رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا: دفعنا ودا ومحبة مقابل السنوسي ولا صحة لوجود صفقة مع موريتانيا

عبد الرحيم الكيب في حوار مع «الشرق الأوسط»: محاكمة الصندوق الأسود للقذافي ستكون علنية ولدينا حماية قصوى لتأمينها

عبد الرحيم الكيب
TT

«دفعنا ودا ومحبة وأخوة».. هكذا رد ضاحكا رئيس الحكومة الليبية الدكتور عبد الرحيم الكيب، على سؤال ضمن حوار مطول خص به «الشرق الأوسط»، تعليقا على ما تردد عن إبرام السلطات الليبية صفقة سرية مع نظيرتها الموريتانية من أجل تسلم عبد الله السنوسي، صهر العقيد الراحل معمر القذافي، والرئيس السابق لجهاز المخابرات الليبية.

وقال الكيب لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من طرابلس، إن هناك علاقة خاصة بين الشعبين الليبي والموريتاني، معتبرا أن الشعب الموريتاني لم يقصر أبدا في وده واحترامه وتقديره للشعب الليبي.

وكشف الكيب النقاب عن أن رد موريتانيا كان منذ اللحظة الأولى لتوقيف السنوسي، في مطار نواكشوط في مارس (آذار) الماضي، بتهمة محاولة الدخول بجواز سفر مزور، أنه لن يسلم إلا إلى ليبيا، على الرغم من وجود مساعٍ مماثلة لتسلمه من جانب فرنسا والمحكمة الجنائية الدولية.

وقال الكيب إن السنوسي الذي وصفه بـ«الصندوق الأسود» للقذافي سيحظى بمحاكمة عادلة ونزيهة، لافتا إلى أن السلطات الأمنية المختصة وفرت له درجة حماية وصفها بأنها قصوى، وتتضمن درجة حراسة عالية جدا.

كما استبعد الكيب أن يتم اغتيال السنوسي قبل أو أثناء المحاكمة بالنظر إلى الحماية الأمنية المتوفرة له.

وتابع الكيب قائلا: إن «محاكمة السنوسي ستكون علنية ومفتوحة للإعلام وبمشاركة محام عن السنوسي، بالإضافة إلى مراقبين من المحكمة الجنائية الدولية».

وحول توقعاته بشأن ما إذا كان السنوسي سيدلي بمعلومات خطيرة عن أموال القذافي، التي يعتقد أنها مهربة في الخارج، وتقدر بعشرات المليارات من الدولارات الأميركية، قال رئيس الحكومة الليبية: «هذه مسألة تخصه هو، هو مواطن ليبي ولديه حقوق حتى في هذه الظروف، ولا بد أن يعي أن لديه واجبات لهذا الوطن، وبالتالي فإن من واجبه أن يدلي بالشهادات التي تعين وطنه».

وقال الكيب إنه ينتظر قيام السلطات المصرية بخطوة مماثلة، وتسليم أتباع القذافي الموجودين على أراضيها، مضيفا أن «عشمنا كبير في مصر الثورة والأصالة، ونتمنى أن يهدوا لنا هدية في هذا الوقت العصيب، تعكس المشاعر الأخوية بين الشعبين المصري والليبي».

وأعلن الكيب الذي يستعد لمغادرة منصبه قبل إعلان اسم المرشح لخلافته في رئاسة الحكومة الليبية قبل نهاية الشهر الحالي، أن عملية التسليم والتسلم بين الحكومتين الحالية والمقبلة ستتم بشكل مهني ومحترم - على حد قوله - مشيرا إلى أن كل الوزارات أعدت تقارير حول عملها خلال الفترة الماضية وتوصياتها لما ينبغي القيام به لاحقا. وفي ما يلي نص الحوار من القاهرة:

* كم دفعتم مقابل تسلم السنوسي؟

- (ضاحكا) دفعنا ودا ومحبة وأخوة والله.

* تعني أن الحديث عن صفقة مالية بين حكومتك ونظيرتها الموريتانية غير صحيح؟

- لا. هناك علاقة خاصة بين الشعب الليبي والشعب الموريتاني، والشعب الموريتاني لم يقصر أبدا في وده واحترامه وتقديره للشعب الليبي، وبالتالي حدث ما حدث، فهم في موريتانيا يعرفون أن هناك تهما غير صحيحة وبالتالي تعاونوا معنا.

