بوتين: أؤيد التغيير في سوريا شريطة أن لا يكون دمويا

الرئيس الروسي: تربطنا علاقات طيبة مع السعودية

لاجئون سوريون في طريقهم لقطع الحدود السورية الأردنية بمنطقة تل شهاب أول من أمس (أ.ب)
TT

أكد الرئيس فلاديمير بوتين تفهمه الكامل لـ«ضرورة التغيير في سوريا»، على أن يضطلع الشعب السوري وحده بمهام ذلك التغيير، الذي قال إنه يجب أن لا يكون دمويا، وأن يكون بعيدا عن أي تدخل خارجي، مشيرا إلى وجود علاقات طيبة تربط روسيا مع العالم العربي بشكل عام، قائلا: «لدينا علاقات طيبة مع المملكة العربية السعودية والبلدان الأخرى، وكانت علاقاتي دائما طيبة مع خادم الحرمين الشريفين».

وقال بوتين في أول حديث يدلي به إلى قناة «روسيا اليوم» الناطقة بالإنجليزية بعد تنصيبه رئيسا لروسيا في مايو (أيار) الماضي، إن موسكو لا تفكر في إعادة النظر في مواقفها تجاه الأزمة السورية، وأضاف: «لماذا يجب على روسيا فقط أن تعيد النظر في مواقفها؟ قد يجب على شركائنا في عملية المحادثات أن يعيدوا النظر في موقفهم، وأنا أتذكر ما كان يحصل في السنوات الأخيرة (...) فليست كل المبادرات التي اتخذها شركاؤنا انتهت كما كانوا يرغبون».

وإذ أشار إلى تعثر حملات الولايات المتحدة والبلدان الغربية في أفغانستان، قال بوتين إن «الجميع يفكرون الآن في كيفية الخروج من هناك»، وإن «روسيا تساعدهم في عملية الخروج ونقل معداتهم وجنودهم عبر أراضيها». أما عن سياسات موسكو تجاه القضية السورية، فقد اعتبرها بوتين السبيل الأمثل لوقف العنف والتحول نحو الحوار.

وتوقف بوتين عند ما جرى في مصر وليبيا وتونس واليمن، قائلا إن «الصراع في ليبيا - وحتى هذه اللحظة وبشكل عام - يدور مسلحا بين قبائل مختلفة»، مؤكدا أنه لا يريد الحديث عن طريقة نقل السلطة، وإنما يود التوقف عند ما يثير قلق روسيا أكثر وهو العنف الذي يدور الآن في سوريا. بينما أشار كذلك إلى ما يساور بلاده أيضا من قلق تجاه تدفق الأسلحة على فصائل المعارضة، وحذر من مغبة استخدام البعض في سوريا للمتطرفين ومقاتلي «القاعدة»، مؤكدا ضرورة إجبار كل الأطراف على الجلوس إلى مائدة الحوار، وتحديد أطر المستقبل، معترفا في نفس الوقت بضرورة التغيير في سوريا، الذي قال إنه «لا يجب أن يكون دمويا». وأشار إلى أن السبيل إلى ذلك يمكن أن يكون بيان جنيف الذي توصلت إليه الأطراف المعنية بوصفه «خريطة طريق» يمكن من خلالها التوصل إلى اتفاق يكفل تحقيق الاستقرار والانتقال إلى مرحلة البناء والتطور.

وعزا الرئيس الروسي ما يدور من أحداث في المنطقة العربية إلى إغفال قادة بلدانها ضرورة التغيير، وإجراء الإصلاحات الضرورية في الوقت المناسب، مشيرا إلى أن ما جرى هناك تم على نحو غير حضاري وبشديد من العنف دون التوصل إلى آليات ثابتة لحل المشكلات الاقتصادية والسياسية.

واستطرد ليقول: «باعتقادي إن أول ما يمكن عمله هو إيقاف مد منطقة النزاع بالسلاح، ولكن هذا مستمر. وأكرر مرة أخرى، يجب عدم اتخاذ قرارات تفرض على طرف واحد وتكون غير مقبولة بالنسبة لتطور الأحداث. هذا ما يجب عمله، وليس هناك ما هو صعب جدا». وأضاف: «لحسن الحظ، نحن لدينا علاقات طيبة مع العالم العربي بشكل عام، ولكن ليس لدينا رغبة في التدخل في النزاعات الإسلامية الداخلية ولا التدخل في الخلافات بين السنة والشيعة والعلويين وغير ذلك. نحن نتعامل باحترام مع الجميع، ولدينا علاقات طيبة مع المملكة العربية السعودية والبلدان الأخرى، وكانت علاقاتي دائما طيبة مع خادم الحرمين الشريفين. ولكن موقفنا يعبر عن رغبة واحدة، وهي خلق وضع ملائم لتطوير الأوضاع بالاتجاه الإيجابي إلى سنوات كثيرة في المستقبل».

وعن دور الأمم المتحدة أشار بوتين إلى عدم موضوعية ما يوجه إليها من انتقادات، في إشارة إلى فشل مهمة كوفي أنان، قائلا: «إذا كانت هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي قد تحولا إلى دائرة لإصدار القرارات لصالح جهة واحدة.. هذا بالفعل يعني انتهاء وجودها كما حصل مع عصبة الأمم. ولكن مجلس الأمن - والأمم المتحدة بشكل عام - منظمة لإيجاد الحلول الوسط، وهذه عملية صعبة. ولكن فقط من نتائج هذه العملية الصعبة يمكن أن ننتظر النجاح».

أما عن العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية وموقفه من المرشحين للرئاسة هناك، قال بوتين إن بلاده سوف تتعامل مع من يختاره الشعب الأميركي، وإن أشار إلى أن الرئيس باراك أوباما بذل مع الرئيس الروسي السابق ميدفيديف مجهودا طيبا.

أما عن المرشح ميت رومني، الذي أعلن عن اعتبار روسيا العدو رقم 1 للولايات المتحدة، فقال بوتين إنه يرى مثل هذه التصريحات من منظور مقتضيات الحملات الانتخابية. لكنه عاد وأشار إلى رفض روسيا لمنظومة الدرع الصاروخية الأميركية التي يقولون إنها ليست موجهة ضد روسيا، ولا سيما بعد مثل هذه التصريحات التي صدرت عن مرشح الحزب الجمهوري.