ضياء رشوان: تشكيل المجلس الأعلى للصحافة مخالفة صريحة.. والأرجح أن يحل

خبير شؤون الجماعات الإسلامية لـ«الشرق الأوسط» : «الشورى» آخر أدوات «الإخوان» لـ«أخونة» الدولة

ضياء رشوان
TT

قال الدكتور ضياء رشوان، الباحث السياسي نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن «ما حدث في تشكيل المجلس الأعلى للصحافة الأخير لا يمكن النظر إليه بمعزل عن الوضع السياسي في البلاد»، لافتا إلى أن هناك إجراءات تمت في مصر مؤخرا، ومنها حركة المحافظين وتغيير بعض قيادات المؤسسات الخدمية، وتزامن معها إعلان أسماء رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية وتشكيل المجلس الأعلى للصحافة من قبل مجلس الشورى (الغرفة الثانية من البرلمان)، موضحا أن قرار تشكيل المجلس الأعلى للصحافة مخالفة صريحة، ومن الناحية القانونية والدستورية والأخلاقية غير مقبول، لأن مجلس الشورى (الذي يسيطر عليه «الإخوان») يعلم جيدا أنه معرض للحل ومشكوك في صحة انتخابه، والأرجح أن يتم حله على غرار مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان)، لكن على الرغم من ذلك فإنه يخاطر للمرة الرابعة لإحلال من يراهم مؤيدين للجماعة.

وأضاف رشوان، في تصريحات خاصة مع «الشرق الأوسط»: «بعيدا عن الأشخاص الذين تم اختيارهم في (الأعلى للصحافة)، مصر الآن تعد دستورا جديدا، ومن المفترض أن يتم وضع نظام جديد لإدارة المجلس الأعلى للصحافة والمؤسسات القومية الصحافية، وبموجبه سيتم تغيير جميع الأسماء التي تم طرحها في التشكيلة الجديدة للمجلس»، معتبرا تشكيل المجلس الأعلى للصحافة مضيعة للجهد والوقت، قائلا: «من العيب أن يخرج خبراء في الصحافة والرأي من المجلس السابق ويدخل بدلا منهم آخرون بعضهم ممكن أن يأخذ لقب قارئ بالعافية». وأعلن مجلس الشورى أول من أمس (الثلاثاء) تشكيل المجلس الأعلى للصحافة الجديد، وتم اختيار الأعضاء الأكثر تناغما مع حزب الحرية والعدالة والإخوان المسلمين، واستبعد من لهم مواقف معارضة، أمثال «جلال عارف وصلاح منتصر ومصطفى بكري وجمال الغيطاني وصلاح عيسى وفريدة النقاش والشاعر فاروق جويدة»، الذين تم اختيارهم من قبل المجلس العسكري في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2011.

وتابع رشوان الذي استبعد من تشكيلة المجلس الأعلى للصحافة: «لو أن النظام المصري الحالي كان حريصا على بناء مصر وليس على انتهاز الفرصة، لكان عليه أن يولي جهده اقتراح مواد في الدستور الجديد (الذي يجري إعداده الآن) والذي من المفترض الانتهاء منه خلال شهرين، من أجل إقامة القواعد السليمة المستقرة».

وأوضح رشوان أن هناك مصارعة واضحة تماما من حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، للسيطرة على السلطة التنفيذية والتشريعية ومد أذرعه في كل مكان بالدولة، وهناك محاولة أخيرة لاستغلال آخر ما لديه من أدوات، متمثلة في مجلس الشورى، لمد السيطرة على مفاصل الدولة المصرية.

وأضاف رشوان أن «المشهد السياسي في مصر يؤدي لخسارات كثيرة لحزب الحرية والعدالة، الذي نجح في أكثر من 65 يوما منذ تولي الرئيس محمد مرسي الرئاسة في أن يستقطب خلافات وعداءات مع معظم حلفائه السابقين، سواء من التيار الإسلامي أو الليبرالي أو اليسار»، لكنه استطرد قائلا: «مصر على أعتاب مشهد انتخابي في الانتخابات البرلمانية المقبلة، أظن أنه متفائل طالما أنه بعيد عن سيطرة حزب الحرية والعدالة». وقال رشوان، وهو خبير في شؤون الجماعات الإسلامية، إن حزب الحرية والعدالة واضح أن أداءه الآن يفقده شعبية كبيرة، خاصة في داخل النخبة وداخل الحضور العام في الشارع المصري، في مقابل قوى أخرى تعمل في الواقع بجدية، خاصة وجود فرصة للاندماج بينهم، مثل تحالف البرلماني السابق وحيد عبد المجيد مع بعض القوى وتشكيل «الائتلاف الجديد»، الذي يضم تيارات وسطية إسلامية وليبرالية ويسارية، وتحركات «التيار الشعبي» الذي أسسه حمدين صباحي المرشح السابق للرئاسة، فضلا عن حزب الدستور الذي أسسه الدكتور محمد البرادعي، الوكيل السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مؤكدا أن «جميع هذه التحالفات وأخرى قاربت أن تلتقي معا»، مضيفا أنه «إذا التقت هذه التحالفات معا في ظل أداء متدنٍّ من الحرية والعدالة، أظن أن المسألة ستكون مختلفة تماما بالنسبة للحرية والعدالة في الانتخابات البرلمانية المقبلة».

وحول قدرة القوى السياسية والتحالفات على التصدي لحزب «الإخوان» في الانتخابات المقبلة، قال رشوان إن «المؤشرات تدل أن هذه القوى لو نسقت مع بعضها، وحتى إذا لم تنسق تنسيقا كاملا، لديها فرصة أكبر من (الإخوان) في أغلبية البرلمان المقبل»، رافضا من يبالغون في قوة «الإخوان» الآن بعد سيطرتها على السلطة في مصر بقوله: «على الجميع أن لا يبالغوا في قوة (الإخوان) لا من الناحية الانتخابية ولا من الناحية الشعبية». ودلل رشوان على ذلك بأن الفريق أحمد شفيق، المرشح السابق في انتخابات الرئاسة الذي يحسب على أنه فلول النظام السابق – على حد تعبيره - اقتسم مع الرئيس مرسي الأصوات في الانتخابات الرئاسية، في معركة المفروض أنها محسومة سلفا لـ«الإخوان»، لكن انتهى السباق الرئاسي بفارق أصوات بسيط للرئيس مرسي مع شفيق وشكوك حول نتيجته، وفقد «الإخوان» ومعهم أصوات السلفيين ما بين انتخابات مجلس الشعب والرئاسة ما يقدر بنحو 8 ملايين صوت تقريبا، مع بقاء نسبة التصويت كما هي للمصريين.