* لكن وجود وزير المالية حسن زقلام ضمن الوفد الليبي الذي عاد من نواكشوط مصطحبا السنوسي كان لافتا للانتباه؟

- بالتأكيد لديك فكرة عن أن هناك حجم استثمارات كبير في موريتانيا، وهناك أيضا استثمارات في مصر وفى تونس، وهناك علاقات حميمة ووثيقة مع موريتانيا كما بقية الدول العربية.

* كان هناك صراع غير معلن بينكم وبين فرنسا وبين المحكمة الجنائية الدولية. فما الذي رجح كفة ليبيا في تسلمها السنوسي تحديدا؟

- هناك حقيقة لا بد من ذكرها، وهي أنه منذ أول يوم اتصلنا فيه مع الأخوة في موريتانيا كان الرد بالتحديد أنه لن يسلم إلا إلى ليبيا، فهي مسألة بقدر ما هي معقدة، وكانت هناك لقاءات ومفاوضات طويلة أخذت وقتا طويلا، بيد أنها كانت في نفس الوقت إلى حد بعيد مسألة مبنية على الاحترام والتقدير مراعاة لمعاناة الشعب الليبي على مدى السنوات الـ42 الماضية.

* لماذا بذلت أنت شخصيا سياسيا ودبلوماسيا كل هذا الجهد من أجل السنوسي؟

- لم يكن من أجل السنوسي فقط، ولكن نريد لأسر الشهداء أن يشعروا بالاطمئنان، ونريد الليبيين بصفة عامة أن يشعروا أيضا بالاطمئنان والأمان، لأن هؤلاء الموجودين للأسف في دول جوار يمارسون يوميا عمليات إرهابية، يمولون ويخططون لها بشكل مستمر، وهذا أمر أزعجنا، وهذا جزء من السياسة والاستراتيجية الأمنية التي تتبعها الحكومة. فنحن في الوقت الذي نشكر فيه إخواننا في موريتانيا وفى تونس تعاونهم الواضح في ما قاموا به، كذلك نتمنى من إخواننا في كل الدول العربية والدول الشقيقة أن يتعاملوا مع هذا الملف بنفس الطريقة.

* هل تتوقع أن يدلي السنوسي بمعلومات خطيرة عن أموال القذافي في الخارج؟

- السنوسي كان الصندوق الأسود للنظام السابق، فهذه مسألة تخصه هو، فهو مواطن ليبي لا شك في ذلك، ولديه حقوق حتى في هذه الظروف، ولا بد أن يعي أن لديه واجبات لهذا الوطن، وبالتالي فإنه من واجبه أن يدلى بالشهادات التي تعين وطنه وتعوضه قليلا عما حدث في السابق.

* هل تضمن له محاكمة عادلة ونزيهة؟

- هذا الأمر أكيد بإذن الله بنسبة 100 في المائة، ولكنه من الممكن أن يشكك في ذلك، لأن مسألة المحاكمات من خلال مفاهيم النظام السابق في ليبيا أمر يختلف تماما، وسوف يأخذ منه بعض الوقت لمعرفة ليبيا الجديدة وأهدافها وطموحاتها ومميزاتها والأشياء الجديدة التي تشهدها حاليا.

* في ظل هذه المحاكمة هل سينتدب محام وفريق من المحكمة الجنائية؟

- نعم، وسوف تكون مفتوحة للإعلام، فنحن ليس لدينا ما نخفيه.

* هل هناك تخوف من قتله قبل المحاكمة؟

- لا. هناك درجة حماية قصوى وحراسة عالية جدا فلن يحدث ذلك.

* هل هناك بوادر من مصر تحديدا لتسليم أتباع القذافي الموجودين على أراضيها؟

- طبعا النوايا موجودة، وإن كانت المسألة واضحة، فنحن قمنا بواجبنا في هذا الملف فيما يختص بتوفير المذكرات المطلوبة، هناك مجموعة لا بأس بها صدرت بحقهم بطاقات حمراء من الإنتربول (الشرطة الدولية) ونحن عشمنا كبير جدا في إخواننا في مصر، مصر الثورة والأصالة والعروبة والمحبة، تجاه الشعب الليبي. فعشمنا كبير جدا، ونتمنى أن تهدي مصر بثورتها، التي كان لها أثر إيجابي وكبير جدا في تحريك الشارع في ليبيا وثورة ليبيا ونجاحها، نتمنى منهم أن يهدوا الشعب في هذا الوقت العصيب هدية تعكس المشاعر الأخوية بين الشعبين.

