اتساع رقعة المظاهرات ضد حكومة فياض جراء الغلاء.. واغتيال مسؤول أمني في جنين

رئيس الوزراء: نحن مسؤولون.. لكني لن أطلق وعودا لا يمكن تنفيذها

TT

اتسعت أمس رقعة الاحتجاجات الفلسطينية على غلاء الأسعار الذي وصل حدا غير مسبوق في الضفة الغربية، وحرق متظاهرون صورا لرئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض لأول مرة في شوارع الضفة التي أغلقت مرارا خلال الأيام القليلة الماضية. وواصل المتظاهرون الاحتجاجات في مدن رام الله والخليل ونابلس، تعبيرا عن غضبهم الكبير تجاه سياسة الحكومة الاقتصادية، مطالبين بإلغاء اتفاقية باريس الاقتصادية مع إسرائيل، ودعم السلع الأساسية، ووضع برامج وخطط مالية لإنقاذ السوق.

وأغلق سائقو سيارات عمومية وشاحنات شوارع رئيسية في المدن الفلسطينية، وانضم شيوخ ورجال ونساء للمظاهرات الشبابية، وهتفوا ضد الحكومة ورفعوا شعارات من بينها «كنا ندور على فلسطين صرنا ندور على كيس طحين»، و«عزيزي فياض هنا فلسطين مش باريس»، و«في فلسطين.. أسعار باريس، وأجواء الخليج، ورواتب الصومال». وفي إشارة إلى تدهور الموقف أكثر وأكثر، حاول أب وابنته إحراق نفسيهما وسط رام الله، أمس، بعد محاولة فاشلة لآخر في الخليل وناجحة لشاب في غزة.

وبدأت الاحتجاجات يوم الجمعة الماضي، عندما رفعت حكومة فياض أسعار المحروقات ما بين 3 إلى 12 في المائة. وبحسب التسعيرة الجديدة ارتفع سعر الغاز المنزلي بنسبة 12 في المائة، بينما ارتفع البنزين بنسبة 6.12 في المائة والسولار بنسبة 2.9 في المائة.

ويباع السولار في الضفة الآن بـ7.15 شيقل (دولار و70 سنتا) للتر الواحد، والبنزين «95» بـ7.98 شيقل (دولارين تقريبا)، وبنزين «98» بـ8.65 شيقل (أكثر من دولارين)، والكيروسين بـ7.15 شيقل (دولار و70 سنتا). أما أسطوانة الغاز المنزلي 12 كيلوغرام فتصل للمستهلك بنحو 20 دولارا.

وهذه ليست أول مرة ترتفع فيها أسعار المحروقات هذا العام، وسبقها ارتفاع لأسعار السجائر مرتين، إذ يصل سعر علبة السجائر إلى ما بين 4 دولارات و6 دولارات. ورافق ذلك ارتفاع في الألبان والدجاج واللحوم والبيض والحليب والطحين ومواد أخرى. وحسب تقارير إحصائية، فقد سجل ارتفاع أسعار الوقود أعلى نسبة له منذ نشأة السلطة، إذ ارتفع خلال الأعوام الثلاثة الماضية بنسبة 55 في المائة، وسجلت الأسعار في الضفة الغربية خلال شهر يوليو (تموز) 2012 ارتفاعا بنسبة 0.52 في المائة، وهذا أثر مباشرة على نسب البطالة والفقر.

وقال فياض أمس، في طولكرم «سأكون صريحا في الحديث عن هذه الحالة، وتشخيصها، وهذا الازدياد في صعوبة الأوضاع المعيشة. فرغم الإمكانات المحدودة، خصوصا في ظل الأزمة المالية التي نعيشها، فإننا نعمل على مواجهة الآثار السلبية لارتفاع الأسعار، وندرس إمكانية توسيع شبكة الأمان الاجتماعي، وزيادة عدد المستفيدين، وهذا من ناحية المبدأ ممكن، لكنه بحاجة إلى تمويل إضافي وهو قيد الدراسة». وأضاف «لكني لا أريد رفع سقف التوقعات، سواء بالعمل على تصدير الأزمة والقول بأننا لسنا الجهة المختصة، وليست مسؤوليتنا، أو بقطع وعود مستحيلة نحن غير قادرين على تنفيذها، المهم بالنسبة لنا هو وضع المواطن في الصورة الحقيقية للوضع. نحن ندرك أننا لن نصل إلى وضع اقتصادي مستقر ومتطور في ظل الاحتلال، وهذا القول ليس من باب تصدير القضية، فنحن بحاجة إلى إنهاء الاحتلال لأننا بحاجة للعيش بكرامة في كنف دولة مستقلة، وإلى أن يتحقق ذلك هناك صعوبات وتحديات كبيرة جراء عدم ورود المساعدات، وعلينا أن نصغي جيدا ونتفهم هذه الأوضاع».

وأعرب فياض عن تفهمه للمظاهرات، وقال إنه مع حرية التعبير، لكنه أوضح أن «المرونة في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية السلمية لا تعني التهاون في مقاومة حالات الخروج عن القانون وارتكاب الجريمة، كما حدث في جنين». وكان فياض يشير إلى حادثة اغتيال العقيد هشام الرخ نائب مدير الأمن الوقائي في المدينة على يد مجهولين. وقتل الرخ عندما هاجم مسلحون سيارته وأمطروها بالرصاص قرب مخيم جنين. وأعادت الحادثة إلى الأذهان حالة الفلتان الأمني التي تشهدها المدينة التي طالما كانت مسرحا لنشاط المسلحين، وجاءت في أسوأ توقيت، متزامنة مع المظاهرات ضد السلطة. وتركت الحادثة أسئلة حول مدى قدرة السلطة على ضبط الأمن في المدينة.

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في بيان نعي الرخ «إننا إذ نعبر عن إدانتنا واستنكارنا لمثل هذه الجريمة البشعة والجبانة والغريبة عن عادات شعبنا وأخلاقه وتقاليده والخارجة عن أصول وأعراف ديننا الحنيف، لنؤكد لكل أهلنا في محافظة جنين الصامدة ولكل أبناء شعبنا أننا لن نتهاون في التعامل مع هذه الجريمة النكراء، وقد أصدرنا التعليمات الصارمة لكل الأجهزة المعنية في كل أراضينا الفلسطينية لمتابعتها، والعمل بكل قوة ضد تلك الفئة الخارجة والغريبة عن شعبنا من أصحاب الأجندات المشبوهة التي تريد إعادتنا إلى مربع الفلتان ومحاولة تنفيذ المخططات المشبوهة المعادية لشعبنا، والتي تقف ضد رغبة المواطنين في تحقيق الأمن والأمان في جنين، وسنضرب بكل قوة على يد العابثين بأمن وأمان المواطن».