الإبراهيمي يصل إلى القاهرة ويجري اتصالا بطهران

دمشق: دول «لا تريد الخير لسوريا» تزرع الألغام في طريق المبعوث.. وفرنسا مصابة بـ«الفصام»

TT

بدأ المبعوث العربي والدولي الخاص إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي أول تحركاته بالمنطقة أمس منذ توليه مهام منصبه كخليفة في الوساطة الدولية للأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، في حين اتهمت دمشق دولا، قالت إنها لا تريد الخير لسوريا، بزرع الألغام في طريق المبعوث الجديد من أجل تقويض مهمته، كما اتهمت فرنسا بانفصام الشخصية، كونها تقوم بدعم مهمة المبعوث من جهة، بينما تساعد المعارضة المسلحة من جهة أخرى.

ووصل الإبراهيمي الذي تولى مهامه رسميا في الأول من سبتمبر (أيلول)، إلى القاهرة أمس، لكنه لن يجري مباحثاته مع مسؤولي الجامعة العربية، وضمنهم أمينها العام نبيل العربي، إلا صباح اليوم، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية نقلا عن مصدر في الجامعة.

وبحسب أحمد فوزي، المتحدث باسم الإبراهيمي، فإن المبعوث ينوي زيارة سوريا قريبا، في الوقت الذي أكد فيه الإبراهيمي في الآونة الأخيرة أن دعم المجتمع الدولي «لا بد منه وملح جدا» للتوصل إلى حل للأزمة، التي اندلعت قبل نحو 18 شهرا في سوريا.

وقال فوزي «ننجز التفاصيل الأخيرة لهذه الزيارة المرتقبة إلى دمشق، التي ستحصل بسرعة حالما يتم إنجاز كل هذه التفاصيل».

في موازاة ذلك، أعلن مسؤول إيراني أمس، أن الإبراهيمي أجرى مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، وأنه يفكر في زيارة طهران عقب زيارة دمشق، بحسب وكالة مهر للأنباء. وأجرى الإبراهيمي المكالمة الهاتفية مع صالحي في وقت متأخر من السبت، بحسب ما نقلت الوكالة عن عباس عرقشي، أحد مساعدي صالحي.

وقال عرقشي، إنه «من المقرر أن يزور الإبراهيمي طهران في الوقت المناسب، بعد أن يتوجه إلى سوريا». إلا أنه لم يكشف عن مزيد من التفاصيل عن موعد الزيارة.

وجاء في بيان نشرته وزارة الخارجية الإيرانية على موقعها على الإنترنت، أن صالحي هنأ الإبراهيمي بتعيينه «وتمنى له النجاح في مهمته». وأضاف البيان أن المسؤولين بحثا الوضع في سوريا، وأن صالحي أكد على أن بلاده تريد «حلا سلميا دون تدخل خارجي». وقال البيان، إن الإبراهيمي تحدث عن «الدور الإيجابي» الذي يمكن أن تقوم به إيران في الأزمة السورية، وسعيه لحلها سلميا.

ويأتي ذلك الاتصال مع الطرف الإيراني، عشية وصول المبعوث إلى القاهرة، في وقت انتقدت فيه طهران ودمشق عددا من الدول العربية، وآخرها مصر، نظرا لما تقولان عنه إنه دور سلبي في الأزمة، عبر مساندة المعارضة.

وبعد ترحيب أولي بمبادرة رباعية عرضتها مصر للحل، والتي تضمنت مصر وإيران والمملكة العربية السعودية وتركيا، اتهمت دمشق الرئيس المصري محمد مرسي الأسبوع الماضي بـ«التحريض» الهادف إلى «تأجيج العنف الدائر في سوريا»، وذلك على خلفية كلمته أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب.

كما عاد الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي أمس إلى اتهام «بعض الدول (لم يسمها) ممن لا يريد الخير لسوريا أو إنهاء الأزمة فيها بالعمل على زرع الألغام في طريق الإبراهيمي عبر محاولة تغيير مرجعياته دون مجلس الأمن أو الأمم المتحدة، ولكن روسيا تود إعادة التأكيد على إعلان جنيف لقطع الطريق على هؤلاء».

