المحكمة الجنائية العراقية تحكم على الهاشمي بالإعدام غيابيا

القاضي اعتبر الأدلة ضدهما «كافية لتجريمهما».. وخبير قانوني لـ«الشرق الأوسط»: الحكم يلغي صفة نائب الرئيس

طارق الهاشمي (أ.ب)
TT

أصدرت المحكمة الجنائية العراقية المركزية أمس حكما غيابيا بالإعدام شنقا بحق نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بعد إدانته بتهم إرهابية. كما أصدرت المحكمة حكما بالإعدام على مدير مكتب الهاشمي وصهره أحمد قحطان.

وقال القاضي خلال الجلسة إن «الأدلة المتحصلة» ضد كل من طارق أحمد بكر (الهاشمي) وأحمد قحطان كافية لتجريمهما عن تهمة قتل المجني عليها المحامية سهاد العبيدي والمجني عليه العميد طالب بلاسم وزوجته سهام إسماعيل، وتحديد عقوبتهما بالإعدام شنقا حتى الموت».

وقبيل القرار، قدم المدعي العام مطالعة طالب فيها بإدانة الهاشمي في قضيتين وإسقاط التهم عن الثالثة لعدم توفر الأدلة. وبعدها، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، قدم فريق الدفاع لائحة طويلة تضم أكثر من 20 صفحة تناوب على قراءتها 3 محامين، طعنوا خلالها بمجريات المحاكمة، وأكدوا على أن «المحكمة تعرضت لضغوط سياسية». واستشهد فريق الدفاع بتصريحات لسياسيين منهم رئيس الوزراء الأسبق وزعيم القائمة العراقية إياد علاوي قال فيها إن «هناك ضغوط من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية». لكن القاضي رفض كلام المحامي وطلب الابتعاد عن السياسة، قائلا إن «في ذلك تهجم على السلطة القضائية قد تحاسب عليها إذا استمرت في ذلك» الأمر الذي دفع بالمحامي بترك ذلك والانتقال إلى صفحة أخرى.

وكان مجلس القضاء الأعلى قرر محاكمة الهاشمي الموجود حاليا في تركيا، غيابيا بثلاث جرائم قتل، تتعلق باغتيال مدير عام في وزارة الأمن الوطني وضابط في وزارة الداخلية ومحامية. وذكر القاضي أن المحكمة أسقطت التهم المتعلقة باغتيال مدير عام في الأمن الوطني. وطالب القرار الجهات التنفيذية جلب المدانين لغرض تنفيذ الأحكام بحقهما.

وشهدت الجلسات السابقة اعترافات لعدد كبير من أفراد حماية الهاشمي أقروا جميعهم خلالها بالاشتراك في عمليات تفجير وقتل وفقا لتعليمات تسلموها من الهاشمي ومدير مكتبه أحمد قحطان، كما قالوا. وبدأت أولى جلسات محاكمة الهاشمي في 15 مايو (أيار)، واستمعت خلالها المحكمة إلى 3 مدعين بالحق الشخصي، سجلوا دعاوى ضد الهاشمي وسكرتيره الشخصي وصهره أحمد قحطان. وتعلقت بالهاشمي أكثر من 300 جريمة ذكرت في اعترافات عناصر حمايته بينها قتل عناصر في الجيش والشرطة وقضاة وآخرين، وعدد المتهمين في القضية 70 من أفراد حمايته الخاصة، احيل منها 12 قضية إلى القضاء.

وجلسة أمس كانت العاشرة منذ انطلاق المحاكمة التي شهدت انسحاب فريق الدفاع مرة واحدة من جلسات المحاكمة احتجاجا على عدم قبول اعتراض تقدم به. وكان الهاشمي انتقل قبل عدة أشهر للإقامة في تركيا التي رفضت تسليمه رغم صدور مذكرة توقيف بحقه في ديسمبر (كانون الأول) 2011، علما بأن الشرطة الدولية (الإنتربول) أصدرت أيضا مذكرة توقيف دولية بحقه. وأصدر «الإنتربول» في الثامن من مايو (أيار) الماضي، مذكرة توقيف دولية تطالب بتسليم الهاشمي. وطلبت الشرطة الدولية من مقرها في ليون (وسط شرق فرنسا) مساعدة الدول الـ190 الأعضاء فيها لـ«تحديد مكان وتوقيف» الهاشمي.

