المستوطنون يهاجمون ديرا في القدس.. وقسم الجرائم الدولية الإسرائيلي يحقق

الرئاسة الفلسطينية تحمل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية رعاية وحصانة الإرهاب

TT

لم تعد الحرب المفتوحة التي يشنها المستوطنون على الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، تستثني أحدا، وطالت أمس ديرا مسيحيا على أطراف القدس المحتلة، في حدث قد يسبب كثيرا من الإحراج للحكومة الإسرائيلية.

وهاجم مستوطنون يعتقد أنهم ينتمون إلى منظمة «تدفيع الثمن» المتطرفة، دير اللطرون في القدس فجر أمس، وكتبوا شعارات ضد المسيحية وأشعلوا النيران في مدخل الدير حيث استطاعوا الوصول. وخط المستوطنون أسماء مستوطناتهم التي جاءوا منها كما يبدو «ماعوز إستر»، و«رمات ميغرون»، وهاجموا السيد المسيح عليه السلام ونعتوه بأوصاف مختلفة ودعوا إلى موت المسيحية، قبل أن يصل ممثلو الدير ويقوموا بالاتصال بالشرطة الإسرائيلية التي قالت إنها فتحت تحقيقا فوريا على الفور وإنها ستبذل كل جهد مستطاع لجلب الفاعلين إلى العدالة. وقررت الشرطة بعد ساعات قليلة من العمل، نقل التحقيق في الحادث إلى الوحدة القطرية للتحقيق في الجرائم الدولية، بناء على أوامر من رئيس قسم التحقيقات في الشرطة الميجور جنرال يؤاف سيغالوفيتش.

وتقدر الشرطة الإسرائيلية أن الهجوم جاء ردا على إخلاء بؤرة ميغرون المقامة على أراضي المواطنين في رام الله. وعقب المتطرف اليميني باروخ مارزيل: «لقد قلنا مرارا إن إخلاء ميغرون سوف يشعل النار».

وهذا ليس أول هجوم من نوعه على ممتلكات مسيحية، لكنه يضاف إلى هجمات سابقة قليلة تسبب حرجا لإسرائيل أكثر من غيرها.

وقالت مصادر إسرائيلية إن مثل هذه الممارسات بحق الأماكن المقدسة المسيحية ستقود إلى موجة انتقادات دولية لإسرائيل في العالم الغربي، وأضافت: «لا بد من ملاحقة الفاعلين ومحاكمتهم حتى لا تظهر إسرائيل على أنها الدولة التي ترعى الإرهاب اليهودي أمام الغرب».

وقالت رئيسة حزب العمل، شيلي يحيموفيتش إن «مرتكبي هذه الفعلة أقلية متطرفة لا تمثل المجتمع الإسرائيلي ولا حتى المستوطنين». وأضافت: «إنه عمل بلطجي وعنصري».

أما الرئاسة الفلسطينية، فأدانت بشدة إقدام المستوطنين على إحراق جزء من دير اللطرون بمنطقة القدس المحتلة، واصفة في بيان ما جرى بـ«العمل الإجرامي والخطير». وقالت الرئاسة إنه «عمل إجرامي يخلق أجواء من الكراهية والحقد».

وحملت الرئاسة، الحكومة الإسرائيلية مسؤولية «استمرار اعتداءات المستوطنين ضد شعبنا وممتلكاته ومقدساته»، مطالبة المجتمع الدولي «بالتدخل لوقف هذه الأعمال التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة».

وجاء الهجوم على دير اللطرون، بعد سلسلة اعتداءات نفذها مستوطنون في الضفة هذا الشهر والشهر الماضي، بعد انتهاء رمضان، كان من بينها محاولة قتل عرب بشكل همجي في الطرقات.

وأصبحت هذه الهجمات التي تنفذ بتوقيع جماعات «تدفيع الثمن»، شبه يومية.

وتتخذ هذه الجماعات صفة التنظيم، وكان لافتا أنهم هدأوا نسبيا في رمضان، واستأنفوا في الأسبوع الأخير هجومهم ضد العرب، فحاولوا قتل شبان عرب في القدس تحت الضرب المبرح، وفجروا سيارة قرب بيت لحم وأغاروا على منازل وأراض في نابلس والخليل وبيت لحم وقرى نائية.

ورغم أن الفلسطينيين حاولوا صد مثل هذه الهجمات عبر تشكيل جماعات حراسة شعبية، فإن قلة الخبرة وسيطرة الجيش الإسرائيلي على مناطق واسعة من الضفة وقوة المستوطنين المسلحة لم تؤد إلى نتائج إيجابية.

ويعيش الآن في الضفة الغربية نحو 600 ألف مستوطن، نصفهم في القدس.

ويشكل هؤلاء عقبة أمنية وسياسية في وجه الحل السياسي، وقنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت.

واتهم عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير صائب عريقات، أمس، الحكومة الإسرائيلية برعاية جرائم وإرهاب المستوطنين.

وقال عريقات في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه: «نحمل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن هذا الإرهاب لتقديمها الحوافز للمستوطنين للعيش في الأرض المحتلة، ومنحهم حصانة لاقتراف هذه الهجمات»، وأضاف: «هذا الهجوم مثال حي على عنجهية وإرهاب المستوطنين الذين لا يحاسبون من قبل حكومتهم على مهاجمة المساجد والكنائس والمواطنين العزل وممتلكاتهم»، وتابع: «هذه الهجمات الإسرائيلية العنصرية ضد الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية ليست أعمالا منفردة أو حوادث معزولة؛ بل هي جزء لا يتجزأ من سياسة واضحة تبنتها هذه الجماعات الإرهابية التي نفذت 57 اعتداء ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم وأماكن عبادتهم في الشهر الماضي».

وأردف عريقات: «عندما يجاهر أحد أعضاء الكنيست الإسرائيلي بالدعوة لتدمير المسجد الأقصى المبارك، ويمزق آخر علنا الإنجيل دون رادع أو محاسبة، تكون هذه التصرفات والتصريحات بمثابة تحريض واضح على الإرهاب بحق الفلسطينيين ومقدساتهم المسيحية والإسلامية».

ودعا عريقات المجتمع الدولي لمحاسبة الاحتلال على سياسته الاستيطانية، مشيرا إلى أن تقاعس المجتمع الدولي عن تحمل مسؤولياته خلق ثقافة الإفلات من المحاسبة في إسرائيل، «وهو أمر لا يجوز للعالم بعد الآن التعامل بذات التساهل معه وتجاهله».