نائب رئيس الأركان الأميركي يبحث في إسرائيل الملف الإيراني

وكالة الطاقة الذرية تعرض صورا لأعمال تنظيف مشتبه لمواقع إيرانية

TT

تم كشف النقاب عن زيارة سرية يقوم بها نائب رئيس أركان الجيش الأميركي، الأدميرال جيمس فينفيلد، لإسرائيل منذ يومين، حيث يجري مباحثات حول العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك في الموضوع الإيراني. وقام أمس بجولة ميدانية على الحدود مع قطاع غزة حيث اطلع على طريقة عمل نظام «القبة الحديدية»، للدفاع الصاروخي.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي التي كشفت النبأ إن مصادر أميركية أكدت لها أن الأسابيع المقبلة ستشهد زيارات عديدة مماثلة من قادة أميركيين في الجيش وأجهزة المخابرات، إضافة إلى قدوم القوات الأميركية التي ستشارك في المناورات الكبرى في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وفي غضون أيام سيصل إلى إسرائيل الجنرال كرييج فرانكلين، قائد الطيران لقوات الجيش الأميركي في أوروبا، بوصفه قائدا لهذه المناورات. وسيبدأ العمل على تنفيذها مع نظرائه الإسرائيليين.

وكانت الولايات المتحدة قد قلصت عدد قواتها المشاركة في هذه المناورات من 5000 إلى 1500، واعتبر الأمر في إسرائيل بمثابة طريقة رمزية تبين فيها الإدارة الأميركية مرارتها من سياسة الحكومة الإسرائيلية في الموضوع الإيراني. ولكن تراجع حكومة بنيامين نتنياهو عن التهديد بضرب إيران قبل الانتخابات الأميركية والحديث عن صفقة بين الطرفين يتم بموجبها وضع خطوط حمراء أمام إيران ويتم تزويد إسرائيل بمعدات حربية حديثة مقابل وقف مخططها لضرب إيران، جعل العلاقات تسلك مسلكا جديدا يتسم بالتعاون والتنسيق المشترك.

وفي أعقاب ذلك توقعت مصادر إسرائيلية أن تشهد الحقبة المقبلة مبادرات أميركية عديدة تظهر التحسن في العلاقات. وأشارت إلى أن الحزب الديمقراطي الأميركي أعاد في برنامجه الانتخابي، أمس، العبارة التي تؤكد أن «القدس عاصمة إسرائيل» وذلك بعد أن كانت قد سقطت من هذا البرنامج واتهمهم الجمهوريون بإظهار تأييد ضعيف لحليفة أميركا. وقال مسؤول ديمقراطي إن هذه العبارة أعيدت لتعكس وجهة النظر الشخصية للرئيس باراك أوباما. وتم تعديل صياغة البرنامج الانتخابي في تصويت برفع اليد بين المندوبين الديمقراطيين في مؤتمرهم في تشارلوت بولاية نورث كارولينا.

كما أشارت المصادر الإسرائيلية بالإيجاب إلى قرار شركة «بوينغ»، كبرى شركات صناعة الطائرات الأميركية، مساعدة إسرائيل في تسويق صاروخ «حيتس»، ضمن جهدها لحماية إسرائيل. وقال مسؤول في الشركة، حسب صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، إن إسرائيل تتأهب للقيام بأول تجربة متكاملة لاختبار نظام «أرو» أو «حيتس» (السهم) المضاد للصواريخ باستخدام صاروخ اعتراض جديد يعمل على ارتفاع كبير يطلق عليه اسم «أرو 3». ونقلت وكالة «رويترز» عن المدير التنفيذي لإدارة الدفاع والفضاء والأمن في شركة بوينغ، دينيس مويلنبيرغ، قوله: «نظرا لأننا نثبت نجاح هذه التكنولوجيا ورأينا أنها ليست في متناول اليد فحسب، بل إنها فعالة أيضا، فإننا نعتقد بوجود فرص إضافية لهذه الميزة في السوق العالمية». وأوضح أن «بوينغ» تعتقد أن الأسواق المحتملة لتسويق المنظومة الأميركية المشتركة هذه تشمل الهند وسنغافورة وكوريا الجنوبية.

