أسامة قاضي: الاقتصاد السوري دخل «غرفة الإنعاش» والاحتياطي أقل من مليارات دولار

النظام دخل مزاج «نيرون».. ولن يطول أكثر من 4 أشهر

TT

قال الدكتور أسامة قاضي، وهو مستشار اقتصادي وعضو المجلس الوطني السوري ورئيس المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية في واشنطن، إن الاقتصاد السوري دخل «غرفة الإنعاش» لأن النظام الحالي لم يكتف فقط بشل عجلة النمو الاقتصادي في كل القطاعات، بل دخل في مزاج «نيرون» وسياسة الأرض المحروقة، حيث بدأ بمسح قرى وأحياء ضخمة من المدن والأرياف، وهو ما أدى إلى هروب المنتج والمستهلك معا، فمن جهة هرب الصناعيون ورجال الأعمال، كما هرب ملايين الناس إلى خارج سوريا وداخلها سعيا للأمان، وفقد المستهلك السوري معظم ممتلكاته وثروته ودخله، وأتى التضخم الهائل الذي تراوح في بعض السلع لأكثر من بالمائة ليزيد من سوء المستوى المعيشي للمواطن السوري.

وأضاف قاضي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «لقد عطل النظام السوري آليات العرض والطلب قبل الثورة بسبب الاحتكار والفساد وانتفاء أية سمة للرشادة الحكومية، وهاهو يعطلها مرة ثانية بتدمير السوية المعاشية للمواطن السوري وسحق وقتل معظمه وتنفير المنتجين الذي أدى لشح البضائع في السوق السورية خلال الثورة».

وأكد قائلا: «أقدر وجود أقل من مليار دولار احتياطي نقدي وما يتوافر من معلومات اقتصادية واستمرار استنزاف النظام عسكريا وأمنيا تؤكد علي أن عمر النظام لا يمكن أن يبقى أكثر من - أشهر كحد أقصى».

وحول الدور الذي يمكن أن يلعبه الاقتصاد السوري في إسقاط النظام قال قاضي إنه «كلما زادت الضغوط الاقتصادية على الاقتصاد السوري وزادت تكلفة دعم العملة السورية تنخفض الموارد المتبقية لتغذية آلة الحرب الهمجية والشبيحة، وينفض عن النظام رجال الأعمال المحيطون به، ويفقدون الثقة أكثر وأكثر في إمكانية بقائه، ولكن النظام السوري تجاوز كل المحرمات ولم يعد مجديا إحراجه اقتصاديا بقدر ما يزعجه قطع المدد العسكري وتدمير مقدراته العسكرية، وإيقاف المدد العسكري من بعض الدول الداعمة، لأن رأس النظام لبس بزته العسكرية، ولم يعد للوسائل المدنية جدوى تذكر.. اللهم إلا التي تمس أدواته الدموية العسكرية».

وبخصوص الجهات الأجنبية التي تساعد النظام السوري على الصمود قال قاضي: «الأكيد أنه كانت هناك مبيعات روسية للسلاح بالدين للنظام السوري رغم أن روسيا عدلت عن البيع بالدين سابقا، ولكن مؤخرا رفضت طلبات قروض مادية وعسكرية للنظام السوري، استجابة للضغوط العالمية واقتناعهم بأن هذه الديون لن تتمكن سوريا من الوفاء بها بسبب الوضع المهتز للنظام وشعورهم بقرب رحيله من جهة، ومن جهة أخرى صرح المجلس الوطني السوري أكثر من مرة، وآخرها في مؤتمر برلين الاقتصادي على لسان رئيسه الدكتور عبد الباسط سيدا، بأنه غير ملزم بدفع ثمن توريدات عسكرية أو ديون للنظام بعد الثورة».

وأضاف في تصريحاته التي تلقتها «الشرق الأوسط» عبر البريد الإلكتروني «أما ما يتعلق بإيران فكثير من الخبراء، وأنا منهم، يشكك بالدعم المادي للنظام، وذلك بسبب الوضع الاقتصادي الخانق لإيران وارتفاع معدلات التضخم والبطالة فيها، وقد وجهت شخصيات كبيرة بما فيها وزراء سابقون إيرانيون الأسبوع الماضي رسالة، وهي ليست الأولى لخامنئي يحذرون من سوء الأوضاع الاقتصادية والسياسات المتبعة لمعالجتها، فإيران ربما ترسل جنودا في الحرس الثوري وخبراء أمنيين وعسكريين وربما بعضا من أسلحة لكن كل هذا لا ينهض باقتصاد سوريا ولا يؤخر انهيارا اقتصاديا محتوما مشلولة كل مفاصله، وفي ظل نظام احتل قبل الثورة المرتبة الـ بين الدول الفاشلة من أصل دولة، وأما الآن فواضح أنه ينافس على المرتبة الأولي في الفشل مع الصومال».

وحول الفرق بين مؤتمر برلين الذي عقد بداية الأسبوع وبين المؤتمر الذي انعقد قبل نحو ثلاثة أشهر قال القاضي: «لقد كان المؤتمر الأول لكبار مسؤولي أصدقاء سوريا المعنية بإعادة بناء وتنمية الاقتصاد السوري في أبوظبي مايو (أيار) بمثابة لقاء تأسيسي للمجموعات الأربعة بما فيها مجموعة الإجراءات الإسعافية للاقتصاد في الـ يوم الأولي والمجموعة الثانية فيما يخص التنسيق مع الدول المانحة، والمجموعة الثالثة رسم السياسات والإصلاحات الاقتصادية والرابعة دور رجال الأعمال، وكذلك لتأسيس الأمانة العامة لمجموعة العمل الاقتصادية في برلين، وخلال الأشهر الثلاث حتى انعقاد مؤتمر برلين انعقدت 6 ورش عمل مع خبراء سوريين ودوليين فيما يخص الرؤية الاقتصادية لسوريا الجديدة وورشة عمل لدراسة ما تحتاجه سوريا في الأشهر الستة الأولي لسقوط النظام وورشة عمل تخص السياسات والإصلاحات الاقتصادية، وورشة عمل حول انخراط رجال الأعمال في بناء سوريا».

موضحا أن اللقاء الثاني في برلين سبتمبر (أيلول) يعتبر «الاجتماع الأكثر عملية ليتم تدارس ومتابعة ما تم إنجازه، وتم تداول مواضيع مهمة من مثل طلب الإفصاح عن حجم الأموال المجمدة للنظام لدى دول أصدقاء الشعب السوري، واستكمال الدراسات الخاصة بخارطة طريق اقتصادية لسوريا فور سقوط النظام، والإقرار بضرورة بمشروع مارشال لسوريا، والتأكيد على ضرورة عقد اجتماع للدول المانحة في غضون أيام من سقوط النظام، وتقرر استكمال المعلومات والخطط والبيانات التي استعرضتها الورش التي عقدت مابين اللقاءين».

وحول أهمية هذه اللقاءات الدورية قال قاضي إنهم يتوقعون أنها «تستحث دول العالم على الاهتمام بالقضية السورية اقتصاديا، وتبقي دول العالم في حال استعداد دائم قبيل سقوط النظام، وتؤكد على أن العالم تجاوز النظام الحالي وأن سوريا القادمة مقبلة على ازدهار اقتصادي بحول الله، وأن سوريا تجهز يوما بعد يوم بشكل أكبر لمرحلة ما بعد سقوط النظام، وذلك سيثني عددا أكبر من رجال الأعمال عن الالتفاف حول حصان خاسر».