انفجارات تهز دمشق في جمعة «حمص تناديكم»

طائرات الجيش تقصف حلب.. وقوات النظام تدك حي التضامن بالصواريخ

مظاهر الدمار تبدو على المكان الذي تم فيه تفجير دراجة نارية كانت تحمل متفجرات بحي ركن الدين بدمشق مما أسفر عن قتل 5 من أعوان الأمن أمس (إ.ب.أ)
TT

هزت مجموعة من الانفجارات العاصمة السورية دمشق، في يوم جمعة «حمص تناديكم»، في وقت استمرت فيه قوات الجيش النظامي بإطلاق القذائف المدفعية والصاروخية من الكتائب المتمركزة على جبل قاسيون باتجاه أحياء دمشق الجنوبية: التضامن والقدم ومخيم اليرموك وببيلا، بينما أفادت لجان التنسيق المحلية بسقوط أكثر من 90 قتيلا بمناطق مختلفة بنيران قوات النظام السوري في حصيلة أولية. ومع ذلك، خرجت عشرات المظاهرات الطيارة في الشوارع الخلفية لنصرة حمص المحاصرة منذ شهور وكافة المدن السورية المنكوبة مع تسجيل انخفاض كبير بعدد المظاهرات وبؤر التظاهر وأعداد المشاركين.

وأفادت لجان التنسيق أيضا بوقوع انفجار دراجة نارية أمام مسجد الركنية في ساحة شمدين في حي ركن الدين شمال العاصمة، حيث كان يتجمع عدد من عناصر الأمن والشبيحة، مما أدى إلى مقتل 5 من رجال الأمن وإصابة 10 آخرين، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن الانفجار وقع أثناء صلاة الظهر وحصلت حالة هلع داخل المسجد، من شدة الصوت، وعمت حالة من الفوضى وسط مسارعة عناصر الأمن وسيارات الإسعاف إلى الموقع، ترافقت مع إطلاق نار من قبل قوات الأمن لمنع تجمهر الناس، وتم إسعاف أكثر من 11 جريحا من قوات الأمن والشبيحة أصيبوا بالانفجار، كما قتل ما لا يقل عن 5 أشخاص منهم، وبدا على قوات الأمن الخوف والارتباك الذي زاده تكبير المصلين في مسجد الركنية عقب الانفجار، حيث جرى إغلاق كل الطرق المؤدية إلى مقر الأمن السياسي القريب من موقع الانفجار.

وقال التلفزيون السوري، إن 5 من قوات الأمن المتمركزين أمام مسجد الركنية قتلوا وأصيب 11 شخصا معظمهم من عناصر حفظ النظام في تفجير دراجة نارية وضعت أمام جامع الركنية في ركن الدين شمال العاصمة.

ووقع انفجار آخر قرب مقر وزارة الإعلام في دمشق أمام القصر العدلي، وقال التلفزيون الرسمي، إن سيارة مفخخة انفجرت أمام القصر العدلي على أوتوستراد المزة من دون أي تفاصيل عن الضحايا. وذكر التلفزيون في شريط إخباري عاجل، أن «تفجيرا إرهابيا بسيارة بين القصر العدلي ووزارة الإعلام في المزة». وأوضح التلفزيون، أن التفجير «الإرهابي» أسفر عن أضرار مادية بالسيارات الموجودة بالمكان. وبثت القناة الإخبارية من جهتها، صورا لعشرات السيارات المتضررة جراء التفجير. وظهر في الصور عدد من رجال الإطفاء وهم يقومون بإخماد الحريق في عدد من السيارات المشتعلة المركونة على امتداد الطريق السريع وسط المزة.

كما بدت في الصور عدد من السيارات المحطمة التي لم ينلها الحريق وقد تجمهر حولها عدد من الأشخاص.

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن الانفجار استهدف «سيارتي دفع رباعي وقد احترقت بشكل كامل، وشوهدت أعمدة دخان سوداء تتصاعد في المنطقة. وقامت قوات الأمن على الفور بقطع طريق الأوتوستراد، بينما سارعت سيارات الإسعاف إلى المكان». ورجح شهود العيان أن يكون «المستهدف أحد المسؤولين، في حين أن تلك المنطقة يوجد فيها عدد كبير من المسؤولين وسياراتهم تعبر من ذلك المكان، كما أن موقع الانفجار قريب إلى وزارة الإعلام والقصر العدلي ومكتب قناة (العالم) الإيرانية، كما توجد هناك مقرات لشخصيات إيرانية. ولم تتوفر أي معلومات أخرى عن التفجير».

