لغز جريمة قتل العائلة العراقية: الشرطة الفرنسية تبحث عن سيارة دفع رباعي

جيران الحلي يؤكدون أن أسرته مندمجة في المجتمع.. وأنباء عن خلاف مالي

صديقتان لأفراد العائلة العراقية تواسيان بعضهما البعض بالقرب من منزلهم في بريطانيا أمس (أ.ف.ب)
TT

يواصل كل من قسم التحقيقات في الدرك ومعهد البحوث الجنائية في باريس عملا دؤوبا لكشف لغز الجريمة التي راح ضحيتها، شرق فرنسا، راكب دراجة فرنسي و3 أفراد من أسرة بريطانية من أصل عراقي، الأربعاء الماضي.

وفقد الحلي (50 عاما)، وهو مهندس وزوجته وسيدة كانت معهما يفترض أنها حماته، حياتهم بعد أن أطلق مجهول، أو مجهولون، النار عليهم بينما كانوا يتنزهون بسيارتهم في محيط بحيرة «آنسي»، على حدود البلاد الشرقية مع سويسرا. ونجت طفلتان للأسرة، بعد أن جرى إسعاف الكبيرة (زينب) وعمرها 8 سنوات، وانتشال الصغيرة (زينة) وعمرها 4 سنوات، سالمة تماما بعد أن اختبأت لعدة ساعات تحت قدمي والدتها إقبال التي كانت جثة هامدة.

أبرز خيط يتتبعه المحققون هو تحديد هوية صاحب السيارة ذات الدفع الرباعي التي ذكر شهود أنهم لمحوها تمر بسرعة كبيرة في الطريق الريفي الذي وقعت فيه الجريمة. وذكر النائب العام للمنطقة، إريك مايو، أن العدد الكبير للرصاصات التي أطلقت على الضحايا، والوحشية التي وجهت بها ضربات لرأس إحدى الطفلتين، يعززان الاعتقاد بأن المنفذ لم يكن بمفرده. كما تعول أجهزة التحقيق في فرنسا على المعلومات التي تصلها حول أسرة الحلي من الشرطة البريطانية، في السعي لكشف دوافع الجريمة، لا سيما بعد أن تبين وجود ملف للقتيل لدى الشرطة هناك، منذ عام 2003، أي منذ التدخل العسكري في العراق لقلب نظام صدام. وذكرت مصادر فرنسية أن جمع المعلومات عن الأجانب في ذلك الظرف، خصوصا العراقيين، هو إجراء احتياطي طبيعي يخص الذين يعملون في مواقع حساسة. وكان سعد الحلي، الذي أنهى دراسته في بيروت، قد وصل لندن منذ أن كان في العشرين من العمر، وفيها درس وعمل مهندسا في حقل الطيران.

شهود عيان من جيران الحلي قالوا إن الضحية وزوجته، التي قتلت معه في الحادث، كانا مندمجين بشكل كامل في المجتمع البريطاني. وذكر جار مقرب من المهندس العراقي الأصل أن الأخير كان قد أخبره عن خلاف بينه وبين أخيه حول منزل الأسرة الذي ورثه القتيل في بغداد. وأضاف الجار أن اشتباكا بالأيدي جرى بينهما. كما أشار صديق يدعى زياد، من معارف الحلي، إلى أن والد الضحية الذي توفي قبل عام، ترك لأبنائه ممتلكات في فرنسا وإسبانيا.

سعد الحلي، المهندس الخمسيني الذي لم يكن شخصية معروفة على نطاق واسع في أوساط الجالية العراقية الكبيرة العدد في لندن، اعتاد التردد، صيفا، على المنطقة الجبلية الواقعة شرق فرنسا، على الحدود مع سويسرا، والتخييم فيها لممارسة هواية ركوب الدراجات في طرقات وعرة. وكان من المنتظر، أمس، أن تفك الشرطة حصارها حول منطقة الحادث، بعد أن جمع المحققون كل ما يلزم من أدلة. وحسب معلومات التحقيق فإن تشريح جثث الضحايا كان مقررا، أمس أيضا. وما زالت وسائل الإعلام في انتظار مؤتمر صحافي ثان للنائب العام، حول تطورات التحقيق في الحادث الذي وعد الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، بأنه لن يتم دون عقاب.

من جهته، رد مانويل فالس، وزير الداخلية الفرنسي، على الانتقادات التي وجهت للدرك لأنهم لم يكتشفوا وجود طفلة على قيد الحياة، مختبئة داخل السيارة التي جرى فيها اغتيال الضحايا، لمدة 8 ساعات، في حالة من الفزع ومن دون طعام ولا شراب. وبرر الوزير الخطأ بأنه ناجم عن المركزية الزائدة عن الحد في أجهزة الشرطة.

وفي مؤتمر صحافي أمس لم تقدم السلطات الفرنسية معلومات جديدة، مشيرة إلى أن كل الاحتمالات يجري بحثها بما فيها تقارير عن خلاف عائلي حول أمور مالية بين رب الأسرة وأخيه.

وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن لديها معلومات بأن الحلي، الذي كان يعيش في قرية كلايجيت بمنطقة سوري البريطانية، كان على خلاف مع شقيقه زياد بسبب ميراث من أبويهما. وأوضح التقرير أن الخلاف كان متعلقا بمنزل في إسبانيا تركه والد الرجلين بعد وفاته العام الماضي. وقال المدعي إريك مايو إن الشرطة تحقق في كل السيناريوهات المحتملة، بينها «مأساة عائلية».

وعثر على سعد الحلي وزوجته وحماته قتلى في سيارتهم طراز «بي إم دبليو» في مرأب للسيارات بمنطقة غابات بالقرب من بحيرة آنسي عصر أول من أمس الأربعاء. كما عثر على سيلفان موليه (45 عاما)، وهو دراج هاو، قتيلا بجوار السيارة. وتعرض كل الضحايا الأربعة لطلقات نارية في الرأس، وهو ما يرجح أن يكون الحادث عملا مدبرا مقصودا. وأعلن مايو في وقت لاحق أنه جرى إرسال محقق إلى بريطانيا للقاء السلطات البريطانية.

الشاهدان الوحيدان على الهجوم في الوقت الحاضر هما ابنتا الحلي، زينة وزينب. وخضعت زينب، التي قيل إنها في السابعة أو الثامنة من العمر، لعمليتين جراحيتين في مستشفى بمدينة تولوز للعلاج من كسور في الجمجمة وإصابات في الكتف جراء طلقات نارية. أما الطفلة الصغرى والتي تبلغ من العمر 4 أعوام ونجت من الحادث فقد كانت مختبئة في السيارة ولم تلاحظها الشرطة الفرنسية إلا بعد ثماني ساعات من الهجوم. وأثار عدم ملاحظة الشرطة لها وسط الجثث انتقادات لا سيما من جانب وسائل الإعلام البريطانية.

وكانت أنباء عن أن أحدا لم يسمع صوت طلقات الرصاص أثارت تكهنات بأن السلاح المستخدم كان مزودا بكاتم للصوت. من جهة أخرى ووسط سيل النظريات التي يجري بحثها حول الجريمة الغامضة، أشارت تقارير إلى عدة حوادث في تلك المنطقة لمحاولة سرقة سيارات.