الجزائر: تغيير حكومي يطيح بوزراء محسوبين على الرئيس بوتفليقة

بلخادم والزرهوني وبن بوزيد أبرز الخارجين.. وحزب الغالبية يفقد وزارات السيادة

TT

عين الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الليلة قبل الماضية أعضاء الحكومة الجديدة غداة تعيين رئيس الوزراء الجديد عبد المالك سلال، خلفا لأحمد أويحيى.

واحتفظ دحو ولد قابلية (79 سنة) بحقيبة الداخلية، ومراد مدلسي (69 سنة) بالخارجية، ويوسف يوسفي (71 سنة) بالطاقة والمناجم (النفط)، في حين غادر عميد الوزراء وزير التربية أبو بكر بن بوزيد الحكومة بعد 19 عاما، وخلفه عميد جامعة البليدة (50 كلم غرب الجزائر)، عبد اللطيف بابا أحمد. لكن المفاجأة تمثلت في خروج عبد العزيز بلخادم، زعيم حزب الغالبية في البرلمان من الحكومة التي شغل فيها منصب وزير دولة ممثل شخصي لرئيس الجمهورية، وهو المنصب الذي تم إلغاؤه.

واعتبر المراقبون إبعاد بلخادم من الطاقم الحكومي الجديد، إرادة من «أصحاب القرار الفعليين» في قطع الطريق أمام ترشحه لانتخابات الرئاسة المنتظرة في 2014. ومعلوم أن بلخادم محسوب على الرئيس بوتفليقة، بل هو رجل ثقته، ويشاع أن بوتفليقة يرغب في أن يستخلفه في الرئاسة. ومن ثم فإن شطب اسمه من قائمة أعضاء الحكومة، تم بإرادة الأجهزة الأمنية التي تشترك في الغالب، مع الرئاسة، في اختيار الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة.

في المقابل، تعكس تنحية أحمد أويحيى من رئاسة الوزراء عدم رغبة بوتفليقة في مواصلة العمل معه، وهو معروف بكونه أقرب مدني إلى القوى النافذة في الجيش.

وبدت تنحية بلخادم وأويحيى، بحسب متتبعين، وكأنها لعبة شد وجذب بين أكبر مؤسستين في البلاد: الأمن (المخابرات) والرئاسة. بمعنى أن إحداهما قررت إقالة المحسوب على الآخر. فقامت الثانية بالشيء نفسه في الاتجاه المعاكس. واللافت أن حزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني» ليس له أي نصيب في وزارات «السيادة»، وهي المالية والدفاع والداخلية والخارجية والعدل، مع أنه يملك 202 مقعد بالبرلمان من أصل 462 .

وغادر الحكومة الجزائرية أيضا وزير الاتصال (الإعلام) ناصر مهل، الذي كان مكلفا بملف تحرير المجال المسموع والمرئي بعد خمسين سنة من هيمنة الإذاعة والتلفزيون الحكوميتين..

وخلف مهل محند السعيد أوبلعيد، وهو صحافي سابق، ورئيس حزب الحرية العدالة المعارض، الذي لم يحصل على أي مقعد في الانتخابات التشريعية التي جرت في العاشر من مايو (أيار) الماضي. واستغرب كثيرون من «توزير» أوبلعيد، بسبب اتهامه السلطة بـ«تزوير» الانتخابات البرلمانية التي جرت قبل 4 أشهر. وصرح حينها، بأن «هذا النظام لا يرجى منه أي خير». كما سجل رئيس حزب الحركة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس (7 نواب) دخوله للحكومة بتولي وزارة التهيئة العمرانية والبيئة والمدينة.

وفي غضون ذلك، احتفظ وزير المالية كريم جودي بمنصبه وكذلك وزراء التعليم العالي، رشيد حراوبية، والثقافة خليدة تومي، والبريد موسى بن حمادي، والعمل الطيب لوح، والفلاحة رشيد بن عيسى، والنقل عمار تو. أما وزارة الدفاع، فهي من اختصاص رئيس الجمهورية ويسيرها وزير منتدب هو الجنرال عبد المالك قنايزية.

وعادت وزارة العدل لمحمد شرفي، الذي سبق له شغل هذا المنصب بعد تعيين الوزير السابق الطيب بلعيز على رأس المجلس الدستوري. وبقي نصيب النساء في الحكومة دون تغيير بثلاث حقائب رغم حصول مضاعفة تمثيل المرأة في البرلمان بـ145 نائبا من أصل 462 ما يمثل نسبة في 31.39 المائة.

ولم يعين بوتفليقة نائبا لرئيس الوزراء بعد مغادرة يزيد زرهوني أحد المقربين من الرئيس. وعرف التشكيل الحكومي الجديد دخول 13 وزيرا وكاتب دولة (وزير دولة) لأول مرة الحكومة أبرزهم حسين نسيب في منصب وزير الموارد المائية خلفا لرئيس الوزراء المعين عبد المالك سلال، وعبد العزيز زياري، رئيس المجلس الشعبي الوطني السابق الذي عين في منصب وزير الصحة خلفا لجمال ولد عباس، الذي لاحقته أزمات نقص الأدوية والإضرابات المتكررة للأطباء وما ميز التغيير الحكومي أيضا، خروج وزيرين من مجموع ثلاثة ينتمون إلى الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم». هما إسماعيل ميمون وزير السياحة وعبد الله خنافو، وزير الصيد. أما وزير التجارة بن بادة فاحتفظ بمنصبه رغم طلب قيادة «مجتمع السلم» من بوتفيلقة عدم إشراكها في الحكومة. وأدخل بوتفليقة شخصا من نفس الحزب إلى الحكومة، لأول مرة هو بشير مصيطفى كاتب دولة (وزير دولة) مكلف التخطيط.

وقال نائب رئيس الحزب عبد الرزاق مقري بهذا الخصوص في صفحته بـ«فيس بوك»: «إن اختيار أعضاء من حركة مجتمع السلم في الحكومة، يندرج ضمن مخططات التآمر والإفساد والاستفزاز والتشويش الذي لا تقوم به إلا العصابات السياسية التي لا تعرف معنى ثقافة الدولة، ولا الأخلاق الحضارية للاختلاف السياسي، والذين استجابوا لهذا التآمر ممن يحسبون على الحركة ولا يمثلون إلا أنفسهم ولا يعنون الحركة في شيء».

إلى ذلك، يرى المراقبون أن التشكيلة الحكومية الجزائرية الجديدة تكشف أن السياسات الأمنية والاقتصادية والخارجية لن تشهد تغييرا كبيرا بينما تتركز المهمة الرئيسية لرئيس الوزراء الجديد على إيصال البلاد إلى الانتخابات الرئاسية في 2014 دون اضطرابات اجتماعية.