* كم عدد المطلوبين ومن أهمهم؟

- هذه تفاصيل لن نخوض فيها كثيرا، فهي ليست مهمة ولا يصح الكلام عنها إعلاميا.

* في الفترة الأخيرة وقعت عدة حوادث للمصريين في ليبيا تتعلق بتوقيف مراكب صيد، واعتقالات في سجن أبو سليم، ومظاهرة ضد شركة القمر الصناعي المصري (نايل سات) هل كان ذلك على خلفية ملف المطلوبين؟ وهل هناك ارتباط بين هذه الحوادث وهذا الملف؟

- لا شك أن هناك بعض الحوادث البسيطة التي تحدث هنا وهناك ليست فقط باتجاه الأخوة في مصر ولكنها باتجاه حتى الليبيين أيضا، وهناك ممارسات فردية ليست ممنهجة، وإنما تجاوزات فردية، ومن الناحية الأمنية فنحن نؤكد أن ليبيا آمنة إلى حد بعيد، وإخواننا المصريين إن عانوا من شيء فهو جزء من معاناة الشعب الليبي، أما فيما يخص المظاهرات فهي فعلا كانت على خلفية المتهمين الموجودين في مصر.

* خلال زيارتك الأخيرة للقاهرة هل تلقيت وعدا رسميا من الرئيس مرسى أو رئيس الحكومة بتسليمك أتباع القذافي؟

- عندما زرنا مصر تشرفنا بلقاء فخامة الرئيس مرسي ودولة رئيس الوزراء، وكان جزء من الحوار حول العلاقات المصرية - الليبية، وهي علاقات مهمة بالنسبة لنا وأساسية، تطرقنا وفتحنا هذا الملف وكان هناك تجاوب، وإن كان هناك من أجرم في حق مصر وموجود في ليبيا، فنحن لن نتردد بتاتا في تسليمه وسينال عقابه.

* يقال إن عملية تسليم السنوسي رفعت شعبية حكومتك ومن كانوا منتقدين لك شخصيا انقلبوا إلى مؤيدين لك؟

- أنت تعرف عندما أتيت لتأدية هذه المهمة وتشرفت بها، وأنت أكثر الصحافيين في داخل وخارج ليبيا الذين تحدثت إليهم، كان هدفي أن أعمل في هذه المرحلة الانتقالية فقط ولم يكن لدي أهداف فيما بعد، وقد صرحت بهذا الأمر وكان الأمر واضحا. فأنا لم يخطر ببالي أن أنتقل إلى المرحلة القادمة، وبالتالي يهمني كثيرا بالأساس، مع الاحترام والتقدير لمشاعر كل من يهمه الأمر في ليبيا، أن أفعل ما يمليه علي ضميري ووطنيتي تجاه هذا الوطن، وهذا الشعب الذي عانى كثيرا، وبالنسبة لي كل ما يهمني ليس ارتفاع أو انخفاض الشعبية ولو أنى أحترم وأقدر مشاعر أهلي وإخواني، لكن حقيقة ما يهمني ويشغلني بالأساس، هو النتائج، والتاريخ سيحكم في هذا المجال.

* كيف تستعدون لعملية التسليم والتسلم مع الحكومة المرتقبة؟

- نحن الآن جهزنا تقارير كل حكومة على حدة، وجهزنا بيانا تقريبا انتهينا منه. بيانا للحكومة بأداء كل وزارة، هذه التقارير نماذج تبدأ من يوم التسلم والحالة التي كانت عليها الوزارة الموجودة أصلا، وتنتهي بتوصيات محددة ومشاريع مقترحة وبينهم المراحل التي مرت بها الوزارة والتفاصيل التي تهم الوزير القادم إن شاء الله. وأيضا قامت الوزارات بإعداد عروض خاصة بها تلخص منجزاتها، وستعرض على الحكومة الجديدة، وسيكون التسليم والتسلم بشكل مهني ومحترم، ونحن سوف نكون موجودين لتقديم أي خدمة للأخوة والأخوات في الحكومة القادمة.

* من من وزرائك ترشحه للحكومة الجديدة؟

- أقول لك بكل تأكيد، أنا سعيد جدا بعملي مع هذا الفريق المميز، والفترة حرجة جدا التي اشتغلنا فيها، والتي ما زالت إلى حد ما كذلك، فأنا شعرت أن كل زملائي الذين اشتغلت معهم في هذه الفترة هم من الكفاءات الممتازة، بالتأكيد هناك وزارات وجدت صعوبات، لكن أنا فخور جدا بأني جزء من هذا الفريق المميز.