فياض يرد على المطالبات برحيله: تكرموا.. إذا كان ذلك هو الحل

قال إنه يتألم من التجريح ولا يملك عصا سحرية.. وغمز من قناة: «جهات» تتمنى له الفشل

TT

لم يقدم رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، أجوبة شافية للأسئلة الكثيرة حول أزمة الغلاء والمال التي تمر بها السلطة الفلسطينية، وفجرت في الضفة الغربية، أكبر مظاهرات شعبية ضد سياسات السلطة المالية في تاريخها، غير أنه كذلك لم يهرب من مسؤولياته، قائلا للذين هتفوا في الشوارع، مطالبين برحيله، «تكرموا إذا كان ذلك هو الحل».

وعلى مدار 3 ساعات التقى خلالها صحافيين وكتاب في مكتبه في رام الله، لم يقدم فياض وعدا واحدا لجهة المطالب الشعبية التي تركزت على إلغاء اتفاق باريس الاقتصادي، وتخفيض الأسعار ودعم السلع وفتح باب الوظائف ودفع الرواتب في موعدها غير منقوصة.

وقال فياض في ما يخص المطالبة بإلغاء اتفاق باريس الاقتصادي: «المشكلة ليست في الاتفاق، وأنا لن أحمل المسؤولية للذين وقعوا الاتفاق، وإنما المشكلة في تطبيقه في إطار تحكمي وتعسفي من قبل الاحتلال وهو جزء من اتفاق سياسي، والخطابات النارية المطالبة بإلغائه لن تحل المشكلة».

أما بخصوص تثبيت أسعار السلع الاستهلاكية، فقد أكد فياض أن ذلك غير ممكن لأنه «يعني أن الطلب سيزيد في ما سيقل العرض وسيعرض التجار إلى خسائر». وفي موضوع دعم السلع الاستهلاكية الأساسية، كان رده، أنه لا يمكن دعمها «لأن ذلك يحتاج إلى موارد مالية تفوق قدرة السلطة»، موضحا «الدعم من خلال الاقتراض ممكن، لكنه خيار صعب بسبب المديونية العالية للبنوك على السلطة الوطنية، وأن هامش المناورة قل في ظل الأزمة المالية الحالية، إذ أن هذه الأزمة أضرت بالاقتصاد وأسهمت في التباطؤ الاقتصادي». كما نفى فياض إمكانية تخفيض الضريبة، وتساءل: «كيف لي أن أخفض ضرائب في ظل نقص المساعدات ووجود استحقاق رواتب والتزامات لموردين جزء منهم لم يتسلم مستحقاته المالية من السلطة منذ أكثر من سنتين، نريد أن نحقق توازنا في ظل نقص المساعدات، هذه هي المعادلة ببساطة». ولم يوافق فياض على فكرة شراء الوقود من دول عربية، قائلا: «إن ذلك لا يضمن انخفاضا ملحوظا في سعره»، مؤكدا أنه لا أرباح من وراء الوقود وإنما في ضريبته فقط.

وفي ما يخص استحداث وظائف حكومية، في محاولة لتخفيف نسبة البطالة فلم تكن الآفاق أفضل، وقال فياض، «حل مشكلة البطالة، يتم إما باستحداث وظائف حكومية وتشجيع القطاع الخاص ودعم البرامج تنموية، واستحداث وظائف حكومية يتبعه التزام رواتب ومخصصات، ونحتاج بالتالي لموارد ومصادر دخل تغطي النفقات، وتشجيع القطاع الخاص يحتاج لحوافز وبيئة اقتصادية مواتية ووقت أيضا، كيف ذلك ونحن في ظل وجود احتلال يسيطر على الطرق والمعابر وضيق الموارد والمساعدات أيضا».

ومن شأن أجوبة فياض أن تؤجج المظاهرات التي تطالب بحلول اقتصادية سريعة، ملخصا الموقف بقوله: «ليس لدي وليست بيد أحد عصا سحرية لمعالجة تلك الأمور، نحن بواقع مالي صعب هذه الحقيقة». وأبدى فياض احتراما شديدا للمظاهرات الشعبية، وإن كان أظهر بعض الألم من اتهامه شخصيا في نواياه. وقال: «أحترم حرية التعبير بكل أشكالها»، مضيفا «لكن أيضا أتألم لهذا التجريح مثلي مثل أي شخص آخر».

وتركزت المظاهرات في الضفة على المطالبة برحيل فياض وهتف الناس في الشوارع «ارحل ارحل يا فياض». ورد فياض «أقول لهم تكرموا.. إذا كان هذا هو الحل». وأضاف: «لكني لا أحتاج لنصائح بالرحيل، فأنا أريد أن أطمئن الذين يرغبون في رحيلي بأني لن أكون عقبة إطلاقا، ولن أبقى يوما واحدا». ولمن يقول إن سلام فياض لا يكترث بما هو موجود أو ما يقال في الشارع، أقول: «لا.. سلام فياض يكترث ويتألم لما يقال ولكن أنا مسؤول وفي موقع تكليف ويقع على عاتقي شرح الواقع ومكاشفة الشعب، وتوفير كل السبل لحل الأزمة، وللمواطنين حق التعبير وكما وأشعر بمعاناتهم.. أعلم وجود تذمر واضح من ارتفاع الأسعار». ولم يتهم فياض جهات بعينها بالوقوف وراء المظاهرات. ورد على صحافيين وكتاب حاولوا الإيحاء بأن جهات عليا تقف وراء ذلك وتؤيده، بقوله «أنا أتعامل مع الواقع ولا أبحث عن تفاصيل الأحداث. مسؤولية الحكومة واضحة وهي حل الأزمة والتعامل مع الواقع ومصارحة الشعب بصدق».

وأضاف: «الحكومة تبذل كل جهد ممكن لمعالجة الأزمة الناشئة عن ارتفاع الأسعار والتخفيف من حدتها، وسيكون الأمر صعبا إذا لم يصلنا مساعدات وتمويل وخاصة من أشقائنا العرب». غير أنه أيضا غمز في «قناة»: مسؤولون متنفذون يتمنون له ولحكومته الفشل. ولم يشر فياض إلى دعم من الجهات العليا، لكنه لم يقل إنهم يتربصون به، واكتفى بالقول إنه لا يهرب من مسؤوليته على أية حال، وأردف: «أقول اللهم لا شكوى». ولم يبد فياض قلقا من أن يصبح «كبش فداء»، قائلا إنه «لا يوجد ما يخشاه من الربيع الفلسطيني»، مضيفا: «من وجهة نظري فإن الربيع فلسطيني قائم منذ النكبة ويظل قائما طالما بقي الاحتلال، والربيع الفلسطيني سبق بعقود الربيع العربي، ولا يجوز لنا أن نستنسخ الحالة، والهم الأكبر لدينا هو إنهاء الاحتلال».