من جهته، أعلن الهاشمي في بيان على موقعه الإلكتروني آنذاك أن «هذه القضية سياسية منذ بدايتها وتنتظر حلا سياسيا».

وأضاف: «لست فوق القانون العراقي، لكن بشرط توفر القضاء العادل والأجواء الأمنية التي تحفظ حياتي وحياة أعضاء حمايتي المعتقلين ببغداد والذين لا أشك في براءتهم». كما أعلن الهاشمي في وقت سابق، من إسطنبول بأن «ليس لديه ثقة في القضاء» في بلاده، وبرر فراره بتأكيده أن «حياته في خطر» في بغداد.

وتسلم الهاشمي (70 عاما) منصب نائب رئيس الجمهورية عام 2006، عندما كان زعيما للحزب الإسلامي العراقي، أكبر الأحزاب السنية آنذاك، لكنه قبيل الانتخابات الأخيرة استقال وشكل تجمع «تجديد» الذي شارك ضمن القائمة العراقية التي تزعمها إياد علاوي. وجدد البرلمان العراقي ولاية ثانية للهاشمي بعد توزيع المناصب السيادية في الحكومة التي جرت بالتوافق بين الأحزاب الفائزة.

وفيما لم يصدر عن الرئاسة العراقية أي تعليق على الحكم حتى ساعة إعداد هذا التقرير، فإن الخبير القانوني طارق حرب أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «طارق الهاشمي، وطبقا لقانون الخدمة المدنية الموحد، فإنه وبمجرد صدور الحكم عليه قد فقد صفته الوظيفية نائبا لرئيس الجمهورية»، مشيرا إلى أن «القانون ينص على أن الموظف المكلف بخدمة عامة وفي حال إيداعه السجن تسحب يده من الوظيفة، ويستحق نصف الراتب ولكن عند صدور الحكم يفقد وظيفته». وردا على سؤال بشأن كون الحكم على الهاشمي غيابي وهل تنطبق عليه الإجراءات نفسها، قال حرب: «في حال الحكم الغيابي فإنه يظل غيابيا مهما طالت الفترة ما لم يسلم المحكوم نفسه وبمجرد تسليم نفسه يسقط الحكم وتعاد محاكمته كمتهم من جديد».

إلى ذلك، اعتبر أحمد العلواني، النائب في البرلمان العراقي عن كتلة «تجديد» التي يترأسها الهاشمي والمنضوية في القائمة العراقية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكم الغيابي الذي صدر على الهاشمي حكم سياسي وليس قضائيا» مشيرا إلى أنه «فاقد للشرعية القانونية وحتى الأخلاقية». وأضاف العلواني أن «القائمة العراقية سوف تصدر موقفا بهذا الشأن ولكن بشكل عام نقول إن هذا الحكم منقوص وهو دليل على عدم استقلالية القضاء حيث طالبنا بنقل محاكمته إلى مكان آخر داخل العراق، وأن الرجل أبدى استعداده في حال توفرت الظروف الموضوعية للحضور وهو الآن مستعد للمثول أمام المحكمة في حال توفرت مثل هذه الظروف». وأشار إلى أن «هذا الحكم الذي صدر بحق الهاشمي رسالة لكل من يقف ضد المشروع الطائفي في العراق» مؤكدا أن «هناك تبعات يمكن أن تحصل بسبب هذا الحكم حيث إن الهاشمي زعيم سياسي كبير ويمثل مكونا هاما هو المكون السني، وبالتالي فإن العملية لن تمضي دون تداعيات».