«العراقية» وقيادات مسيحية وشيوعية تستنكر حملة غلق النوادي الليلية

قيادي مسيحي لـ «الشرق الأوسط»: استهداف للحريات قبل المسيحيين

TT

لليوم الثالث على التوالي تتفاقم مسألة قيام قوة عسكرية عراقية بمداهمة عدد من النوادي الاجتماعية في بغداد «نادي اتحاد الأدباء والنادي الآشوري ونادي المشرق» وغلقها بالقوة والاعتداء على العاملين فيها، فضلا عن تحطيم صورة لأكبر رمز مسيحي في العراق هو الكاردينال دلي الثالث. ومن جهتها، اعتبرت القائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، الاعتداء على أصحاب النوادي الاجتماعية وروادها في بغداد «انتهاكا» لحقوق الإنسان وللدستور وللأخلاق والقيم العسكرية. وقالت المتحدثة باسم القائمة ميسون الدملوجي في بيان صدر أمس (الخميس) إن «هناك حملة منظمة لقمع الحريات والتضييق على التعددية الفكرية وحق التعبير عن الرأي، من خلال بعض مواد مشاريع القوانين كقانون الأحزاب وقانون جرائم المعلوماتية وقانون حرية التعبير، إضافة إلى الإجراءات القمعية المتواصلة ومنها منع السافرات من دخول مدينة الكاظمية وشوارعها بعيدا عن الصحن الشريف، أو الاعتداء على النوادي الاجتماعية». واعتبرت الدملوجي، أن «ما قامت به الفرقة 56 بالتعرض بالضرب للفنانين والأدباء والشخصيات الاجتماعية، انتهاك واضح لحقوق الإنسان وللدستور وللأخلاق والقيم العسكرية»، مشيرة إلى أن «هذه الحملة لا تتم بمعزل عن التطورات السياسية بالمنطقة، ومحاولة بعض دول الجوار فرض هيمنتها السياسية والفكرية والثقافية على الإرادة العراقية». وأكدت الدملوجي، أن «سلامة العراق وحفظه من تداعيات الأحداث في المنطقة يتحقق بتماسك النسيج الاجتماعي والوقوف صفا واحدا ضد التدخلات الخارجية، وليس بافتعال الأزمات»، داعية القوى السياسية والمجتمع العراقي إلى «الانتباه للمخالب التي تسعى إلى تمزيق نسيج المجتمع العراقي والعملية السياسية وبناء الدولة المدنية». وطالبت الدملوجي الأجهزة الأمنية بـ«احترام المواطنين وممارسة دورها في حماية البلاد ورفض هذه الممارسات المعيبة التي تسيء للمهنة والشرف العسكري». من جهته، اعتبر رئيس كتلة الرافدين في البرلمان العراقي يونادم كنا أن يكون ما حصل بمثابة استهداف منظم للمسيحيين في العراق. وقال كنا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «ما حصل في الواقع إنما يمثل انتهاكا للحريات والقيم والدستور وهو ما يعني استهدافا لكل العراقيين وليس بالضرورة أن يكون موجها ضد جهة أو طرف مثل المكون المسيحي مثلما يحاول البعض أن يصور الأمر». وأضاف كنا، أن «الموضوع يجب أن ينظر له من زاوية أكبر، حيث إن العراقيين جميعا يمكن أن يكونوا مستهدفين من قبل هذا الطرف أو ذاك ولكننا هنا إزاء قضية قمع حريات وانتهاك واضح للدستور وحقوق الإنسان وهو أمر مدان ومستنكر». وأوضح أنه «أجرى اتصالات مع مكتب القائد العام للقوات المسلحة بشأن ما قيل عن كون التعليمات صادرة عن مكتب القائد العام»، موضحا في مكتب القائد العام أن من تولى الأمر هم أفراد الشرطة السياحية وليسوا قوات عسكرية.

وأشار كنا إلى أن «من المؤسف حقا أن بعض من يتصدى لتطبيق القانون بحاجة إلى من يتولى عملية ضبطه لأنه خارج على القانون والقيم والأعراف»، معتبرا أن «ما يحصل بين آونة وأخرى من مثل هذه الممارسات إنما يمثل إساءة للدولة وللتآخي بين مكونات المجتمع العراقي». أما عضو البرلمان العراقي عماد يوخنا (نائب مسيحي)، فقد أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «من الخطأ ربط النوادي الليلية دائما بالمسيحيين، ذلك أن رواد هذه النوادي ليسوا مسيحيين فقط وإنما هم عراقيون من كل الأديان والمذاهب والقوميات، وبالتالي فإن العملية برمتها إنما تمثل انتهاكا للقيم والحريات، والأهم من ذلك الدستور العراقي».

وأضاف «صحيح أن الدستور العراقي يقول إن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة العراقية إلا أنه تضمن أيضا عدم تشريع قوانين تتعارض مع مبادئ الحرية والديمقراطية». واستنكر يوخنا بشدة «عملية استهداف الرمز المسيحي الكاردينال دلي الثالث الذي كانت صورته موضوعة في إدارة النادي وقد قام بعض الجنود بالتلفظ بكلمات نابية»، مطالبا «بإجراء تحقيق عاجل في العملية وإحالة المقصرين إلى القضاء». أما عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي فقد أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن ما حصل إنما هو تجاوز خطير على الحريات والقيم والدستور ويمثل تراجعا في مفاهيم الدولة المدنية التي ننشدها جميعا»، مؤكدا أنه «بات اليوم من الصعب الحديث عن هذه الدولة في ظل مثل هذه الممارسات التي تتكرر بين فترة وأخرى، لا سيما أن ما يحصل يبدو خارج المألوف من عدة نواح، حيث لا توجد أوامر قضائية بذلك كما لم يخطر أحد من أصحاب هذه النوادي مسبقا بكونهم مخالفين ويتوجب عليهم المراجعة فضلا عن أن الاعتداءات تعطي رسائل في غاية الخطورة باتجاه فرض نموذج لدولة دينية مرفوضة في العراق».

وأشار إلى أن «هناك مسألة في غاية الأهمية وهي أننا لم نعد نعرف ما هي المرجعية التي يمكن الرجوع إليها، حيث إن جهات كثيرة تنصلت من مسؤولية ما حصل، وهذا ربما أخطر ما في الموضوع برمته». وأشار إلى أن «هناك قضية أخرى لا بد من الانتباه إليها وهي عملية القمع المنظم للأقليات، حيث إننا في مثل هذه الأساليب لا نستطيع تطمين هؤلاء بإمكانية التعايش في إطار دولة تدعي أنها تريد تطبيق القانون».