رايس: تصلب الخرطوم قد يؤدي إلى استئناف النزاع بين السودان وجنوب السودان

جوبا تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الخرطوم للموافقة على المناطق الحدودية منزوعة السلاح

TT

اتهمت الولايات المتحدة الخرطوم بخطر المجازفة باستئناف النزاع مع جوبا برفضها تقديم تنازلات حول ترسيم الحدود المشتركة.

وانتقدت سوزان رايس، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة «الرفض الدائم للسودان» قبول إنشاء منطقة عازلة التي اقترحها الاتحاد الأفريقي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، معتبرة أن هذا التصلب «يثير الشك حول رغبة الخرطوم» بالتوصل إلى اتفاق.

واعتبرت رايس التي تحدثت إلى الصحافيين بعد مشاورات حول هذا الملف في مجلس الأمن، أن هذا الرفض «يعيق إنشاء منطقة حدودية منزوعة السلاح وآمنة وتشكيل آلية مشتركة لمراقبة الحدود، وكذلك يزيد من خطر استئناف نزاع مفتوح بين البلدين»، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أمس.

واستأنف السودان وجنوب السودان مساء الثلاثاء الماضي في أديس أبابا مفاوضات حول سلسلة من المشاكل العالقة من بينها ترسيم حدودهما وإنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح.

وأعربت رايس عن «خيبة أملها» من الموقف السوداني حيال الاتفاق المتعلق بالعائدات النفطية. وأعلنت الخرطوم أن هذا الاتفاق لم يقر إلا بعد التوصل إلى اتفاق حول الحدود والأمن. وقالت رايس «يجب أن يعمل الطرفان بالحد الأدنى اعتبارا من الآن مع الشركات النفطية لاتخاذ الإجراءات التقنية» التي تؤدي إلى استئناف إنتاج النفط فور التوقيع على اتفاق شامل.

ودعت رايس الخرطوم إلى أن «تطبق فورا بروتوكلا موقعا» حول وصول المساعدات الإنسانية إلى منطقتي كردفان الجنوبية والنيل الأزرق في جنوب السودان الذي يشهد «أزمة إنسانية متصاعدة». وأكدت أنه تجاه «هذا الأمر الملح» فإن تردد الخرطوم أمر «غير مقبول».

ومن ناحيته، قال السفير الألماني بيتر ويتينغ الذي تترأس بلاده مجلس الأمن ابتداء من سبتمبر (أيلول) الحالي لمدة شهر، إن الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن الدولي «دعت الطرفين إلى القيام بكل ما يمكنهما القيام به من أجل إيجاد حل في أسرع وقت».

وقالت مصادر سودانية لـ«الشرق الأوسط»: «إن السودان ما زال يركز على ضرورة معالجة الملف الأمني، باعتباره المدخل الصحيح لمعالجة كافة القضايا العالقة بين البلدين، بينما ترى الولايات المتحدة وجنوب السودان أنه من الضروري أن يتصدر ملف البترول معالجة القضايا العالقة، وهذا ما يشكل تباعدا في مواقف البلدين خلال المفاوضات الجارية حاليا في أديس أبابا».

إلى ذلك، طالبت جمهورية جنوب السودان المجتمع الدولي بالضغط على الحكومة السودانية لحملها القبول بخريطة الاتحاد الأفريقي بشأن المناطق منزوعة السلاح، واعتبرت أن رفض الخرطوم المتواصل وتعنتها يهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي مع المهلة التي منحها مجلس الأمن للطرفين للتوصل إلى اتفاق نهائي حول القضايا العالقة، ويأتي ذلك متزامنا مع تحذيرات أطلقتها واشنطن من أن رفض السودان قبول تسوية على الحدود مع جنوب السودان يمكن أن يفجر «صراعا فوريا».

وقال عاطف كير، المتحدث الرسمي باسم وفد جمهورية جنوب السودان، لـ«الشرق الأوسط» من أديس أبابا التي تستضيف مفاوضات بين الخرطوم وجوبا، إن وفد السودان ما زال يرفض الخريطة التي قدمها الاتحاد الأفريقي للطرفين بشأن المناطق منزوعة السلاح خاصة الميل (14) الذي تقول الخرطوم إنها منطقة تابعة لحدودها الدولية تم ضمها إلى جنوب السودان. وأضاف «نحن أعلنا قبولنا بالخريطة رغم ملاحظاتنا حولها رغبة منا لتحقيق السلام والأمن بيننا ولتحقيق السلام الإقليمي والدولي»، مشيرا إلى أن الخريطة الأفريقية انتقالية ومؤقتة وليست نهائية. وقال إن تعنت الخرطوم سيضع الاحتمالات كلها مفتوحة أمام المجتمع الدولي. وأضاف «نحن لا نضمن أن يتم التوصل إلى اتفاق في ظل الخلافات حول الحدود»، داعيا مجلس الأمن الدولي إلى الضغط على الخرطوم لحملها القبول بخريطة الاتحاد الأفريقي وتنفيذ الترتيبات التي تم الاتفاق عليها من قبل حول المناطق منزوعة السلاح.

