مرسي يصلي في مسجد السيدة زينب.. والخطيب يحثه على سعة الصدر

ردا على دعوات سلفية لهدم الأضرحة ولطمأنة الطرق الصوفية

الرئيس المصري محمد مرسي خلال ادائه صلاة الجمعة في مسجد السيدة زينب في القاهرة أمس (رويترز)
TT

أدى الرئيس المصري محمد مرسي صلاة الجمعة أمس بمسجد السيدة زينب بالقاهرة، في بادرة تعد الأولى التي يصلي فيها الرئيس بمسجد به ضريح، كما تؤكد رسالته في خطابه بمؤتمر دول عدم الانحياز بإيران في 30 أغسطس (آب) الماضي، والتي أثنى فيها على الصحابيين الجليلين أبي بكر وعمر (رضي الله عنهما)، وتعد كذلك رسالة جديدة للأحزاب والطرق الصوفية تؤكد حبه لآل البيت، وأن أهل السنة يعلون من شأنهم ولا يقبلون إهانتهم.

يأتي ذلك في وقت يعتزم فيه الرئيس المصري القيام بجولة أوروبية تشمل بلجيكا وإيطاليا الأربعاء المقبل، بهدف جذب الاستثمارات إلى مصر.

وشهدت مداخل مسجد السيدة زينب زحاما شديدا من قبل المصلين وتحول الميدان إلى ثكنة عسكرية بسبب كثافة قوات الأمن المركزي الموجودة بالميدان لتأمين الرئيس، وفيما عززت قوات الأمن من وجودها بمحيط قصر الاتحادية بمصر الجديدة، تحسبا لوقوع أي مظاهرات أمام قصر الرئاسة، سادت حالة من الهدوء ميدان التحرير، وانتظمت حركة المرور أمام المارة، رغم وجود مسيرتين تطالبان بالإفراج عن المعتقلين منذ اندلاع ثورة 25 يناير.

وألقى الدكتور عبد الرحمن البر، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر الشريف، عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، خطبة الجمعة، وتحدث عن خصائص وصفات وخصال الرسول صلى الله عليه وسلم، مسلطا الضوء على طريقة قيادة الرسول للدولة الإسلامية.

وامتدح البر الرئيس مرسي من فوق المنبر، موجهًا خطابه للشعب المصري قائلا: «حسبكم من رئيس يؤدي الصلاة في أوقاتها، فكيف تكون قراراته؟، وآن الأوان ليقيم الإسلام دولته في مصر في السياسة والاقتصاد والاجتماع».

وأضاف البر أن الرئيس لا بد أن يكون أكثر قربًا من الضعفاء وذوي الحاجات والإعاقات، وأن يمتلئ صدره بالرحمة والشفقة عليهم، ويتسع صدره وصبره وحلمه للمخالفين له في الرأي والسياسة، لأن الشعب كله ليس على قلب رجل واحد، ليكونوا جميعا من مؤيديه، ولذلك فعليه التغافل عن بعض أخطاء شعبه وعن بعض الشتائم الموجهة له.

ودعا البر للدكتور مرسي قائلا: «اللهم اصرف أهل الشر والفساد عن ولي أمرنا، وأصلح أمره هو ووزراءه وأعوانه، ووفقهم لما فيه الخير للأمة»، لافتا إلى أن الرئيس مرسي رفض خلال دخوله المسجد التصفيق الحاد من المصلين، قائلا: «سيادة الرئيس لا يرضى مخالفة شرع الله، ولا يجوز التصفيق داخل المسجد لأي شخص كائنا من كان، احتراما لحرمة المسجد».

واختار الرئيس مرسي مسجد السيدة زينب لما له من مكانة كبيرة عند الشعب المصري، حيث يوجد به مقام السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب وأخت الحسن والحسين، ويعتبر المسجد مركزا من مراكز الطرق الصوفية ومريديها، كما يعتبره كثيرون أهم مزار بمصر بجانب المشهد الحسيني، ويقطعون المسافات الطويلة لزيارته.

ويرى مراقبون أن زيارة الرئيس مرسي لضريح السيدة زينب رسالة طمأنة للصوفية، خاصة بعد الهجمات التي تعرضت لها أضرحة أولياء الله الصالحين من قبل بعض أعضاء الدعوة السلفية عقب الثورة.

ويبلغ عدد الطرق الصوفية المنتشرة في ربوع مصر أكبر من ‏74‏ طريقة تضم أكثر من ‏10‏ ملايين مريد‏. وبدوره أثنى الشيخ علاء الدين أبو العزايم، شيخ الطريقة العزمية، على زيارة الرئيس مرسي لضريح السيدة زينب، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «الزيارة لها مدلولات وهي أنه لن ينال أحد من الطرق الصوفية في عهد مرسي أو يقترب من الأضرحة ويمسها بسوء، بخاصة وأن مرسي ينتمي لجماعة الإخوان التي تتميز بالوسطية الإسلامية على العكس تماما من بعض السلفيين المتشددين الذين يرفضون وجود الأضرحة ويهددون بهدمها».

من جهة أخرى، قال الدكتور ياسر علي، المتحدث باسم الرئاسة المصرية، إن الجولة الأوروبية التي سيقوم بها الرئيس مرسي في كل من بلجيكا وإيطاليا نهاية الأسبوع المقبل، تستهدف جذب الاستثمارات الدولية لإقامة مشروعات في مصر لتوفير مزيد من فرص العمل، كما تهدف إلى تنشيط العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي، وتأكيد الإدارة السياسية في مصر على حماية وتسهيل الاستثمار وتوصيل هذه الرسالة إلى أوروبا والعالم.

وقال علي، في تصريحات له أمس (الجمعة)، إن «الرئيس مرسي سيوضح للمسؤولين الأوروبيين ما قامت به مصر من خطوات في مجال الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري، وإن ما تم اتخاذه من إجراءات مؤخرًا يهدف لتطوير وضخ دماء جديدة في شرايين العمل الإداري والوطني».

وأوضح أن الرئيس حريص على جذب الاستثمارات المحلية والعربية والدولية للعمل في السوق المصرية، بهدف زيادة فرص التشغيل للشباب، مشيرًا إلى أن 700 ألف مواطن يدخلون سوق العمل سنويا، ويحتاجون إلى إتاحة فرص عمل حقيقية لهم، بالإضافة إلى تراكمات العاطلين من أعوام سابقة، باعتبار أن إتاحة فرص العمل جزء مهم في تحقيق منظومة العدالة الاجتماعية.

ودعا المتحدث إلى تثمين الأفكار المطروحة لتحديث المجتمع وتحقيق التقدم، ومن بينها مشروع النهضة الذي طرحه الرئيس محمد مرسي في برنامجه الانتخابي، وأشار فيه إلى إمكانية جذب استثمارات تبلغ 200 مليار دولار، نظرًا لفرص الاستثمار الواسعة والواعدة فيها، وكذلك مشروع «مصر 2050»، الذي طرحه الدكتور فتحي البرادعي، وزير الإسكان السابق.

وتوقع الدكتور ياسر علي، إقبال كثير من الشركات العالمية على الاستثمار في مصر بعد الثورة، مشيرًا في هذا الصدد إلى اعتزام العديد من الشركات الصينية إقامة مشروعات في مصر، بالإضافة إلى ما أعلنه رئيس الوزراء القطري من ضخ 18 مليار دولار استثمارات في مشروعات بمنطقة شرق التفريعة والساحل الشمالي، إلى جانب الزيارة المنتظرة لوفد موسع يضم مجموعة من رجال الأعمال الأميركيين، لاستكشاف فرص الاستثمار في مصر.