وبالتزامن مع ذلك، انفجرت عبوة ناسفة قرب المدرسة العمرية بحي المهاجرين وأوقعت أضرارا كبيرة بين صفوف عناصر الأمن الموجودة هناك، أعقبتها اشتباكات عنيفة وسمعت أصوات إطلاق نار لعدة ساعات، اشتد عقبها صوت الإطلاق المدفعي المكثف من جبل قاسيون باتجاه جنوب العاصمة، حيث أعلن الجيش الحر في حي التضامن عن تدمير دبابة «T62» وسيارة دفع رباعي منصوب عليها رشاش دوشكا تابعة للنظام ومقتل أكثر من 40 عنصرا من قوات الأمن والشبيحة في اشتباكات عنيفة جرت هناك، كما أعلن أيضا عن استهداف حاجز لقوات النظام على أوتوستراد الزاهرة الجديدة من قبل الجيش الحر وتدمير راجمة صواريخ متمركزة في دف الشوك خلف جامع الحسين التي كانت تقصف على حي التضامن ومخيم فلسطين واليرموك. وفي ببيلا سقط عدد من الجرحى بينهم أطفال نتيجة القصف العنيف على حي السيدي مقداد في بلدة ببيلا. وقال التلفزيون، إن القوات السورية تابعت مجموعات إرهابية أطلقت قذائف باتجاه مخيم اليرموك في دمشق، مما أدى إلى استشهاد عدد من المدنيين وجرح آخرين». وأضاف أن «الإرهابيين أطلقوا النار على سيارات الإسعاف التي حاولت نجدة المصابين».

وفي ريف دمشق قتل 3 مدنيين في دوما ووقع الكثير من الجرحى نتيجة إطلاق النار الكثيف والمتواصل على المدينة من الحواجز والقناصة المنتشرة في المدينة والتابعة لقوات الأمن والشبيحة، بحسب ما قالته الهيئة العامة للثورة السورية التي أفادت بمقتل 7 مدنيين في بلدة حرستا القنطرة بريف دمشق، حيث قامت قوات الأمن وشبيحة النظام باقتحام المدينة وإعدامهم ميدانيا.

وبالتزامن، تحدث ناشطون عن أن الجيش النظامي قصف براجمات الصواريخ حي التضامن جنوب دمشق، وقالت دينا الشامي، عضو مجلس الثورة في دمشق، إن القصف على التضامن أوقع قتيلا على الأقل وتسبب في تدمير منازل. وأشارت إلى تجدد القصف على مخيم اليرموك، حيث سقط أمس عدة قتلى في قصف مماثل. وأضافت أن القصف استهدف أيضا بساتين حي القزاز (جنوب شرقي دمشق) الذي شهد محيطه صباحا اشتباكات. وتابعت أن الجيش اقتحم القزاز واعتقل العشرات، وأكدت تعرض مناطق أخرى في دمشق للقصف بينها شارع فلسطين، مما تسبب في حالة نزوح إلى مخيم اليرموك. وأشارت الناشطة السورية إلى سقوط قتلى في حملات على بلدات بريف دمشق بينها دوما، حيث قتل 3 أشخاص، في حين تعرضت دير العصافير للقصف بطائرات الميغ.

وذكر المرصد السوري، أن «3 مقاتلين معارضين قتلوا في منطقة دوما في ريف دمشق، بينما عثر على جثامين 6 رجال في حرستا، وأصيب 8 أشخاص بجروح إثر قصف تعرضت له مدينة الزبداني».

وفي وقت لاحق، أكد ناشطون مقتل 7 أشخاص في قصف على بلدة حرستا بريف دمشق. وكان ناشطون أعلنوا في وقت سابق العثور أول من أمس على جثث مجهولة لـ23 شخصا في زملكا و22 جثة أخرى في قطنا بريف دمشق أيضا.

وفي حلب، أفيد بمقتل 23 شخصا في قصف للجيش النظامي على حي الشيخ مقصود الذي يسكنه أكراد. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان تحدثت عن سقوط قذائف مجهولة المصدر، وذلك للمرة الأولى منذ بدء المواجهات بالمدينة.