من جهة ثانية، أطلق رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، تصريحات، يهدئ فيها من روع مخاوف الحرب مع إيران. فقال في حديث لصحيفة «المحارب»، التابعة لمنظمة المعاقين من الحروب في الجيش الإسرائيلي، إنه لا ينصح المواطنين الإسرائيليين بالتدفق على مراكز توزيع الكمامات الواقية من الغاز. وفسرت أقواله على أنها طمأنة بابتعاد شبح الحرب.

لكن غانتس راح يتحدث عن قوة الجيش الإسرائيلي العظمى. وقال إن جيشه يستطيع الوصول إلى أية نقطة في الشرق الأوسط وإنه لا يوجد جيش أقوى من الجيش الإسرائيلي في المنطقة. ونصح القوى التي تفكر في خوض حرب مع إسرائيل، مثل إيران وحزب الله اللبناني أو سوريا، أن لا تجرب حظها مع جيشها. وقال إن من يخوض حربا مع إسرائيل سيصاب بضربات موجعة جدا. وهدد بأن يعود لبنان إلى الوراء عشرات السنين إذا بادر حزب الله إلى الحرب. وعاد ليهدد باجتياح قطاع غزة وقال إن إسرائيل خرجت من غزة بقصد الانفصال التام عنها ولكنها ما زالت تطلق الصواريخ وهو يرى أن عودة الجيش الإسرائيلي «لزيارتها» مسألة حتمية.

وقال غانتس إن قواته جاهزة لمواجهة أي تطور في الأوضاع في سوريا، «حيث النظام هناك ينهار والفوضى عارمة ولا أحد يعرف كيف سينعكس الوضع على إسرائيل». وأكد أن جيشه يتابع الأوضاع في سوريا بشكل حثيث.

وفي غضون ذلك، عادت موسكو إلى تحذيراتها من مغبة احتمالات توجيه أي ضربات عسكرية ضد إيران. وقال سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي في حديثه لوكالة أنباء «إنترفاكس» الذي تناول فيه قضايا الرقابة على التسلح وحظر انتشار أسلحة الدمار الشامل: «توجد شواهد تشير إلى تصاعد الأوضاع في اتجاه التوتر بما يستدعي ضرورة العمل من أجل الحيلولة دون أية مضاعفات». وأكد ريابكوف «عدم وجود الحاجة إلى أي أعمال عنف ولا سيما من جانب من يناقش مثل هذه القرارات نظرا لما تحمله من احتمالات كارثية بالمعنى الحرفي للكلمة بالنسبة للاستقرار الإقليمي، وهزات عميقة في مجال الأمن وفي مجال الاقتصاد يمكن أن تترامى تداعياتها بعيدا إلى ما وراء حدود منطقة الشرق الأوسط. وذلك هو ما لا يجب السماح به». وأشار ريابكوف إلى أنه «لا يرى ما يؤكد وجود عناصر عسكرية في البرنامج النووي الإيراني. بل إن ما نراه هو مواد نووية تجري صناعتها في إيران تحت رقابة خبراء ومفتشي وكالة الطاقة الذرية. كما أن هذه المواد لا يجري تحويلها إلى أغراض عسكرية الأمر الذي تؤكده الوكالة رسميا». وأضاف قوله إنه لا يستطيع إغفال حق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، في الوقت نفسه الذي أكد فيه عدم وجود حقوق دون التزامات. وأعرب المسؤول الروسي عن تأييد بلاده لأهمية نجاح مفاوضات السداسية مع إيران وضرورة تأكيد إجراءات الثقة في الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

إلى ذلك، قال دبلوماسيون غربيون إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية عرضت أول من أمس سلسلة من الصور التقطت عبر الأقمار الصناعية زادت الشكوك بشأن أنشطة تنظيف بموقع عسكري إيراني تريد الوكالة تفتيشه، لكن مندوب إيران نفى صحة الصور المقدمة.

