الريال الإيراني يهبط إلى أدنى مستوياته.. وطهران تشكو «حربا اقتصادية»

المسؤولون الإيرانيون يصبون غضبهم على كندا وأوروبا.. ولاريجاني يلغي رحلة إلى كيبك

صورة بثتها وكالة «مهر» الإيرانية أمس للقاء جمع بين رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني بالسفير الروسي في طهران لوان جاغاريان
TT

بينما لا تزال الجمهورية الإسلامية في حالة استياء شديد من قرار كندا بقطع إغلاق سفارتها في طهران وتلويح الاتحاد الأوروبي بحزمة جديدة من العقوبات بسبب برنامج طهران النووي، هبط الريال الإيراني إلى أدنى مستوياته على الإطلاق أمس أمام الدولار، في حين أكد البنك المركزي الإيراني أنه يحاول تفادي انهيار العملة الوطنية وسط «حرب اقتصادية مع العالم».

وتخضع إيران خصوصا لحظر مصرفي غربي أعلنه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في 2010 لمعاقبة طهران على رفضها وقف أنشطتها النووية الحساسة.

وبلغ سعر الصرف أمس 24 ألف ريال للدولار الواحد في مكاتب الصرافة، بحسب مواقع متخصصة تنشر سعر الصرف بشكل فوري وصراف تم الاتصال به هاتفيا. ويعني ذلك تراجع قيمة الريال بنسبة 5 في المائة منذ السبت ونحو 10 في المائة منذ أن أقر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الأربعاء بأن العقوبات الأوروبية المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني تسبب «بعض المشكلات» لبلاده، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

ويمثل آخر سعر غير رسمي نحو ضعف السعر الرسمي للريال المحدد بـ12260 ريالا للدولار الواحد، وهو يستخدم فقط في توريد المواد الأساسية وتقصر السلطات اعتماده على بعض الوكالات التي تتبعها وبعض الشركات التي تلقى معاملة مميزة.

وحسب وكالة «رويترز» نقلا عن متعاملين فإن العملة الإيرانية خسرت تسعة في المائة خلال ثلاثة أيام، بعد أن بلغ سعر الدولار في السوق المفتوحة نحو 24 ألف ريال، في حين كان الدولار قد بلغ 22 ألف ريال الخميس الماضي.

وقال متعامل بالهاتف من طهران، طالبا عدم نشر اسمه: «هذا سيئ حقا... هذا المستوى الأسوأ على الإطلاق»، وقال متعامل آخر إن شركته علقت أنشطتها بسبب تقلب أسعار الصرف»، مضيفا أن هذا هو أدنى مستوى شهده للريال على الإطلاق. وأضاف بالهاتف: «لا نبيع... ينبغي أن يستقر السعر حتى يمكننا شراء بعض الدولارات».

والسبب المباشر للهبوط الحاد غير واضح، لكنّ متعاملا قال إنه قد يكون بسبب الصعوبة التي تواجهها الحكومة لتدبير النقد الأجنبي نتيجة العقوبات الأميركية التي تستهدف البنك المركزي بصورة مباشرة، كما تزامن الهبوط مع قرار أوتاوا إغلاق سفارتها في طهران وتلويح الاتحاد الأوروبي بمزيد من العقوبات خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد في قبرص أول من أمس.

وفي غضون ذلك نقلت وكالة الأنباء الطلابية عن رئيس البنك المركزي الإيراني محمود بهماني قوله: «إن البنك المركزي لا يمكنه أن يخفض بشكل منهجي سعر الصرف، لكننا حاولنا السيطرة» على تراجع قيمة الريال. وأضاف: «نحن في حالة حرب اقتصادية، إننا نخوض حربا اقتصادية مع العالم».

وأدت العقوبات المصرفية القاسية التي فرضت على إيران منذ 2010 إلى تباطؤ النشاط الصناعي، وقلصت الاستثمارات الأجنبية وأدت إلى ارتفاع التضخم بما يزيد عن 20 في المائة، وفاقمت البطالة وأدت إلى تراجع احتياطي العملات الأجنبية. وازدادت حدة الأزمة مع حظر نفطي أدى منذ بداية 2012 إلى تراجع الصادرات من الخام بنسبة 50 في المائة، إذ تحصل طهران على أغلب مواردها من العملة الأجنبية من صادرات النفط.

وبدورها صبت الحكومة الإيرانية جام غضبها على كندا والاتحاد الأوروبي، وأرجع وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي قرار كندا إلى «نجاح» قمة دول عدم الانحياز التي استضافتها طهران نهاية الشهر الماضي. ووصف قرار أوتاوا بإغلاق سفارتها في طهران بأنه ناجم عن «تصرفات غير مسؤولة للحكومة الكندية حيال إيران.. وفشل الخارجية الكندية في محاولتها لثني الدول الأعضاء (دول عدم الانحياز) عن المشاركة في قمة طهران».

ونقلت وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية عن صالحي أن «وزير الخارجية الكندي اتصل بالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وطلب منه عدم المشاركة في قمة عدم الانحياز في طهران، كما اتصل بالكثير من الدول الأعضاء قبيل انعقاد القمة لترغيبهم في عدم المشاركة فيها، ولكن بفضل الله تعالى تمكنت إيران الإسلامية من إقامة القمة بأفضل صورة».

وبدوره وصف رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني قرار كندا بـ«الخطوة الساذجة»، وأنه «تجسيد لانفعال الغرب». ونقلت وكالة «مهر» الإيرانية عن لاريجاني خلال افتتاح الجلسة العلنية لمجلس الشورى الإيراني (البرلمان) في طهران أمس قوله: «مواقف بعض الدول الغربية والتهديدات غير العادية (بسبب البرنامج النووي الإيراني) إنما تبرز انفعالهم بدلا من أن تثبت اقتدارهم على الساحة الدولية». وأشار إلى أن الرد على «الممارسات العدائية»، يكمن في «تنظيم الوضع الاقتصادي للبلاد»، من خلال «الاقتصاد المقاوم»، حسب تعبير استخدمه سابقا المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي.

وأعلن مجلس الشورى لاحقا إلغاء مشاركة لاريجاني في اجتماع الجمعية العمومية للبرلمان الدولي المقرر في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في مقاطعة كيبك بكندا، وذلك بسبب «السلوك الطائش والخطوة الكندية المنفعلة بإغلاق سفارتها لدى طهران».

وكانت كندا قالت إنها اتخذت هذه الخطوة لأنها ترى أن إيران «تشكل أكبر خطر على السلام والأمن العالمي اليوم». وأدرجت من أسباب قرارها دعم إيران للنظام السوري وتحديها القرارات الدولية بشأن ملفها النووي، وخطابها المناهض لإسرائيل وانتهاكات حقوق الإنسان ورعاية الدولة الإيرانية للإرهاب.

وقالت كذلك إن بين الأسباب شعور الدبلوماسيين الغربيين بعدم الأمان في طهران بعد مهاجمة عدد من المحتجين السفارة البريطانية خلال مظاهرة نظمتها الدولة في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، ما أدى إلى إغلاق السفارة.

واستغرب محللون اتخاذ كندا هذا القرار الآن، خصوصا أن مسؤوليها لم يتحدثوا عن وقوع أي حادث مؤخرا. وبدوره ندد الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمان باراست أمس بدعوات دول من الاتحاد الأوروبي إلى تشديد العقوبات الصارمة أساسا ضد طهران. ووصف احتمال فرض عقوبات جديدة بأنه «غير فعال» و«باطل».