لقاء الحريري ـ جنبلاط ينهي مرحلة القطيعة الطويلة

ميقاتي يحذر من انتقال الأزمة السورية إلى لبنان

TT

أنهى لقاء رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري، ورئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط، مساء أول من أمس في باريس، مرحلة من القطيعة بين الرجلين، بدأت منذ الإطاحة بحكومة الحريري والمجيء بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي. وأسس اللقاء لمرحلة جديدة من التعاون، تبدأ من النظرة الموحدة للوضع في سوريا والاتفاق على معالجة الملفات اللبنانية، وستمتد إلى الاستحقاق الانتخابي في الصيف المقبل.

في هذا الوقت، أعلن عضو تكتل «لبنان أولا»، الذي يرأسه الحريري، النائب عماد الحوت، أن «لقاء الزعيمين يأتي في سياق طبيعي، خاصة في الوقت الذي نشهد فيه تحولا في موقف جنبلاط باتجاه التمايز عن باقي الفريق الحكومي، وبين يدي ما يحصل في المنطقة». وأكد الحوت لـ«الشرق الأوسط» أن «الحوار يمهد لتقارب تدريجي سيتطور في الأيام والأشهر المقبلة». وردا على سؤال عما إذا كان هذا التقارب قد يقود إلى تحالف انتخابي، وهل أن جمهور تيار المستقبل قادر على أن يهضم هذا التحالف بعد أن أسهم جنبلاط في الإطاحة بحكومة الحريري والمجيء بحكومة نجيب ميقاتي، أجاب أنه «من المبكر الحديث عن تحالف انتخابي من الآن، إنما الشارع وجمهور (المستقبل) يتفهم هذا التقارب والتحالف، لأن أي تحالف جديد بين الحريري وجنبلاط يقوي الجبهة الداخلية في ظل ما يتعرض له لبنان من اهتزازات، خصوصا في ظل ما يحصل في سوريا».

بدورها، أعلنت مفوضية الإعلام في الحزب «التقدمي الاشتراكي» أن «رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط التقى الرئيس سعد الحريري مساء أمس (أول من أمس) في باريس». وقالت في بيان لها «إن هذا اللقاء يأتي بعد فترة انقطاع فرضتها ظروف المرحلة السياسية المنصرمة، التي تلت انهيار ما سمي بالمبادرة السورية - السعودية، التي اشتهرت باسم الـ(سين - سين)، وبعد أن دفعت التطورات باتجاه تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي نتيجة القلق من وقوع في الفتنة المذهبية وتلافيا لتداعيات صدور القرار الظني في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وبعد أن نقضت بعض الأطراف الداخلية اتفاق الدوحة»، مشيرة إلى أن اللقاء «ساده جو من الألفة والصداقة والأخوة، حيث أكد جنبلاط أن العلاقة النضالية والسياسية والصداقة التي تربطه بآل الحريري تبقى فوق الخلافات أو التباينات المرحلية، وهي تعود إلى أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وتواصلت مع الرئيس سعد الحريري، وتميزت بجولات ومحطات نضالية كبيرة في سبيل سيادة واستقلال لبنان وقيام المحكمة الدولية لتحقيق العدالة».

وأضاف البيان أن «اللقاء شكل مناسبة للتداول في مختلف القضايا اللبنانية والمشاكل الراهنة، وكانت الآراء متفقة بشكل كامل، وقد ساد النقاش السياسي تفاهم حول العناوين السياسية الأساسية على الساحة اللبنانية، كما جرى التشاور في القضايا العربية والإقليمية، وكانت الآراء متطابقة لناحية تأييد الثورة السورية ودعمها بشتى الوسائل لأنها تعبر عن تطلع الشعب السوري نحو الحرية والكرامة والديمقراطية ورفض حكم الظلم والاستبداد».

وأوضحت أن جنبلاط «شدد على أنه لن يتوقف عند حملات التحريض الإعلامية المستجدة والتي تعبر - كما يبدو - عن عصبية بعض الأطراف الذين لا يقدرون معنى الصداقات السياسية ويتحولون أسرى مواقفهم المتحجرة، وهو يرفض الانزلاق للرد على أي من هذه الحملات المغرضة».

من جهة ثانية، رأى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن «لبنان من الدول التي يمكن أن تنتقل إليها الأزمة السورية لأسباب سياسية وأمنية وجغرافية»، داعيا اللبنانيين إلى «الاتحاد» لأنهم جميعا «في باخرة واحدة قد تغرق إذا ما هبت العاصفة على المنطقة». وأوضح ميقاتي أنه «مطمئن إلى أن اللبنانيين يتخذون الخيار الصحيح بالبقاء بعيدين عما يجري حولهم من أحداث»، وقال «حتما إن ارتدادات ما يحصل في سوريا تطال الدول المحيطة بسوريا، هناك دول لديها نوع من المناعة وتوجد دول عندها أمن، أعتقد أن وضعنا في لبنان الأمني والسياسي والجغرافي يجعلنا في موقف دقيق حيال ما يجري في سوريا، فإذا أتت الأزمة إلى لبنان فإن الخطر لن يستثني أحدا، فلا يظنن أحد نفسه أنه سيستفيد والثاني في خطر، كلنا في باخرة واحدة.. هذه الباخرة إذا دخل عليها ماء من هذه العاصفة القوية التي تهب في المنطقة يمكن أن تغرقنا».

ولفت ميقاتي إلى أنه «طلب من السفير اللبناني في دمشق إبلاغ الخارجية السورية بالقصف الذي تتعرض له قرى حدودية لبنانية متاخمة»، واستطرد «نتمنى ألا يتكرر سقوط القذائف، نحن نأينا بأنفسنا عن التدخل في سوريا، ولكن لا نريد أن يقحمنا أحد في ما يجري من أحداث في سوريا، كما لا نريد أن يحصل أي خطأ مع لبنان أو أي أحد يستورد الأزمة إلى لبنان.. عندها سيكون الوضع مختلفا».

واصفا تصريحات وزير الإعلام السوري عمران الزعبي بشأن إدخال السلاح عبر لبنان، وأنه إذا لم يوقف لبنان هذا الأمر فسيرتد عليه، بأنه «كلام مؤسف». وقال «كل شخص يريد أن يستعمل لبنان كأنه أداة لكي يهدد به الآخر، والواقع أن لبنان يثبت كل يوم أنه ليس هكذا، وأنه توجد دولة وحكومة وشعب، عندما نتفق جميعا لا يمكن أن نجعل هذه الأزمة تأتي إلى لبنان».

وحول تعرض عشرات المواطنين السوريين، بالإضافة إلى مواطن تركي وآخر كويتي، للخطف في لبنان الشهر الماضي ردا على اختطاف مجموعة من اللبنانيين من قبل المعارضة السورية، قال «عندما تحصل عمليات خطف تتم ملاحقتها ومعالجتها ويتم الإفراج عن المخطوفين، ونحن نعمل دائما في سبيل ذلك. لا يوجد قرار بالخطف، بل يوجد فعل ورد فعل. لكن أنا متأكد ومطمئن بإمكانية المعالجة»، مؤكدا على «متابعة موضوع خطف المواطن التركي بعد الإفراج عن السوريين والكويتي».