتقلت الشرطة الباكستانية الإمام الذي يقف وراء شكوى الشكوى على فتاة مسيحية متهمة بالإساءة للإسلام، لدوره في تزوير وثائق اتهامية في تطور مثير في القضية التي تثير اهتماما حتى في الغرب.

وريمشا فتاة أمية تبلغ من العمر نحو 14 عاما وتقيم في حي مهرباد الفقير في ضواحي إسلام آباد. وهي موقوفة منذ أكثر من أسبوعين بعدما اتهمها جيرانها بإحراق أوراق تحتوي على آيات من القرآن، وهي جريمة يعاقب عليها القانون الباكستاني بالسجن مدى الحياة.

وبعدما علم بادعاءات حول الفتاة، قام الإمام بتعبئة أتباعه ومارس ضغوطا على الشرطة لتوقيفها. واحتلت القضية بسرعة عناوين الصحف في باكستان وعبرت عدة دول بينها الولايات المتحدة وفرنسا والفاتيكان عن تأثرها بها.

لكن شهادات جديدة تشير إلى أن القضية مفبركة من قبل الإمام حافظ محمد خالد شيشتي من أجل إدانة الفتاة.

وقال المحقق في الشرطة منير حسين الجفري لوكالة الصحافة الفرنسية إن الإمام حافظ محمد خالد شيشتي «أوقف بعدما أكد مساعده مولوي زبير وشخصان آخران للقضاء أنه وضع صفحات من المصحف على الأوراق المحترقة التي جلبها له شاهد». وقالت الشرطة إن مساعد الإمام والشهود توسلوا إليه بألا يقدم أدلة مزورة. وأوضح الجفري أن الإمام شيشتي قال: «إنها الطريقة الوحيدة لطرد المسيحيين من هذا الحي».

وتابع: «بوضعه صفحات (من المصحف) على رماد قام بتدنيس القرآن وهو بذلك أصبح متهما أيضا بالإساءة إلى الإسلام».

وتدهورت العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في حي مهرباد الشعبي في الأشهر الأخيرة بسبب خلافات ثقافية وعقارية.

وأخذ مسلمون على مسيحيين أنهم يعزفون الموسيقى التي تسمع في الحي في أوقات الصلاة في بعض الأحيان. كما أنهم يريدون استعادة أراض يقيم عليها مسيحيون كما ذكر شهود عيان.

وكان شيشتي صرح أنهم «ارتكبوا هذه الجريمة (التي تتهم بها ريمشا) لاستفزازنا أكثر. كل هذا حصل لأننا لم نوقف مبكرا نشاطاتهم المعادية للمسلمين».

وأمرت محكمة في إسلام آباد أمس بتوقيف شيشتي لأسبوعين، وذلك خلال جلسة جرت وسط إجراءات أمنية مشددة.

وقال راو عبد الرحيم محامي المتهم أن الاتهامات باستخدام وثائق مزورة وبالإساءة للإسلام تهدف إلى «تخريب» ملفنا ضد ريمشا. واتهم السلطات بفبركة هذه الرواية الجديدة للوقائع.

وكان قاض باكستاني أرجأ أول من أمس إلى الاثنين جلسة مخصصة للإفراج المشروط عن ريمشا وطلب من الشرطة التحقيق في صلاحية طلب إطلاق سراحها بشروط لأنه لم يوقع من قبل الفتاة أو والدتها كما يشترط القانون.

وتفرض باكستان عقوبة الإعدام على الذين يوجهون إهانات إلى النبي محمد والسجن مدى الحياة على من يحرق مصحفا. وأصبح هذا القانون موضوعا متفجرا إذ يؤيده الإسلاميون المتشددون ويعارضه الليبراليون. وقد امتنعت الحكومة عن تعديله رغم ضغوط الأسرة الدولية.

والمثير للدهشة أن مجلس علماء باكستان الهيئة التي تضم عشرات الجمعيات المسلمة وبعضها متشددة، طلبت تحقيقا «موضوعيا وعميقا» في قضية ريمشا وفرض «إجراءات صارمة» على متهميها إذا تبين أنها ادعاءات كاذبة.

وتعكس دعوة علماء الدين وتوقيف الإمام رغبة في التهدئة من قبل السلطات في هذه القضية البالغة الحساسية في باكستان التي تعد 180 مليون نسمة بينهم غالبية من المسلمين وأقلية مسيحية.