النظام يقصف مباني للنازحين في حلب.. ويلجأ لـ«العقاب الجماعي للسكان»

ناشطون: المجازر تتوالى.. والطيران يستخدم براميل نفطية متفجرة

سوريون يتفقدون مباني دمرها القصف الجوي للنظام السوري شمال حلب (أ.ف.ب)
TT

أكدت عدة مصادر سورية معارضة ومستقلة أمس أن النظام السوري بدأ في اللجوء إلى سياسة «العقاب الجماعي للسكان».. وفي الوقت الذي تحدث فيه المركز الإعلامي السوري أمس عن مقتل أكثر من 100 شخص «في مذبحة جديدة نفذها جيش النظام في بلدة حزة بريف دمشق»، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «18 مواطنا على الأقل بينهم نساء وأطفال قتلوا إثر القصف الذي تعرض له مبنى في مدينة الباب»، بينما هدمت جرافات تابعة للجيش السوري منازل في غرب دمشق، فيما وصفها ناشطون بأنها أول حملة للعقاب الجماعي تستهدف ممتلكات المواطنين في مناطق معادية للرئيس بشار الأسد بالعاصمة.

وذكر اتحاد تنسيقيات الثورة السورية أن «قوات الجيش النظامي وشبيحته ارتكبت مجزرة مروّعة في مدينة حزّة بريف دمشق راح ضحيّتها ما يزيد عن 100 قتيل»، وبثّ ناشطون شريط فيديو أظهر عشرات الجثث في شوارع المدينة التي قال ناشطون إنها تتعرض لعملية حصار خانق ما يمنع الدخول إليها للحصول على مزيد من التفاصيل.

وبالتزامن، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «18 مواطنا على الأقل بينهم نساء وأطفال استشهدوا إثر القصف الذي تعرض له مبنى في مدينة الباب». وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن «القتلى هم عشرة رجال وست نساء وطفلان»، مشيرا إلى أنهم «سقطوا في قصف لمقاتلة على مبنى لجأوا إليه». وقال سكان إن «طائرة حربية حلقت فوق المدينة ليلا قبل أن تعود في الساعة السادسة لإلقاء قنابل على محلات تجارية ومنزلين». وصرح رجل مصاب بشظايا في مشفى قرب حلب: «كنا نائمين في المنزل عندما انفجرت القنبلة الأولى. ركضت إلى الباب فأصبت في الانفجار الثاني»، مضيفا: «والدي ووالدتي وأختي قتلوا، بينما تمدد قربي اثنان من أشقائي أحدهما فتى والثاني رضيع».. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أنه «تم نقل عشر جثث إلى مستشفى مدني في حلب التي تشهد اشتباكات بين الجيش السوري والمعارضين المسلحين منذ ستة أسابيع».

وبينما أكّد ناشطون أن الجيش الحر أكمل سيطرته على حي العامرية وسط حلب، حيث الاشتباكات العنيفة لا تزال مستمرة على أطراف الحي، قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» إن «قواتنا المسلحة الباسلة واصلت ملاحقة الإرهابيين وكبدتهم خسائر فادحة»، متحدثة عن «مصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر وتدمير شاحنات صغيرة مجهزة بأسلحة ثقيلة في كفر الحمرا عند المدخل الشمالي لحلب».

بدوره، تحدث محمد الحلبي الناطق باسم التنسيقيات في حلب عن استخدام النظام لبراميل نفطية متفجرة تلقى من طائرات حربية تتسبب بدمار هائل، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «عدد شهداء أمس فاق الـ55، بينهم 15 في حي الميسر و30 في مدينة الباب».

وأوضح الحلبي أن الاشتباكات بين عناصر الجيش الحر وقوات الأمن لا تزال مستمرة وهي تترافق مع قصف عنيف وبالتحديد في أحياء صلاح الدين، سيف الدولة، الإذاعة، السكري، مشيرا إلى أن قوات النظام حاولت أمس اقتحام حي بستان الباشا من الجهة الشرقية لكنّها فشلت.

ولفت الحلبي إلى وصول عدد النازحين في داخل حلب إلى ما يفوق الـ750 ألفا بدأوا يئنون من أزمة مقبلة لا محالة مع اقتراب فصل الشتاء، وقال: «معظم هؤلاء يفترشون الشوارع والحدائق والمدارس، علما أن العام الدراسي علة وشك الانطلاق وسكان حلب لا يعلمون ما سيكون مصير أولادهم»، مشددا على وجوب أن يلتفت المجتمع الدولي للأزمة التي يعيشها لاجئو الداخل الذين يعانون أكثر من اللاجئين الذي نظموا أمورهم في الدول المجاورة.

وفي دمشق، أفاد ناشطون بمقتل 16 شخصا في حي القابون بإعدامهم ميدانيا على أيدي عناصر الأمن السوري. وقال مجلس قيادة الثورة في دمشق إنه جرى قصف حي التضامن صباح يوم أمس بمدافع الهاون. كما تعرض حيا العسالي والحجر الأسود للقصف من قبل القوات النظامية، مما أسفر عن وفاة رجل وزوجته وإصابة طفلتهما في حي الحجر الأسود. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن القوات النظامية نفذت حملة مداهمات واعتقالات في حي ركن الدين بدمشق.

وفي وقت لاحق، هدمت جرافات تابعة للجيش السوري منازل في غرب دمشق، فيما وصفها ناشطون بأنها أول حملة للعقاب الجماعي تستهدف ممتلكات المواطنين في مناطق معادية للأسد بالعاصمة. وذكر ناشطون وسكان أن جرافات مدعومة بقوات قتالية هدمت مباني في منطقة الطواحين الفقيرة قرب طريق دمشق - بيروت السريع.

وقالت امرأة تعيش في مبنى شاهق يطل على المنطقة لـ«رويترز»: «بدأوا قبل نحو ثلاث ساعات. الجرافات تهدم المتاجر والمنازل. والسكان في الشوارع». وأفاد ناشطون بأن القوات النظامية أجبرت السكان على إزالة الكتابات المناوئة للأسد على الجدران وكتابة شعارات تمجد الرئيس بدلا منها.

وقال معاذ الشامي، وهو ناشط يعمل على توثيق عمليات الهدم بالفيديو: «هذا عقاب جماعي لم تسبقه أي أعمال استفزازية. المعارضون المسلحون غادروا ولم تعد هناك حتى مظاهرات في المنطقة». وأضاف «لا يستطيع النظام أن يمنع نفسه من تكرار الأعمال الوحشية التي ارتكبت في الثمانينات».

وتحدث ناشطون أيضا عن هدم أو حرق 200 منزل ومتجر على الأقل في الجزء القديم من مدينة درعا في جنوب سوريا خلال الأيام القليلة الماضية. وتسبب قصف الجيش النظامي في خلو المنطقة من السكان إلى حد كبير، حيث دفع 40 ألف شخص إلى الفرار إلى الأردن. وقال الناشط المعارض رامي السيد «هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها حملة ممنهجة لهدم المنازل والمتاجر باستخدام وسائل مباشرة مثل الجرافات، والتي يبدو أنها تركز على دمشق وضواحيها».