وقال كير إن هذه الجولة بالنسبة لوفده حاسمة ونهائية وإن موقف بلاده واضح بأن يتوصل الطرفان إلى حل شامل لكل القضايا التي يتم التفاوض حولها. وأضاف أن وفده يرفض الشروط المسبقة التي يعضها الوفد السوداني، مشيرا إلى أن الوسيط الأفريقي سيقدم تقريره حول تطورات وسير المفاوضات بين الوفدين إلى مجلس الأمن الدولي في الثاني والعشرين من سبتمبر الحالي.

وأوضح كير أن جولة الأمس استمرت بين الطرفين في قضايا الحدود، النفط والجنسية. وقال إن خبراء الحدود قدموا رؤيتهم إلى الطرفين اللذين يتفاوضان حولها. وأضاف أن رؤية الخبراء الفنيين ليس ملزمة لطرفي التفاوض، لكن يمكن أن تساعد في المناقشة للوصول إلى حلول. وقال إن الخلافات حول المناطق الحدودية المختلف حولها إلى جانب المناطق المدعاة من كل طرف، مشيرا إلى أن موضوع النفط ليس فيه خلافات كبيرة. وكشف عن ورقة قدمها الوسيط الأفريقي للوفدين للاتفاق تتعلق بالنفط وسيقدم كل طرف وجهة نظره مكتوبة إلى الوسيط.

من جهة أخرى، أعلنت الجبهة الثورية السودانية عن صدها لهجوم شنته القوات المسلحة السودانية على مواقعها في شرق جبل مرة اليومين الماضيين. وقالت إنها كبدت القوات الحكومية خسائر في الأرواح والمعدات وإن قوات المتمردين تقوم بعمليات تمشيط واسعة. وأشارت إلى أن الطيران الحكومي يقصف المنطقة منذ صباح أمس.

وقال أحمد آدم بخيت، نائب رئيس حركة العدل والمساواة، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الحكومة ومعها ميليشيات تابعة لها قامت بشن هجوم واسع على مواقع الجبهة الثورية الممثلة في حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان في منطقة (فنقا) شرق جبل مرة بالقرب من جنوب دارفور. وأضاف أن قوات الحركتين تصدتا لحشد قوات الحكومة المكونة من 110 من سيارات ذات الدفع الرباعي ومنجزرتين، وأن خسائر كبيرة لحقت بالقوات المهاجمة في الأرواح والمعدات.

ومن جانبه، قال جبريل بلال المتحدث باسم حركة العدل والمساواة لـ«الشرق الأوسط» إن قواته ومعها حركة تحرير السودان فصيل عبد الواحد نور في إطار الجبهة الثورية استولت على أكثر من 30 سيارة ومعدات عسكرية وأسلحة وإنها دمرت دبابتين و20 سيارة ذات الدفع الرباعي. وأضاف أن القتلى بالعشرات لم يتم حصرهم بسبب أن قوات الجبهة الثورية تقوم بتمشيط المنطقة، مشيرا إلى وجود أسرى من القوات الحكومية، واصفا معركة يومي الخميس والجمعة الماضيين بأنها الأولى من نوعها منذ عام. وأضاف «لقد تمت هزيمة نكراء للجيش السوداني ونتوقع أن يقوم بتحريك مزيد من القوات في الأيام المقبلة».

من جهته، قال نمر عبد الرحمن، المتحدث باسم حركة تحرير السودان فصيل عبد الواحد محمد النور، إن قواته تصدت إلى هجوم شنه الجيش السوداني على مواقع الحركة في منطقة (فنقا) بشرق جبل مرة بسيارات تبلغ أكثر من 110. وأضاف أن قواته استولت على 30 سيارة إلى جانب معدات عسكرية مهمة وأن القوات الحكومية تمت هزيمتها تماما، مشيرا إلى أن قوات الحكومة تحركت من الفاشر التي تقع 80 كلم من بلدة (فنقا). وقال إن طائرتي أنتنوف قصفت المنطقة قبل بدء وصول القوات الحكومية وميليشياتها إلى المنطقة.