رئيس وزراء الجزائر الجديد: بلادنا تواجه تحديات لا تبشر دائما بالخير

تعيين سلال يعتبر باكورة توافق بين رئاسة الجمهورية والأجهزة الأمنية

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يلعب كرة قدم الطاولة مع عبد المالك سلال رئيس الوزراء الجديد أيام كان وزيرا للنقل في فبراير 2004 (رويترز)
TT

ناشد رئيس الوزراء الجزائري الجديد، عبد المالك سلال، الجزائريين أن يضعوا فيه ثقتهم، وأن يمنحوه الفرصة لمواصلة العمل، مشيرا إلى أنه من جانبه يؤكد لهم أنه سيعمل كل ما في وسعه ليكون في مستوى ثقتهم وثقة رئيس الجمهورية.

وقال سلال أمس للصحافة بمناسبة تسلم مهامه رسميا كرئيس للوزراء خلفا لأحمد أويحيى، إنه «يعاهد كل المواطنين مثلما عاهدت رئيس الجمهورية، بأننا سنعمل بكل نية وإخلاص لمصلحة الشعب والوطن، لأن الجزائر قادرة على إعطاء الكثير لأبنائها، وهو الأمر الذي كلفني به رئيس الجمهورية».

وأوضح سلال أنه «يولي أهمية لتطوير قدراتنا الإنتاجية في جميع المجالات الاقتصادية بالإضافة إلى تحسين الخدمات العمومية والاجتماعية بصفة عامة، حتى نحظى بثقة المواطنات والمواطنين»، مشيرا إلى أن ذلك «هو الهدف الأسمى الذي سنعمل على تحقيقه جميعا».

وأضاف سلال أن الجزائر «تتوفر على إمكانيات هائلة لمواجهة التحديات التي تفرضها التطورات الاقتصادية الدولية، وهي تطورات لا تبشر دائما بالخير». ودعا إلى «ضرورة توخي الحيطة والحذر، حتى نكون في مستوى هذه التحديات بفضل قدرات شعبنا وشبابنا بصفة خاصة».

ويعتبر تعيين سلال في المنصب الجديد بمثابة باكورة توافق بين الرئاسة والأجهزة الأمنية التي تعود لها الكلمة الفاصلة في القرارات الكبيرة.

ووصف سلال المهمة التي عهدها له الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بأنها «تكليف كبير أتمنى أن يوفقني الله في أدائها». وأضاف: «هناك وثيقة عمل لمواصلة كل التطورات التي لا بد أن تعرفها الجزائر، لا سيما ما تعلق بالإصلاحات». وأضاف أن ما ينتظره في المستقبل القريب، هو تحضير الانتخابات البلدية التي ستجرى في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وتعديل الدستور الذي تعهد به بوتفليقة، والذي يرتقب أن يغير شكل نظام الحكم من رئاسي بصلاحيات كبيرة إلى برلماني يعود فيه للأغلبية الحق في تشكيل الحكومة.

وتحدث سلال في تصريحاته عن «عمل كبير ينتظرنا ولكن هدفنا الأول والأسمى هو مواصلة إنجاز برنامج رئيس الجمهورية في الميدان، علاوة على ضرورة إعطاء نفس جديد فيما يتعلق بتطوير الاقتصاد الوطني». وأضاف من يوصف بأنه رجل ثقة الرئيس: «لقد سبق لي أن تقلدت عدة مناصب، وأعتقد أنه سواء تعلق الأمر بمنصب رئيس الدائرة، أو منصب الوزير الأول، فإن المهم هو أن نضع اليد في اليد، وأن نعمل بكل نية وإخلاص، حتى نحقق الهدف الذي نصبو إليه جميعا».

