وزير الدفاع العراقي بالوكالة يعلن من الموصل إعادة ضباط الجيش السابق

قيادات كردية: قرار المالكي وراءه أهداف انتخابية وكذلك لإحكام سيطرته على الجيش

TT

في وقت لم تهدأ بعد الضجة حول إجراءات المساءلة والعدالة بشأن شمول أعداد من موظفي مصفى بيجي (أعادهم رئيس الوزراء إلى الخدمة) وقضاة الموصل (تكفل مجلس القضاء الأعلى بحل قضيتهم) بقانون الاجتثاث دشن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أوامره التي سبق أن أصدرها بإعادة ضباط الجيش العراقي السابق إلى الخدمة من خلال إصدار الأمر الإداري الرسمي الذي تلاه وزير الدفاع بالوكالة سعدون الدليمي الذي وصل إلى الموصل أمس على رأس وفد رفيع المستوى من الوزارة.

وأعلن الدليمي أن «عدد الضباط الذين عادوا إلى الخدمة بالجيش العراقي من أبناء محافظة نينوى بلغ 209 ضباط»، مبينا أن «هؤلاء أعيدوا إلى الجيش بحسب صنوفهم ورتبهم السابقة». وأضاف الدليمي أن «40 منهم اختاروا إحالتهم على التقاعد بحسب رغبتهم»، مشيرا إلى أن «هذه الوجبة هي الأولى وستليها وجبات أخرى تباعا لحين إنهاء هذا الملف بمحافظة نينوى والمحافظات الأخرى».

من جهته أعلن المستشار الإعلامي لوزارة الدفاع العراقية الفريق محمد العسكري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الوجبة التي صدرت في الموصل والتي قضت بإعادة هذا العدد من ضباط الجيش العراقي هي وجبة أولى من أربع وجبات سوف تصدر تباعا» مشيرا إلى أن «القرار الصادر من قبل القائد العام للقوات المسلحة لا يقتصر على محافظة نينوى فقط وإنما يشمل كل المحافظات العراقية» مؤكدا أن «القرار يؤكد على إعادة الضباط من رتب معينة إلى الجيش إلا إذا اختار أي منهم التقاعد فإنه سيحال على التقاعد أما الرتب العليا فإنهم سوف يحالون على التقاعد»، مشيرا إلى أن «التقاعد سيكون مجزيا». وأوضح العسكري أن «هذه القرارات تأتي في سياق إعادة بناء المؤسسة العسكرية العراقية وعدم شمول أي طرف بالتهميش والإقصاء»، معتبرا «صدور الأوامر الإدارية الخاصة بذلك بمثابة الرد على كل الأقاويل التي دأبت على التشكيك بذلك».

كما يأتي القرار الخاص بإعادة الضباط السابقين إلى الخدمة بعد يوم من الطلب الذي تقدمت به القائمة العراقية بشمول نحو 25 من كبار قادة وضباط الجيش العراقي بإجراءات هيئة المساءلة والعدالة أسوة بـ30 من قضاة الموصل قررت الهيئة الأسبوع الماضي اجتثاثهم بدعوى أنهم كانوا أعضاء في حزب البعث المنحل.