وأكد ناشطون أن جثث 24 قتيلا نقلت من حي الشيخ مقصود إلى بلدة عفرين لدفنها هناك. وقال ناشطون، إن طائرات الجيش السوري قصفت اليوم بعنف أحياء في حلب بينها الشعار والصاخور. وبينما تستمر الاشتباكات في نقاط كثيرة بالمدينة، نقل التلفزيون السوري عن مصادر عسكرية أن الجيش يقوم بـ«تطهير» حلب ممن ينعتهم بالإرهابيين.

بدوره، قال الناطق الرسمي باسم تنسيقيات الثورة محمد الحلبي لـ«الشرق الأوسط» إن النظام لا يزال يتبع «سياسة الأرض المحروقة في مدينة حلب متسببا بمقتل المئات من أهالي المدينة»، مشيرا إلى أنه «قام يوم أمس بقصف أكثر من 20 حيا بالصواريخ والمدفعية والطيران الحربي، وتركز القصف على أحياء مساكن هنانو والشعار وسيف الدولة وصلاح الدين والسكري وبستان القصر والشيخ مقصود الذي سقط فيه وحده أكثر من 20 قتيلا، بينما تسبب قصف جامع الرشيد في حي الإذاعة بانهيار مئذنة المسجد بالكامل، والتي تعتبر أعلى مئذنة في مدينة حلب». وتحدث الحلبي عن أنه وعلى الرغم من الحملة العسكرية الشرسة التي تشهدها المدينة، خرج أهالي حلب في أكثر من 40 مظاهرة في أغلب مدن وبلدات الريف الحلبي نصرة لمدينة حلب وأهلها.

ولفت الحلبي إلى أنه «لا تزال الاشتباكات محتدمة بين الجيش الحر وميليشيات الأسد في أحياء الإذاعة وسيف الدولة وصلاح الدين، بينما يقوم الجيش الحر باستهداف عدة حواجز ومراكز أمنية في المدينة لتشتيت قوى النظام، كما يقوم بمهاجمة مطار كويرس الحربي في ريف حلب بشكل يومي منذ أسبوع في محاولة منه للسيطرة على هذا المطار الاستراتيجي». وأضاف الحلبي: «في خطوة جديدة وخطيرة يقوم فيها النظام في مدينة حلب؛ سحب المئات من الشباب بين سن الـ18 والـ30 عاما للخدمة العسكرية الإلزامية، سواء كانوا من الاحتياط أو ممن تخلف عن الخدمة، في إشارة واضحة على ضعف قوات النظام وحاجته الماسة لمزيد من القوات لمواجهة الجيش السوري الحر».

وفي أعمال عنف أخرى، قتل طفلان خلال قصف تعرض له مبنى في مدينة البوكمال في محافظة دير الزور شرق البلاد، كما قتل معارضان مسلحان إثر سقوط قذيفة هاون على مكان وجودهما في مدينة دير الزور، بحسب المرصد.

وتعرضت مدن وبلدات معرة النعمان وتفتناز والبارة والطلحية في إدلب لقصف عنيف من قبل القوات النظامية أدى، وفقا للمرصد، إلى سقوط جرحى وتدمير عدد من المنازل، بينما قتل معارض مسلح في اشتباكات في أريحا.

وأفادت شبكة «شام الإخبارية» بأن قصفا عنيفا من راجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة التابعة لقوات النظام السوري استهدف قلعة الحصن بريف حمص، بالتزامن مع استهداف مسجد العمري في حارة الحصن بالقصف، مما أدى إلى تدمير عدد كبير من المنازل في محيطه.

وفي الجمعة التي خصصها الناشطون لمدينة حمص المحاصرة، قال ناشطون إن الآلاف في مدن سورية كثيرة خرجوا مطالبين برحيل نظام الرئيس بشار الأسد. وأفاد هؤلاء الناشطون بأن مظاهرات خرجت في أحياء العسالي والقدم والحجر الأسود في دمشق، في حين حال انتشار قوات الأمن والجيش في أحياء أخرى مثل نهر عيشة. كما خرجت مظاهرات في بلدات بريف دمشق بينها حرستا والهامة ودوما. وسجلت أيضا مظاهرات في حي مساكن هنانو بحلب، وفي بلدات إدلب الخالية من القوات النظامية مثل بنش، وكذلك في محافظة الحس.