حملة هدم منازل في المناطق المعارضة وتواصل الإعدامات الميدانية

ناشطون يتهمون النظام بتصفية المعتقلين.. وأحد مؤسسي «أطباء بلا حدود»: ما تشهده حلب مجزرة لا تصدق

عناصر من كتيبة القادسية بعد اعتقال جنديين نظاميين في حي العامرية بحلب أمس (روتيرز)
TT

في موازاة ارتفاع عدد القتلى على أيدي قوات النظام وقصفها مختلف المناطق السورية، والذي تخطى أكثر من 126 شخصا في حصيلة أولية أمس، بحسب لجان التنسيق المحلية، يعثر السوريون يوميا على المزيد من الجثث التي تكشف سياسة الإعدامات الميدانية التي يعتمدها النظام منذ فترة لمعاقبة المعارضين والمدنيين وترهيبهم، وقد أضيف إليها أمس حملة هدم المنازل التي طالت عدد من المناطق.

وقد أكّدت الهيئة العامة للثورة السورية أمس، العثور على 10 جثث لأشخاص أعدموا ميدانيا في معضمية الشام بريف دمشق. كما بثت مواقع تابعة للثورة السورية صورا لثلاثة أشخاص قال ناشطون إن قوات النظام أعدمتهم ميدانيا في بلدة حزة في الغوطة الشرقية بريف دمشق.

وبثت المواقع تسجيلا مصورا قالت إنه صور بكاميرا هاتف جندي من قوات النظام، يظهر جنديين يحرقان منزلا بسقبا في ريف دمشق بعد اقتحام قوات النظام البلدة منذ أيام. وذكر اتحاد التنسيقيات أنّه سمع صوت دوي ثلاثة انفجارات متفرقة في مدينة دوما.

وسجّل أمس قيام قوات النظام بحملة تهديم منازل في بعض المناطق السورية، إذ قال ناشطون إن جرافات تابعة لجيش النظام هدمت منازل في غرب دمشق واصفين إياها بأنها حملة للعقاب الجماعي تستهدف ممتلكات المواطنين في مناطق معارضة للرئيس الأسد بالعاصمة، كما هاجمت جرافات النظام ضاحية حرستا شمال دمشق، وبدأت هدم منازل المواطنين.

وذكر ناشطون وسكان أن جرافات مدعومة بقوات قتالية هدمت مباني في منطقة الطواحين الفقيرة قرب طريق دمشق بيروت السريع، وأجبرت قوات النظام السكان على إزالة الكتابات المسيئة للأسد عن الجدران وكتابة شعارات تمدحه بدلا منها. وتحدث ناشطون عن هدم أو حرق 200 منزل ومتجر على الأقل في الجزء القديم من مدينة درعا خلال الأيام القليلة الماضية.

وقال محمد السعيد، عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق، لـ«الشرق الأوسط» إنّ الأهالي قاموا أمس بدفن 17 قتيلا أعدموا ميدانيا في دوما، كما تمّ التأكّد من أنّ الجثث التي وجدت في معضمية الشام تعود إلى معتقلين في فرع المخابرات الجوية في مطار المزة، لافتا إلى أن «الشهر الماضي تم العثور على 90 جثّة لمعتقلين من هذا الفرع». كذلك عثر أمس، بحسب السعيد، على 10 جثث لأشخاص أعدموا ميدانيا في داريا، فيما لم يتم انتشال عشرات الجثث التي سقطت بالقصف أو التي أعدمت ميدانيا في عين ترما.

مشيرا إلى أنّ منطقة غوطة الشرقية تعاني من حالة إنسانية يرثى لها، في حين أنّ القصف لم يتوقّف على الست زينب ودير العصافير والزبداني ودوما.

وفي دير الزور، قال ناشطون إن سبعة أشخاص قتلوا جراء قصف طائرات «ميغ» لمدينة دير الزور صباح أمس، وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ الجيش الحر استولى على مقر قسم الأمن العسكري بشارع سينما فؤاد في مدينة دير الزور بعد اشتباكات عنيفة استمرت حتى ساعات الفجر الأولى من يوم أمس، وأسفرت عن مقتل اثنين عناصر الجيش الحر وما لا يقل عن ثمانية من القوات النظامية.

وأفاد المرصد، عن تعرض بلدتي الشميطية ومحيميدية بريف دير الزور للقصف من قبل القوات النظامية وقتل عنصر من الجيش الحر خلال اشتباكات مع القوات النظامية في محيط مبنى الأمن العسكري.

وفي دمشق، أعلن المرصد أنّ اشتباكات دارت في منتصف ليل أمس، في مخيم اليرموك بين عناصر من الجبهة الشعبية القيادة العامة ومقاتلين من الجيش الحر كما دارت اشتباكات في حي التضامن. كذلك، ذكر اتحاد التنسيقيات السورية أنّه تم العثور على 6 جثث مجهولة الهوية بالقرب من جامع الزبير في حي التضامن، مكبلة الأيدي عليها آثار التعذيب وإحداها مقطوع الرأس.

وفي درعا قال ناشطون إنهم عثروا على خمس جثث مجهولة الهوية على الطريق الزراعي قرب بلدة الشيخ مسكين، وأكد عضو الهيئة العامة للثورة السورية ثائر العبدالله لـ«الجزيرة» أن الجثث التي عثر عليها لم يتم التعرف على هويتها بسبب آثار التعذيب التي غيبت ملامحها، وأشار إلى أن المدينة تعيش وضعا إنسانيا مزريا.