وقال الدبلوماسيون إن الصور التي عرضت أثناء جلسة مغلقة للدول الأعضاء بالوكالة تشير إلى جهود حثيثة بذلت في الأشهر الماضية لإزالة أي دليل يدينها في موقع بارشين.

وأضافوا أن أحدث صورة تعود إلى منتصف شهر أغسطس (آب) وتظهر مبنى تعتقد الوكالة أن إيران أجرت فيه اختبارات على متفجرات تتعلق بتطوير أسلحة نووية ربما قبل عقد مضى وقد غطي بما بدا كغطاء وردي اللون.

وقال مسؤول غربي رفيع بشأن الإفادة التي قدمها هيرمان ناكيرتس نائب مدير عام الوكالة ورافائيل جروسي المدير العام المساعد للوكالة «كانت أدلة دامغة تماما».

وقال المندوب: «الصورة الأخيرة كانت واضحة جدا. يمكن رؤية اللون الوردي».

وقال معهد العلوم والأمن الدولي وهو مركز أبحاث أميركي إن الهدف من تغطية المبنى قد يكون حجب المزيد من أعمال التنظيف عن الأقمار الصناعية.

وقالت الوكالة الدولية في تقرير سري الأسبوع الماضي إن «أنشطة مكثفة» تجرى في بارشين منذ فبراير (شباط) من بينها إزالة بعض المباني وتجريف الأرض من شأنها أن تعوق بشكل كبير تحقيقها هناك إذا ما سمح لها بالدخول إلى المنشأة الواقعة جنوب شرقي طهران.

وتنفي إيران اتهامات الغرب لها بالسعي لتطوير قدرة على صنع قنابل نووية وتقول إن بارشين موقع عسكري تقليدي.

وقال علي أصغر سلطانية مبعوث إيران لدى الوكالة الدولية إن الأنشطة «التي قيل إنها أجريت قرب تلك المواقع المزعومة التي حددتها» الوكالة لا علاقة لها بالتحقيق الذي تجريه.

وقال للصحافيين بعد إفادة الوكالة الدولية للطاقة الذرية «مجرد الحصول على صورة من أعلى.. صورة التقطها قمر صناعي.. هذه ليست الطريقة التي يجب أن تؤدي بها الوكالة عملها الاحترافي». وأضاف سلطانية: «يجب أن يحرص الجميع على عدم تدمير مصداقية الوكالة»، حسب «رويترز».

وتقول إيران إنه يجب أن تتوصل أولا إلى اتفاق أوسع مع الوكالة الدولية بشأن كيفية إجراء تحقيقها الخاص بالأبحاث المزعومة لتصنيع قنبلة نووية في الجمهورية الإسلامية قبل أن تسمح بدخول المفتشين إلى بارشين.

وفيما يسلط الضوء على إحدى النقاط الرئيسية الشائكة قال سلطانية إن إيران يجب أن ترى الوثائق التي تشكل أساس مخاوف الوكالة الدولية بشأن أبعاد عسكرية محتملة للبرنامج النووي لطهران.

ويقول دبلوماسيون إن الوكالة لا تستطيع تسليم بعض هذه الملفات - التي يعتقد أنها حصلت عليها من وكالات مخابرات أجنبية - لأسباب تتعلق بالسرية.

وقال سلطانية: «عليهم تسليم الوثائق». وأضاف: «دون الوثائق لا يمكن أن نثبت ما إذا كان هناك أساس لهذا أم لا».

وجاء أيضا في تقرير الوكالة الدولية أن إيران ضاعفت عدد أجهزة الطرد المركزي في منشأة لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض خلال الأشهر القليلة الماضية متحدية المطالب الدولية بتعليق تخصيب اليورانيوم.