أعرب مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الجديد إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي عن اعتقاده بأن المساعي الدبلوماسية لإنهاء الصراع في سوريا «شبه مستحيلة»، وأن الجهود التي تبذل حاليا غير كافية لإنهاء القتال.
وقال الإبراهيمي، في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية «بي. بي. سي»: «أعلم مدى صعوبة الموقف، وكيف أن المهمة شبه مستحيلة»، وأضاف «لا يمكن القول إن المهمة مستحيلة بل هي شبه مستحيلة، أنا قلق من عبء المسؤولية وأدرك أن الجهود المبذولة غير كافية لإنهاء العنف من خلال الدبلوماسية». وتابع: «الناس يقولون فعلا الناس يموتون وماذا تفعلون أنتم؟ ونحن لا نفعل الكثير، وهذا في حد ذاته عبء كبير». مشيرا إلى أنه يشعر وكأنه يقف أمام جدار من الطوب باحثا عن شقوق ربما تسفر عن وجود حل. وختم الإبراهيمي «أتولى هذه المهمة وعيناي مفتوحتان مع عدم وجود أي أوهام».
وشكّل موقف المبعوث العربي والدولي صدمة لكل المهتمين بالشأن السوري، فوصف رئيس المجلس الوطني السوري السابق برهان غليون تصريح الإبراهيمي بأنه «موقف رجل نزيه، وهو منذ تعيينه لهذه المهمة قال إن ليس لديه أفكار مسبقة ولا يعرف ما إذا ستكون مهمته معقدة». ورأى غليون في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الإبراهيمي «اكتشف أن الوضع أصعب مما كان يعتقد، وأن النظام يوغل بالحل الأمني».
وأوضح غليون: «عندما يتحدث (وزير الخارجية السوري) وليد المعلم بأن الحوار غير ممكن قبل تطهير البلاد من آخر إرهابي، أي يريد القضاء على كل الشعب السوري، وهذا الكلام يجعل الوسيط الدولي يتردد ألف مرة قبل بدء مهمته». ولفت إلى أن «النظام السوري يستعمل اليوم كل الوسائل ولا يتورع عن تدمير البيوت، ولذلك فإن الحديث عن حلول دبلوماسية هو مجرد أوهام». وأضاف «ما يقوله الإبراهيمي يؤكد بأن ما قلناه بأن أي وساطة لن تنجح ما لم يقم مجلس الأمن الدولي الآن بفرض إجراءات بالقوة على (الرئيس السوري بشار) الأسد لوقف القتل والعنف، فإذا فرضت مناطق حظر جوي، عندها يصبح لمهمة الإبراهيمي حظ في النجاح». مؤكدا أن «مهمة الأمم المتحدة، سواء تلك التي تولاها كوفي أنان أو تلك التي أوكلت إلى الإبراهيمي، قائمة على إيجاد انتقال سلمي للسلطة وإقناع الأسد بالتنحي أو الاستقالة ونقل البلاد إلى الحكم الديمقراطي، ونحن نريد أن يكون الإبراهيمي شاهدا على عرقلة النظام لأي إمكانية لحل سياسي في سوريا». إلى ذلك أعلن ضابط قيادي في الجيش السوري الحر، أنه يوافق الأخضر الإبراهيمي على أن مهمته مستحيلة في سوريا، وأكد الضابط الكبير الذي رفض ذكر اسمه، أن المبعوث الدولي «محق في استحالة نجاح مهمته». وقال: «بات معلوما أن بشار الأسد مصرّ على البقاء على الكرسي على دماء كل الشعب السوري، في حين أن الشعب مصر على زوال الأسد حتى آخر مسؤول أو شخص في نظامه وزمرته مهما كلّفه ذلك من دماء وتضحيات، وبالتالي لا مكان للحل الرمادي، فإما ينجح رهان الأسد وإما خيار الشعب». جازما بأن «الحل الدبلوماسي لا مكان له في الأزمة السورية، إذا كان يراهن على حلول تبقي الأسد ونظامه في الحكم لأن الشعب حسم خياره الذي لا رجعة عنه».
ويأتي ذلك في الوقت الذي دعا فيه وزير الإعلام السوري عمران الزعبي المعارضين السوريين إلى «الحوار والظهور على التلفزيون الرسمي السوري»، لكنه استطرد قائلا «نحن نقصد المعارضة الوطنية التي ترفض التدخل الخارجي بما يعني ذلك التسلح ورفض حضور الجيوش الأجنبية، وهذا أمر بديهي». واعتبر أن «رفض التدخل الخارجي هو الحد الأدنى من الوطنية، نحن نرحب بالمعارضة الوطنية التي ترفض إدخال السلاح واستعماله، وترفض التعرض للجيش السوري، ولا تتلقى أوامر خارجية، والتي لا يُملي عليها وزراء خارجية قطر أو فرنسا أو تركيا أو غيرهم ما تفعل». واصفا معارضة الخارج بأنها «أعداد وأرقام تابعة لأجندات خارجية، وهي تحمل بصمات الموساد الإسرائيلي»، متسائلا «هل هناك معارضة وطنية تحتفل بإحراق مبانٍ عامة وتدلي بتصريحات؟».
وقال الزعبي، في لقاء مفتوح عقده يوم أمس مع ممثلي ومراسلي وكالات الأنباء ووسائل الإعلام المعتمدين في دمشق؛ فما يخص السيادة الوطنية، «ليس هناك خطوط حمراء، وإذا مسها أحد سنرد عليه ونقطع يده وسيدفع ثمنا غاليا.. فما يطرح من مناطق عازلة آمنة هو عدوان على الأرض السورية».
وفي الوقت ذاته أشار الزعبي إلى أن «أي مبادرة تساعد سوريا على الخروج من المؤامرة التي تتعرض لها، سنتعامل معها بشكل إيجابي على أن لا تمس السيادة الوطنية». معلنا استعداد النظام تقديم «أقصى حدود المساعدة» لمبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، وقال إنه سيتم العمل «كي لا تصل مهمته إلى حائط مسدود كما وصلت إليه مهمة سلفه كوفي أنان بسبب عدم استجابة الأطراف الخارجية له»، مؤكدا «قدمنا لأنان كل سبل المساعدة، وهذا ما سنفعله مع الإبراهيمي».