وفي حماه، أفاد المرصد عن تعرض بلدة قسطون للقصف من قبل القوات النظامية التي اقتحمت حي غرب المشتل في المدينة بعدد من الآليات والجنود. كما تعرضت قرية المزيرب للقصف من قبل القوات النظامية حيث سقطت عدة قذائف على القرية وقتل رجل من قرية المليحة الشرقية برصاص حاجز للقوات النظامية في منطقة الحراك وقتل طفل إثر القصف الذي تعرضت له بلدة اليادودة.

كما حاصرت قوات النظام حي الفراية بعدد كبير من العناصر وأغلقته من جميع مداخله وقطعت الطريق المؤدي للحي. وفي ريف حماه اقتحمت القوات النظامية قرية زيزون وبدأت بتنفيذ حملة مداهمات واعتقالات طالت المحال التجارية والمنازل، فيما ذكر اتحاد التنسيقيات أنّ قصفا بالطائرات استهدف قرى والحويز والحويجة وسهل.

في موازاة ذلك، واصل النظام قصفه على حلب، بحسب الهيئة العامة للثورة السورية التي قالت إنه تمّ قصف المدينة بالأسلحة الثقيلة والطيران الحربي، كما دارت اشتباكات بشكل عنيف في عدة مناطق أهمها منطقة سيف الدولة وحي الإذاعة حيث سعى الجيش الحر إلى توسيع عملياته كما سجّل سقوط عدد من الجرحى وتدمير عدد من المنازل. وذكرت الهيئة أن الوضع الإنساني في حلب مزرٍ للغاية وذلك بسبب غياب المساعدات الإنسانية.

بدوره، توقع لواء في جيش النظام يقود العمليات العسكرية على الأرض، استعادة السيطرة على حلب خلال عشرة أيام وفق قوله.

وقالت لجان التنسيق المحلية إن 62 شخصا قتلوا جراء القصف الجوي العنيف الذي تعرضت له مدينة حلب.

وأفاد المرصد، عن تعرض أحياء الشعار والميسر وهنانو وبستان القصر للقصف من قبل القوات النظامية مما أدى لسقوط عدد من الجرحى وتضرر بعض الأبنية في حين دارت اشتباكات الجيشين النظامي والحر في حيي صلاح الدين وسيف الدولة وأطراف حي الميدان كما تواصل القصف على بلدة دير حافر بريف حلب.

كذلك لفت المرصد إلى تعرض بلدة الأتارب للقصف من قبل مركز عسكري مجاور للبلدة حيث سمع دوي انفجار قوي. وفي إدلب أيضا، تعرضت قرى وبلدات دركوش وكنصفرة للقصف من قبل القوات النظامية في حين دارت اشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب الثائرة الذين اشتبكوا مع رتل عسكري قرب بلدة سلقين، كما خرجت مظاهرة في بلدة التح بريف إدلب نادت بالحرية ودعت لإسقاط النظام ورحيل الأسد. وبحسب المرصد، كانت أيضا بلدات تفتناز وكفرنبل ودير سنبل واحسم ومنطقة سهل الروج في ريف إدلب عرضة للقصف من قبل القوات النظامية وأدى لسقوط جرحى وتدمير عدد من المنازل.

كذلك، دارت اشتباكات بين الجيش الحر وعناصر رتل عسكري في منطقة الفوزية قرب قرية كفرحوم، بينما تعرضت بلدات الهبيط وكفرسجنة وكفرعين لقصف عنيف من قبل القوات النظامية أدى لسقوط جرحى وتدمير عدد من المنازل.

في هذا الوقت، استمرت العمليات العسكرية على حمص، إذ تعرّض حي الخالدية للقصف من قبل القوات النظامية السورية كما تعرضت مدينة الرستن للقصف مما أسفر عن سقوط جرحى. وذكر اتحاد التنسيقيات أنّ حي الخالدية تعرض للقصف بقذائف الهاون وقذائف الفوزديكا، وسمع دوي عدة انفجارات وسجل تحليق للطيران الحربي في سماء حمص.

بدوره، كشف الجراح الفرنسي جاك بيريس أحد مؤسّسي منظمة «أطباء بلا حدود» والموجود الآن في حلب، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ حصيلة القتلى في سوريا بلغت 50 ألفا، لافتا إلى أنّ ما تشهده حلب حيث انتقل أخيرا لمداواة جرحى القتال الدائر هناك «مجزرة لا تصدق».. وكان بيريس قد دخل إلى سوريا مرتين في وقت سابق، الأولى كانت إلى إدلب في مايو (أيار) الماضي والثانية إلى حمص.

ورأى بيريس أنّ «الأرقام المتداولة عن أعداد القتلى في سوريا أقل بكثير من الواقع، لافتا إلى أنّ هناك عشرات آلاف القتلى ونحو مليوني مشرّد داخل سوريا، ومئات آلاف اللاجئين، وخسائر ضخمة في أعداد الجرحى». وأضاف أنّ سوريا تشهد صراعا فظيعا وغير متساوٍ تقوده «حكومة مجرمة، ويحب أن تحاكم دوليا».

وطالب بيريس بضرورة إنشاء «منطقة حظر جوّي» للحدّ من «المجزرة التي لا تصدّق»، معتبرا أن الثوار سينتصرون على الرغم من كل هذه الأهوال.. «وهم يستحقّون النصر لأنهم شجعان».