مصادر فرنسية رسمية: 4 مؤشرات على انهيار النظام السوري.. لكن «لحظة» الانفراط لم تحن بعد

قالت إن تزويد المقاومة بأنظمة دفاع جوي «يخضع لدرس معمق ولتحليل المخاطر المرتبطة به»

TT

«النظام السوري يتهافت، ولكنه لم يصل بعد إلى مرحلة الانفراط».. هكذا لخصت مصادر فرنسية رسمية، على صلة وثيقة بالملف السوري، حالة النزاع القائم في سوريا اليوم، وميزان القوى القائم بينه وبين المعارضة ببعديها السياسي والعسكري.

وترى هذه المصادر أن النظام ينهار «بالتدريج» رغم لجوئه إلى العنف المسلح بشكل غير مسبوق واستخدام كافة الأسلحة التي يملكها. وتستدل هذه المصادر على حالة «التضعضع» التي تعانيها السلطة بأربعة مؤشرات؛ أولها فقدانها أكثر فأكثر للسيطرة الميدانية على مناطق واسعة من سوريا، رغم قدرة قوات النظام على استعادتها «مؤقتا» عن طريق حشد كثيف لقواه في المناطق التي يعتبرها استراتيجية. غير أن المصادر المشار إليها ترفض الدخول في تحديد النسب، علما أن بعض المراقبين يقولون إن المعارضة تسيطر على 60 في المائة من الأراضي السورية.

أما المؤشر الثاني، فيتمثل في تراجع تماسك النظام، الأمر الذي يعكسه استمرار الانشقاقات، مما يعني «تآكله المستمر» من الداخل، بحسب ما أظهرته الانشقاقات المتلاحقة عسكريا ومدنيا. غير أن باريس تعتبر أن هذه الدينامية «لم تصل إلى مرحلة يصبح معها بقاء النظام مهددا اليوم». وبحسب باريس، فإن ندرة انشقاق مسؤولين عسكريين أو أمنيين من الطائفة العلوية مردها إلى أمرين، هما: تطييف النزاع إلى حد ما من جهة، ووجود هؤلاء «تحت الرقابة الشديدة»، مما يجعل انشقاقهم مسألة محفوفة بالمخاطر لهم ولعائلاتهم. وتذهب المصادر الفرنسية إلى القول أنها «على علم (برغبة) بعض الأشخاص» من الطائفة العلوية في الانشقاق دون إعطاء المزيد من الإيضاحات.

وترى باريس في تراجع القوة المالية الضاربة للنظام مؤشرا على تهالكه، إذ إنه سيجد قريبا صعوبة في تمويل آلة القمع، التي تعتبر أنها تكلفه مليار دولار في الشهر. وفي بدء الانتفاضة السورية، كانت الملاءة المالية الموضوعة في تصرف السلطات تصل إلى 17 مليار دولار، غير أنها اليوم تقلصت إلى «عدة مليارات»، مما يعني أن دينامية الاستنزاف التي يتعرض لها النظام مستمرة ومعها دينامية تآكله.

وترى باريس، في المقام الرابع، أن «الدينامية الدولية» الساعية لعزل النظام السوري ما زالت تتصاعد، والدليل على ذلك أن قرار تعليق عضوية سوريا في منظمة المؤتمر الإسلامي حظيت بشبه إجماع، إذ إن دولا، مثل الجزائر والعراق والسودان وحتى لبنان، صوتت لصالح تعليق عضوية دمشق. غير أن كل هذه العوامل، رغم أهميتها، لم تدفع بعد بالنظام إلى الوصول إلى «نقطة الانفراط»، مما يعني أن الحرب مستمرة.

وتعمل فرنسا على استراتيجية جديدة، تتمثل في دعم ما تسميه «المناطق المحررة» التي حددت منها حتى الآن خمس مناطق يسكنها ما لا يقل عن 700 ألف نسمة، وذلك بمدها بوسائل العيش والمقاومة وتوفير الرعاية الصحية ودعم شبكات التضامن المحلية، وتحاشي أن يهجرها سكانها عبر توفير الخدمات الحيوية والبلدية، والتعاطي مباشرة مع الشبكات أو المجالس الثورية المحلية.

وتريد باريس من هذا التعاطي الجديد «تحاشي الفراغ المؤسساتي أو الفوضى على الطريقة العراقية». وقامت باريس بالتعاون مع الهيئات السورية بتحديد خمسة مجالس في ثلاث مناطق، هي: دير الزور، وحلب، وإدلب. كذلك تعمل باريس لدى المعارضة السورية كـ«ساعي بريد» من أجل مواكبة جهودها لتوحيد صفوفها، والتوصل إلى تشكيل حكومة بديلة، أعلنت باريس رسميا، وعلى لسان رئيس الجمهورية، استعدادها للاعتراف بشرعيتها. كذلك، فإنها تسعى لتوثيق التواصل بين المعارضة السياسية من جهة والكتائب المسلحة. وتعتبر فرنسا المطالبة بتشكيل حكومة بديلة أخذت تلقى أصداء إيجابية من الكثير من الدول، إذ إن قيامها «سيوفر المحاور الشرعي ويوجد الجهاز القادر على التنسيق والتفاعل مع المعارضة المسلحة بكافة مكوناتها». لكن باريس تعي أن الصعوبات ما زالت كبيرة أمام تحقيق هذا الهدف.

غير أن نقطة الضعف في التحرك الفرنسي أنه لا يوفر الحماية للمناطق المحررة من جهة ولا يستجيب للمعارضة، لا من الجيش السوري الحر ولا من مكوناتها السياسية مثل المجلس الوطني السوري أو غيره. وأكدت المصادر الفرنسية أنها «على تواصل» مع الجميع. غير أنها ترى أن تحقيق ما تريده المعارضة، أي «منطقة آمنة» محمية يمنع على الطيران الحربي السوري مقاربتها، عن طريق إيجاد «منطقة حظر جوي»، لم تتوافر ظروفه الموضوعية بعد رغم أن «العمل جار حوله».

كذلك، اعتبرت هذه المصادر تزويد المعارضة المسلحة بما تطلبه من أسلحة دفاع جوي، مثل صواريخ «ستينغر» وخلافها، «يخضع لدراسة جادة»، لكن «عقبات جديدة» ما زالت قائمة، وهي تحول دون الوصول إلى هذه المرحلة، وأهمها تخوف الغرب من أن تقع هذه الأسلحة في أيدي مجموعات جهادية بما فيها تنظيم القاعدة.

ويفهم من كلام المصادر الفرنسية أن الأمر الوحيد الذي من شأنه أن يسقط «فوريا» كل التحفظات التي تمنع التدخل المباشر في الأزمة السورية اليوم - هو استخدام النظام لأسلحته الكيماوية أو التهديد باستخدامها. وذهب وزير خارجية سابق «ألان جوبيه» إلى القول إن تطورا كهذا يجعل الغرب والأسرة الدولية في حِل من المرور بمجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار يجيز مثل هذا الأمر.