دمشق تعلن عن إمكانية تقييد حركة «الصليب الأحمر» لتخوفها من انتهاك السيادة السورية

الجيش الحر يؤكد استعداده لتوفير الحماية للمنظمات الدولية لدخول المناطق الساخنة والمحررة

TT

بعد ساعات من تصريحات رحب فيها الرئيس السوري بشار الأسد بالعمليات الإنسانية التي تقوم بها لجنة الصليب الأحمر الدولي على الأرض في سوريا، «ما دامت تعمل بشكل مستقل ومحايد»، أعلن علي حيدر وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية أن بلاده ربما تقيد حركة الصليب الأحمر، مشيرا إلى ما وصفها بشكوك في أن أنشطة منظمة المساعدات الدولية ربما تكون محاولة لانتهاك سيادة سوريا.

وعقب لقائه رئيس منظمة الصليب الأحمر بيتر مورير، الذي يزور سوريا منذ مطلع الأسبوع سعيا لتسهيل مهمة المنظمة في الداخل السوري، اعتبر حيدر، في تصريحات للصحافيين خارج مكتبه نقلتها «رويترز»، أن طلب تسهيل عمل اللجنة ربما يكون طلبا لفتح أبواب تنتهك السيادة السورية. وأضاف أنه لهذا السبب قالت الحكومة إن العلاقة مع هذه المنظمة سوف تكون على أساس تزويد الناس بالمساعدات الإنسانية، وليس فتح الأبواب أمام هذه المنظمة أو غيرها للعمل كما تريد، مشيرا إلى أن لسوريا تاريخا من العلاقات السيئة مع بعض المؤسسات الدولية.

وكان الرئيس السوري اجتمع برئيس المنظمة الدولية يوم الثلاثاء لبحث تحسين وصول عمال المساعدات إلى المدنيين. وقالت اللجنة إن الأسد أعطى «التزامات إيجابية» بشأن طلبات مورير.

وبالتزامن مع التصريحات السورية الرسمية المتناقضة من التعاطي مع «الصليب الأحمر»، اقترح رئيس اللجنة الدولية بيتر مورير خلال اجتماعاته مع المسؤولين السوريين، إرسال أطباء متخصصين ضمن عيادات جراحية متنقلة، مطالبا بتمكين اللجنة من تأسيس وإنشاء عيادات.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) عن مورير قوله عقب لقائه وزير الصحة السوري سعد النايف إنه أعرب عن رغبته «في تمكين اللجنة من تأسيس وإنشاء عيادات ومؤسسات لتقديم خدمات طبية للسوريين». واقترح كذلك مورير «إرسال أطباء مختصين من اللجنة ضمن عيادات جراحية متنقلة للمساهمة بالأعمال الطبية المعقدة ودعم جهود الأطباء السوريين، لا سيما في ظل الاحتياجات الصحية المتزايدة». كما أعرب مورير عن «قلقه للضرر الذي يتعرض له القطاع الصحي في سوريا وعدم احترام المنشآت الصحية ومنظومات الإسعاف والعاملين فيها في هذه الأوقات».

وفي حين تعذر الوصول إلى القيمين على منظمة الصليب الأحمر في سوريا أمس للرد على تعليقات حيدر، أعلن العقيد المنشق عارف الحمود، نائب رئيس الأركان في الجيش الحر، أن «الصليب الأحمر» لم يتواصل حتى الآن مع قيادة الجيش الحر، لافتا إلى إمكانية أن يتم التواصل مباشرة مع الكتائب الثائرة على الأرض.

وقال الحمود لـ«الشرق الأوسط»: «لا نستغرب ما أعلنه الوزير حيدر عن أن النظام قد يقيد حركة الصليب الأحمر داخل سوريا، بوصفه يقيد حركتهم أصلا. وبالتالي، فإن نظاما يقتل ويبيد شعبه، لن يتعاطى بإيجابية مع المنظمات الإنسانية والدولية ولا مع وسائل الإعلام، لأنها ستنقل الوقائع كما هي للمجتمع الدولي، وهو بالتأكيد ما لا يناسب النظام».

وأفاد الحمود بأن قيادة الجيش الحر تتواصل مع أكثر من منظمة حقوقية بالأمم المتحدة، وكذلك مع محكمة الجنايات الدولية التي أمدتها بشهادات أسرى سابقين، كاشفا عن أن عناصر الجيش الحر يساعدون أكثر من منظمة إنسانية ودولية على دخول سوريا، ومنها منظمة «أطباء بلا حدود»، موضحا أن المستشفيات الميدانية التي تقيمها هذه المنظمات في المناطق الساخنة والمحررة تخضع مباشرة لحماية الجيش الحر. وأضاف: «نحن مستعدون لتأمين حماية العناصر التابعة للصليب الأحمر وغيرها من المنظمات ولمساعدتها في دخول المناطق الساخنة والمحررة».

في غضون ذلك، أشاد نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف بعمل لجنة الصليب الأحمر الدولية في سوريا، الذي وصفه بأنه «محترف وغير مسيس». وأشار الدبلوماسي الروسي، في صفحته على موقع «تويتر»، إلى أن «لجنة الصليب الأحمر في الظروف الصعبة في سوريا توسع نشاطها بالاتفاق مع السلطات السورية. هذه هي نتائج محادثات رئيس لجنة الصليب الأحمر في دمشق. إن عمل موظفي الصليب الأحمر المحترف وغير المسيس من أجل تحسين وضع السكان، يستحق أعلى تقدير».