وأشار مقدسي في مقابلة مع قناة «الميادين» مساء أول من أمس، ونقلتها وكالة الأنباء السورية (سانا) إلى أن «مرجعيات مهمة الإبراهيمي هي خطة الأمم المتحدة ذات النقاط الست وإعلان جنيف، ولكن يمكن مناقشة كل شيء على الطاولة بما يناسب سوريا ويخدم استقرارها، لأن مصلحتها تكمن في إنجاح المهمة كما عملت على إنجاح مهمة المبعوث السابق كوفي أنان والمبعوث العربي محمد الدابي».

وقال مقدسي، إن «طريق الوصول إلى نهاية الأزمة معروف، وهو يمر عبر إيقاف العنف من جميع الأطراف وبدء عملية سياسية يقودها السوريون»، مشيرا إلى أن «غياب التوافق الدولي هو من يتسبب بفشل أي مهمة، لأنه لا يمكن للدول الغربية أن تلعب دور الإطفائي والخائف على الشعب السوري من جهة، في حين تستمر مع دول مجاورة بتهريب السلاح والمسلحين إلى سوريا وإيوائهم وتدريبهم».

وتابع مقدسي: «إننا متفائلون بحذر بمهمة الإبراهيمي، وسنوفر له كل ما يلزم لنجاح عمله الذي يحتاج أيضا منه الذهاب إلى الدول التي تؤوي المسلحين وتدربهم وتمولهم ليطلب منهم الكف عن ذلك، وليطلب من المعارضة القدوم إلى طاولة الحوار دون شروط».

وأوضح مقدسي، أن مكتب الاتصال الذي ستنشئه الأمم المتحدة لمساعدة الإبراهيمي لوجيستي، وله أقسام من سياسي واقتصادي وغيره، وتعداد طاقمه الوظيفي نحو 40 شخصا وفقا لتقييمات الأمم المتحدة وليس الحكومة السورية ومكانه موجود وكل شيء موفر له، بحسب تعبيره. ولفت مقدسي إلى أن «دور الجامعة العربية بتكوينها الحالي لا يمكن أن يكون إيجابيا، والتجربة تثبت أنه دور سلبي لأنها هي من سحب بعثة المراقبين العرب عندما تكلمت عن وجود العنصر المسلح، ولأنها هي من دولت الملف وذهبت إلى مجلس الأمن دون مبرر».

وقال مقدسي: «لم يكن هناك أي مبادرة مصرية، بل كان هناك حديث ونيات، ولكن تم نسفها بالكلام الذي صدر عن الرئيس المصري محمد مرسي أمام قمة حركة عدم الانحياز في طهران، لأن أساس نجاح أي مبادرة هو عدم الانحياز لأي طرف، في حين أن مرسي انحاز لطرف وخطف منبرا ليتدخل بشؤون سوريا».

وأكد مقدسي، أن «أي محاولة لفرض أي نوع من الحظر فوق أي ذرة تراب سوريا هو اعتداء على السيادة السورية تستوجب ممارسة حق الدفاع عنها، والجيش العربي السوري جاهز لذلك. ولكن هذا الموضوع غير مطروح وهو مرفوض دوليا»، مضيفا «إننا في سوريا بحالة دفاع عن النفس وليس بحالة هجوم، ونخوض حرب شوارع مع مسلحين، ومعركتنا هي معركة صمود حتى تتبلور إرادة دولية جادة في المساعدة، وكلمة الحسم تعني الوصول إلى إقناع حامل السلاح بتركه لأن هذا الطريق لن يؤدي إلى أي مكان».

وفي سياق ذي صلة، قال مقدسي في تصريح لوكالة «أسوشييتد برس» الأميركية، إن فرنسا تعاني من «انفصام الشخصية» في تعاملها مع الصراع في سوريا، مبررا ذلك بأن باريس تقوم «من ناحية بدعم مهمة الإبراهيمي، في ذات الوقت الذي تدلي فيه بتصريحات مؤيدة لعسكرة الأزمة في سوريا».

واعترف مسؤولون فرنسيون بتوفير معدات اتصالات وغيرها من المعدات غير الفتاكة لقوات المعارضة السورية، لكنهم يقولون إن باريس لن تقدم أسلحة دون اتفاق دولي.