المؤسسات المصرية تتخذ واجهة «حداثية» من خلال وسائل اعلامية متنوعة

مراقبون وناشطون: خطوة محمودة وننتظر المزيد.. والمحتوى أهم

TT

بعد سويعات قليلة من تدشينه رسميا، امتلأ الحساب الرسمي للرئيس المصري محمد مرسي على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي بالرسائل، لدرجة أنه صار على قمة الأسماء المتداولة باللغة العربية على الموقع لساعات طويلة، بحسب محرك بحث الموقع ذاته.

الرسائل تنوعت بين النقد والإشادة، ولكن قرار إقامة مباراة كأس السوبر المصرية، وما صاحبة من تهديدات رابطة مشجعي النادي الأهلي بالتصعيد والتهديد باقتحام ملعب المباراة ووقفها اعتراضا على إقامتها قبل انتهاء التحقيقات الجارية في كارثة استاد بورسعيد التي راح ضحيتها 74 مشجعا بداية فبراير (شباط) الماضي، كان صاحب النصيب الأكبر من حجم تلك الرسائل، التي ناشدت في أغلبها الرئيس بالإعلان عن إلغاء المباراة إعمالا لصوت العقل وحقنا لدماء المصريين.

وخاطب كثير من المصريين الرئيس بضرورة «وأد الفتنة»، وأن «أرواح المصريين أهم من مباراة»، كما قال بعض الناشطين إن التنازل عن القرارات نزولا على رغبة الشعب لا يعد «أبدا» من قبيل «الضعف السياسي».

ويري مراقبون أن تدشين حساب للرئيس المصري على مواقع التواصل الاجتماعي فتح نافذة جديدة للشعب من أجل إيصال صوته بـ«صورة مباشرة» لأعلى مؤسسات الدولة.. ولكنهم يشيرون إلى أن ذلك يأتي في إطار نمط آخذ في التزايد للتوجه نحو واجهة أكثر «حداثية» للدولة المصرية ككل.

ورغم أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة كان صاحب المبادرة في ذلك الاتجاه، عندما دشن حسابا للتواصل مع المواطنين على موقع «فيس بوك» في أوج ثورة «25 يناير»، إلا أن المراقبين يرون أن ذلك الحساب كان «أحادي» الاتجاه، ولم يكن تواصلا بالمعنى الحقيقي.. إذ إنه كان فقط استخداما واضحا لبديل أكثر عصرية في توصيل البيانات التي يصدرها المجلس (الحاكم آنذاك) للمواطنين، ولكنه لم يفعل الخدمة بطريقة عكسية لاستبيان آراء تلك الجماهير في معظم الأحيان. وبالتزامن مع انتخاب الرئيس مرسي، بدأت أغلب المؤسسات المصرية في تعيين متحدثين رسميين باسمها للتعامل مع الإعلام والجماهير. وكان من ضمن تلك المؤسسات الجيش المصري، الذي كان سابقا يكتفي بتصدير أحد أعضاء المجلس العسكري - بالتناوب - للتحدث في المؤتمرات الصحافية. كما أن جهة مثل جهاز الشرطة اتخذت لها حسابا على موقع «تويتر»، يهتم القائمون عليه بالرد بكل اهتمام وموضوعية على أي أسئلة ترده من المتابعين بشكل راق للغاية.

ورغم أن كثيرا من الناشطين يتهكمون على حساب الشرطة، قائلين إنهم لا يجيدون حرفية التعامل مع الجماهير، التي تختلف برأيهم عن التعامل الواقعي «على الأرض»، إلا أن الخدمة آخذة في الانتشار بين الشباب.. والطريف أن القائمين على الحساب لا تنقصهم روح المرح، بل إنهم يردون كثيرا على انتقادات قد تبدو لاذعة بكل ود. وفي سياق ذي صلة، برز اسم المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية الدكتور ياسر علي منذ تعيينه، وصارت وسائل الإعلام المصرية لا تخلو من تصريحات له بصورة يومية.. ويؤكد كثير من الصحافيين أن الرجل يقوم بمهامه بصورة «ممتازة»، وأنه لا يألو جهدا أبدا في الرد على أي تساؤل في جهة اختصاصه.

ويشير عدد من المراسلين الغربيين في مصر إلى أن الوضع يبدو صاعدا في مصر، فيما يخص تلك الواجهات الإعلامية والصحافية.. مقارنين بين الموقف أيام الأنظمة السابقة وبين الوضع حاليا، إذ كان الحصول على تصريح من أحد الأجهزة، وخاصة السيادية، يتطلب جهدا خارقا.

ويروي أحد الصحافيين الغربيين، طالبا عدم ذكر اسمه، أنه اتصل ذات يوم بالشرطة للحصول على رد حول قضية معينة، فلم ينجح حيث كان الرد دائما أنه «لا توجد تعليمات في هذا الخصوص، ونحن غير مخولين بالرد».. وبدأ في تصعيد اتصالاته حتى وصل إلى مؤسسة الرئاسة، فطلبوا منه الانتظار ومعاودة الاتصال. واستمر الأمر أياما، حتى فوجئ بانتهاء الموضوع دون الحصول على رد شاف، لكنه حصل على رسالة - من وسيط - مفادها أن «الرئاسة حينما تريد أن تقول شيئا، ستقوله دون أن يطلب منها.. وحينما لا تريد، فهي لا تريد أن يسألها أحد أيضا».

وعلى الرغم من أن مؤسسة الرئاسة الحالية دشنت تقليدا جديدا يتضمن إصدار تقرير شهري لجهود المؤسسة، إلا أن الناشطين والمراقبين يؤكدون أن كل تلك الخطوات في تحديث واجهات المؤسسات الرسمية المصرية هي «قفزة» محمودة للغاية في إطار السعي إلى مزيد من «الشفافية».. ولكن المحتوى الذي يحمله ذلك التحديث هو الأهم، وخاصة بعد انتهاء المائة يوم الأولى للرئاسة، التي تعد بمثابة فترة اختبارية «قد يسمح فيها بهامش للتجربة والخطأ».