تسليح المعارضة السورية.. الرهان الغربي

مقترح بإنشاء وحدات معروفة الولاءات من داخل التشكيلات العسكرية المنشقة تمنح الأسلحة الدفاعية

قناص من عناصر الجيش الحر يتخذ مكانه في حي سيف الدولة بحلب مطلع الأسبوع (رويترز)
TT

يتوقع أن يكون الملف السوري على رأس جدول أعمال وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذين سيجتمعون اليوم وغدا السبت بشكل غير رسمي في أحد المنتجعات القبرصية، وفي إطار ما يسمى «لقاءات غيمنيش». وتريد فرنسا أن تطرح موضوع مساعدة ما تسميه «المناطق المحررة»، أي تلك التي خرجت عن سلطة الدولة السورية بحيث انسحبت منها قواها الأمنية وأجهزتها وغابت عنها الخدمات العامة وتشكلت فيها إما مجالس إدارة محلية أو مجالس ثورية.. وبدأت باريس مد يد العون لها وتريد من الشركاء الأوروبيين أن يسلكوا الدرب نفسه.

غير أن السؤال الشائك يتناول بشكل رئيسي كيفية الدفاع عن هذه المناطق التي تتعرض، بشكل متقطع، للقصف المدفعي والجوي مثلما حدث مؤخرا في مدينة أعزاز أو في مناطق أخرى، فيما يبقى طريق مجلس الأمن الدولي غير سالك من أجل إيجاد مناطق آمنة أو منطقة حظر جوي أو ممرات إنسانية بسبب المعارضة المزدوجة الروسية والصينية.

كذلك، فإن الدول الغربية الناشطة في الموضوع السوري ترفض - حتى الآن - تسليح المعارضة، والأهم مدها بالأنظمة اللازمة من الدفاعات الجوية التي تمكنها من مواجهة طائرات النظام والأسلحة الصاروخية لوقف تقدم دباباته.

بيد أن الرفض الأميركي - الأوروبي، الذي يتعلل بحجج كثيرة منها الامتناع عن صب الزيت على النار والدفع باتجاه حرب أهلية أو التخوف من وقوع هذه الأسلحة المتقدمة بأيدي مجموعات أو تنظيمات جهادية، يبدو أنه بدأ في التصدع. ووفق مصادر فرنسية وغربية، فإن ثمة «محادثات جادة» تجرى مع مجموعات من المعارضة المسلحة بشأن هذا الموضوع. غير أن هذه المصادر أشارت أكثر من مرة إلى أن الموضوع «معقد» كما أن له «تبعات خطيرة»، مضيفة أنها «تعي» أهمية مطالب المعارضة المسلحة التي تحتاج لهذا النوع من السلاح لحماية المناطق التي تسيطر عليها من جهة، ولإقامة قاعدة أرضية تكون منطلقا لتوسيع رقعة الأراضي التي تسيطر عليها وقاعدة لتنظيم القوات المقاتلة.

ويقول خبراء غربيون إن مشكلة الأميركيين والأوروبيين الأولى «تكمن في جهلهم بتشكيلات المعارضة المسلحة وبولاءاتها وتوجهاتها، وبالتالي من الصعب عليهم أن يعطوا السلاح كيفما كان، خصوصا السلاح المتقدم».

وبحسب مصادر واسعة الاطلاع، فإن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني نبه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس خلال زيارته للأردن قبل عشرة أيام، لهذا الأمر. لذا، تصر باريس على موضوع تشكيل حكومة سورية بديلة لتكون هي المحاور في المسائل السياسية بالدرجة الأولى، وأيضا المعبر للتفاهم مع مكونات الجيش السوري الحر والتشكيلات العسكرية الأخرى.

وتعتبر فرنسا أن إعلان الرئيس فرنسوا هولاند، في 27 أغسطس (آب) الماضي في خطابه أمام السلك الدبلوماسي الفرنسي عبر العالم، عن استعداده للاعتراف فورا بحكومة سورية للمعارضة وبشرعيتها، كان الهدف منه تشجيع التفاهم والتعاون بين أطرافها «لأنه من دون حكومة تمثل المعارضة معترف بها وبشرعيتها وبما تمثله، سيكون من الصعب على المجتمع الدولي قطع المسافة الإضافية التي تفصله عن توفير المساعدة العسكرية لها».

وحتى الآن، نفض الغرب يديه باللجوء إلى أمرين: القول بداية إن التدخل العسكري المباشر كما تطالب به المعارضة والمتظاهرون في الداخل، صعب، لأن الجانبين الروسي والصيني يجهضان أي قرار بهذا المعنى في مجلس الأمن الدولي. والثاني، الإعراب عن التخوف من وصول الأسلحة إلى أيد «شريرة». وأكثر من مرة أعرب الغربيون عن رفضهم تسليح المعارضة، لكنهم كانوا يردفون مباشرة أن «الأسلحة تصل بأي حال للمعارضة المسلحة».

وليس سرا أن مساعدات غربية متنوعة تصل للمعارضة السورية؛ منها في شكل خبرات، وأخرى مادية، وثالثا استخباراتية، لكن ثمة «خطة» جديدة قيد الدرس يمكن بوضعها موضع التنفيذ أن تغير في المعادلات العسكرية القائمة ميدانيا. وتقوم هذه الفكرة على إنشاء وحدات معروفة الولاءات والأهواء والقيادة من داخل الوحدات العسكرية المنشقة توكل إليها مهمة الدفاع الجوي وتعطى الأسلحة الدفاعية التي تحتاج إليها المعارضة، بحيث تحرم القوات السورية من السيطرة التامة على الجو.

لكن المشكلة أن تشكيل هذه الوحدات يستدعي كثيرا من الوقت والجهد. وتتوقع المصادر الغربية أن بدء قيام حركة توحيد القوى العسكرية، كما برزت في الأيام الأخيرة، إذا ما ترافقت مع تشكيل حكومة بديلة جامعة تتمتع بالصدقية، من شأنه تسريع الأمور ميدانيا. وفي انتظار انجلاء المشاورات عن قرارات شجاعة، فإن طوافات النظام وطائراته الحربية ومدفعيته بعيدة المدى تستطيع، من دون وازع، الاستمرار في القصف والتدمير والترويع.