إلى ذلك، جددت القيادات الكردية في الموصل مخاوفها من عودة الضباط البعثيين السابقين إلى الخدمة، واتفقت آراؤهم حول كون القرار بهذا الصدد إنما صدر لاعتبارات انتخابية، ولتحقيق مطامح المالكي بالسيطرة التامة على تشكيلات الجيش العراقي وكسب الموالين له في المراكز القيادية بالجيش. وأكد قيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقوده رئيس الإقليم مسعود بارزاني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن المالكي تمكن فعلا أثناء آخر الانتخابات البرلمانية التي أجريت في العراق أن يحقق لنفسه نتائج جيدة وذلك بالاعتماد على ثقله وسيطرته على الأجهزة والمؤسسات الأمنية، واستطاع أيضا من خلال تأجيج وتصعيد الخلافات مع قيادة إقليم كردستان واختلاق مواجهات مع قوات البيشمركة أن يريح نفوس الكثير من الأشخاص الذين ما زالوا يتعاملون بعقلية شوفينية مع المكونات العراقية الأخرى، وهذه العقلية هي التي تثير قلقنا ومخاوفنا، وإلا فإننا في قيادة كردستان لسنا مع قطع الأرزاق، ولا ضد مواطنة أي عراقي يريد أن يخدم بلده بغض النظر عن انتماءاته السابقة، فالدستور يقر المواطنة للجميع، وكذلك يقر حق المواطن في الحصول على مورد من خلال العمل الذي يقوم به، وإذا كانت هناك قرارات بإعادة الضباط البعثيين إلى الجيش فإن الأمر طبيعي على شرط أن لا يعيد من تلطخت أياديهم بدماء العراقيين، فنحن لا نقول بأن جميع الضباط البعثيين السابقين غير جيدين، بل هناك الصالح ومنهم الطالح، كما فيهم من ما زال يفكر بعقلية شوفينية ويتحين الفرص للنيل من الآخرين، وهذا بالتحديد ما يثير مخاوفنا أن يختلط الحابل بالنابل.

من جهته، يرى القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يقوده الرئيس العراقي جلال طالباني ومسؤول مكتبه التنظيمي في الموصل هريم كمال أغا «أن قرار الإعادة يجب أن لا يتعارض مع الأسس والمبادئ التي وضعها الدستور العراقي، وخاصة ما يتعلق بقرارات الاجتثاث، فالمادة 135 من الدستور تشير بنصوص واضحة إلى تشكيل الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث بوصفها هيئة مستقلة، وتمارس مهامها بالتنسيق مع السلطة القضائية والأجهزة التنفيذية في إطار القوانين المنظمة لعملها، وترتبط بمجلس النواب. ومن هنا فإن أي قرار يصدر عن رئيس الوزراء وحكومته وخاصة في مثل هذه القضايا الحساسة يجب أن لا يتعارض مع مبادئ وأسس الدستور، ونحن في القيادة الكردية لا اعتراض لنا على إعادة تنظيم الضباط في تشكيلات الجيش العراقي ولكننا نؤكد دائما بأنه يجب أن لا يعود إلى الجيش من تلطخت أياديه بقتل العراقيين، لأن من فعل ذلك لن يتوانى عن ارتكاب جرائم مماثلة، وهذا لا يشكل تهديدا على الكرد فقط بل على جميع العراقيين».

وشارك كمال أغا زميله القيادي بحزب بارزاني في اعتبار قرار المالكي بإعادة الضباط لاعتبارات انتخابية وقال: «نعم هناك اعتبارات انتخابية بهذا القرار، ولكني أعتقد أن مصلحة العراق وما قد تشكله عودة الضباط البعثيين الملطخة أياديهم بجرائم ضد الشعب العراقي، يجب أن توضع فوق أي اعتبارات حزبية أو شخصية أخرى، لأن هؤلاء يشكلون خطرا على العراقيين جميعا وليس على الكرد فحسب». وانضم إليهم عضو مجلس محافظة الموصل درمان ختاري الذي قال: «حسب المعلومات المتوفرة لدينا لقد تمت إعادة 2 - 3 آلاف من الضباط البعثيين السابقين إلى الخدمة، وفيهم أشخاص مشمولون بالاجتثاث وهنا مكمن الخطورة، لأن عودة هؤلاء خطر علينا ككل، وقد اعتدنا على هذه القرارات من القيادات العراقية كلما اقترب موعد الانتخابات، وهذا بحد ذاته مؤشر على كون القرار له أبعاد انتخابية، وقبل فترة رأينا كيف أن مشكلة حدثت حول القضاة ثم تراجعت عنها الحكومة، وهكذا هم يصدرون قرارات ويتراجعون عنها بقرارات مضادة، والعملية برمتها لا تخلو من اعتبارات انتخابية وكسب الأصوات والموالين».