وحول سؤال يتعلق بـ«متى سيعلن عن الطاقم الحكومي الجديد؟» قال سلال إن ذلك سيتم قريبا «وتأكدوا أننا سنقوم بالعمل اللازم في هذا المجال، لنسمح للحكومة بالشروع في عملها، لأنه لم يعد لدينا الوقت لمواجهة المشاكل المطروحة». وقال: إنه يعتزم «مواصلة العمل الذي قامت به حكومة أويحيى»، معتبرا «برنامج رئيس الجمهورية هو برنامج واحد وهدفنا هو مواصلة إنجاحه، وإنني على يقين بأن الطاقم الحكومي الجديد سينجح في هذه المهمة».

وأعلن بيان لرئاسة الجمهورية أول من أمس أن بوتفليقة عين وزير الموارد المائية رئيسا للوزراء. وأنه أنهى مهام أويحيى الذي قاد الحكومة منذ مايو (أيار) 2008.

وكانت هذه الخطوة مرتقبة، ويراها قطاع من الجزائريين متأخرة بدعوى أن الرئيس كان يفترض أن يبادر بالتغيير الحكومي مباشرة بعد الإعلان عن نتائج انتخابات البرلمان، التي جرت في العاشر من مايو الماضي. وترقب قطاع من المراقبين أن تعود رئاسة الوزراء إلى الحزب صاحب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني». لكن الدستور لا يلزم الرئيس بذلك.

وشغل سلال، 64 سنة، عدة مناصب حكومية، أهمها وزير الموارد المائية ووزير النقل بالنيابة. وتولى وزارات الداخلية والجماعات المحلية (البلديات)، والشباب والرياضة والأشغال العمومية. وعمل سلال في السلك الدبلوماسي كسفير للجزائر في المجر. وقبلها كان واليا في بومرداس (شرق) وأدرار (جنوب) وسيدي بلعباس ووهران والأغواط (غرب). وكان سلال مديرا للحملة الانتخابية لبوتفليقة خلال انتخابات الرئاسة لعام 2004 وعام 2009.

ومارس سلال وظائف أقل أهمية، منها مستشار فني ورئيس ديوان ولاية قالمة ورئيس ديوان بوزارة الخارجية، ومستشار بوزارة التربية الوطنية.

والشائع أن سلال شخصية محسوبة على الرئيس بوتفليقة، بحكم أنه قاد حملته الانتخابية مرتين. لكن من يعرفون الرجل جيدا، يقولون: إنه مقرب مما يعرف بـ«المربع الضيق في السلطة الذي يصنع الرؤساء والمسؤولين الكبار في الدولة»، أي قادة الجيش والمخابرات. وهو بهذا الوصف أقرب مدني إلى القوى النافذة في أجهزة الأمن. ويرجح أن اختياره رئيسا للوزراء، كان باكورة توافق بين الرئاسة والأجهزة الأمنية. وقد تم تداول اسمه لهذا المنصب كلما جرى طرح تغيير الحكومة، لذلك لم يستبعد المراقبون تعيينه في المنصب.

وتداولت الأوساط السياسية والإعلامية أمس، عدة أسماء مرشحة للعضوية في الطاقم الحكومي المرتقب. من بينها أحمد أويحيى، وزيرا للخارجية، وعمارة بن يونس، رئيس حزب «الحركة الشعبية الجزائرية»، وزيرا للصحة خلفا لجمال ولد عباس. والأخضر رخروخ، رئيس مجموعة «كوسيدار» للأشغال العمومية، وزيرا للأشغال العمومية، ومحمد عبدو بودربالة، مدير الجمارك، وزيرا للتجارة.

واللافت، حسب هذه الأخبار، رحيل وزير التربية أبو بكر بن بوزيد، وهو عميد الوزراء إذ دخل الحكومة قبل 20 عاما تقريبا. أما الشيء الأكيد هو أن ثلاثة وزراء ينتمون للحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، لن يكونوا في الطاقم الحكومي الجديد بناء على طلب رفعته قيادة الحزب إلى الرئاسة، بحجة أن السلطة «زورت الانتخابات البرلمانية لمصلحة أحزابها». واستقال رابع وزراء الحزب منه، بسبب هذا القرار ويرجح أن يحتفظ بوتفليقة به في الطاقم الجديد.