هونغ كونغ تتراجع عن «التعليم القومي» المدعومة من بكين

أحد ابرز القضايا المؤثرة على الانتخابات التشريعية

TT

في مواجهة عشرات الآلاف من المحتجين الذين يرون أن خطة «التعليم الأخلاقي القومي» المدعومة من حكومة بكين تصل إلى مستوى غسيل المخ والتوجيه السياسي، تراجع الرئيس التنفيذي لهونغ كونغ يوم السبت وألغى الموعد النهائي لتطبيق هذا النظام في المدارس وهو عام 2015. ولم يهدئ ذلك الكثير من المحتجين حيث طالبوا بالتراجع نهائيا عن خطة التعليم. واستمرت جموع من الشباب يرتدون قمصانا رياضية سوداء في التدفق على الميدان والشوارع المحيطة بمقر الحكومة المحلية مساء السبت بعد عرض ليونغ تشون يينغ ذلك الحل الوسط. وقال ليونغ إنه أراد أن تقرر كل مدرسة ما إذا كانت ستطبق النظام في السنوات المقبلة أم لا، وهو أمر يمكن أن يتيح لحلفاء بكين فرض مبادئ لا تريدها تلك المدارس. وقال سام تشان، طالب يبلغ من العمر 19 عاما: «نحن نريد إلغاء الأمر برمته. إن الناس يريدون حماية مستقبلنا ومستقبل أبنائنا». وتجمعت مجموعة كبيرة، لكنها مسالمة، من الناس يبلغون نحو مائة ألف بحسب تقدير المنظمين، و27.500 بحسب تقدير الشرطة، في وقت متأخر من يوم السبت على الرغم من تراجع ليونغ.

وبدأ الاقتراع في الانتخابات التشريعية صباح أمس الأحد، ومن المقرر أن تعلن النتائج في وقت متأخر من تلك الليلة. وقد يضر الشعور الشعبي بالعداء تجاه خطة التعليم بالمرشحين المدعمين من قبل بكين. وضع مسؤولو هونغ كونغ الخطة خلال السنوات العشر الماضية من أجل غرس الشعور بالانتماء للصين. على مدى السنوات العشر الماضية، كانت الاحتجاجات المتزايدة ضد الخطة هي آخر مؤشر يدل على اهتمام غير معتاد من قبل الشباب بالنشاط السياسي. كذلك توجد بعض المؤشرات التي توضح احتمال امتداد هذا النشاط إلى بر الصين الرئيسي للمرة الأولى منذ احتجاجات ميدان تيانانمين عام 1989.

كان الكثير ممن تجاوزوا الأربعين من العمر يشاركون في الكثير من المظاهرات، حيث كانت الأسر حتى فترة قريبة تمنع أبناءها الشباب من الخروج خوفا من أن يؤثر نشاطهم السياسي سلبا على فرص حصولهم على وظائف ومصادر للرزق.

مع ذلك أثارت مراسم افتتاح مصنع ضخم لصهر النحاس في التاسع والعشرين من يونيو (حزيران) في مدينة شيفانغ في إقليم سيشوان غرب الصين احتجاجات عشرات الآلاف من الشباب القلق من أن يتسبب المصنع في تلوث بيئي خطير.

ووصف السكان في متاجر ومقاهٍ على الأرصفة مساء يوم الجمعة في شيفانغ المعارك التي شارك فيها شباب ضد قوات الشرطة في الميدان حول برج الساعة في وسط المدينة. وكان الشباب الذين عرفوا بالأمر من خلال الإنترنت، يتدفقون من الأحياء المجاورة في تنسيق نادر جديد بين المحتجين ومثال على الترابط بينهم. واعتقلت الشرطة في البداية 21 متظاهرا، لكنها أطلقت سراحهم بعد يوم مع تزايد الأعداد. وتم إلغاء مشروع صهر النحاس نفسه ولا يبدو أنه سيتم استكماله على حد قول سكان مدينة شيفانغ الذين أوضحوا أن المدينة كانت هادئة تماما إلى أن اندلعت الاحتجاجات. وعلى الرغم من أن مظاهرات مدينة شيفانغ تبدو مثالا لحالة فردية شارك فيها الشباب في مظاهرات في بر الصين الرئيسي، فإن الشباب يستخدم الإنترنت بكثرة في الصين، وتظهر نبرة التهكم والسخرية من السلطات بوضوح في الكثير من مشاركاتهم على الإنترنت على الرغم من محاولات الرقابة حذف تلك المشاركات إذا ما خالفت ما وضعته السلطات من قواعد، في غضون ساعات.

وتشبه الاحتجاجات في هونغ كونغ، التي كانت مستعمرة بريطانية يوما ما قبل أن تعود إلى الصين عام 1997، إلى حد كبير احتجاجات ميدان تيانانمين، التي تدفق خلالها عدد كبير من الطلبة على أماكن عامة أمام مبانٍ حكومية، ونظموا اعتصامات وإضرابا عن الطعام في بعض الأحيان. ومثل المتظاهرين في ميدان تيانانمين، كان الطلبة في هونغ كونغ يتظاهرون احتجاجا على الفساد، خاصة ما بات واضحا من تحول مسؤولي الحكومة هنا إلى وحوش أشبه بوحوش المدن، حيث يتمتعون أثناء فترة توليهم المنصب برحلات اليخوت وشقق بأسعار مخفضة ووظائف براتب كبير بعد تقاعدهم. ووضع المتظاهرون في هونغ كونغ تمثال «إلهة الديمقراطية» وهو يشبه تمثال الحرية الذي كان يستخدمه الطلبة خلال مظاهرات ميدان تيانانمين.

انتشرت شائعة يوم الجمعة أن الحكومة أرسلت مثيري شغب لإحداث اضطرابات تعطي للشرطة ذريعة لتفريق الجموع. وأصدرت الحكومة بيانا نادرا تنفي فيه هذه الشائعة وتكبد ليونغ عناء تكرار النفي يوم السبت. وقال: «لقد طلبت من الشرطة أن لا تخلي المكان من الناس». وأضاف أنه طلب منهم إعطاء المتظاهرين مظلات ومعاطف للمطر عند تساقط الأمطار في منتصف الليل. وعلى الرغم من عدم رضا الطلبة عن إعلان ليونغ على ما يبدو، فإن هذا يعد تنازلا وقد ينظر إليه باعتباره دليلا على ضعف موقف مسؤولي بكين الذين عينوه بعد اختياره في مارس (آذار) الماضي من قبل لجنة مكونة من 1200 ساكن بارز من سكان هونغ كونغ، وتضم الكثير من مؤيدي حكومة بكين.

وكان من المفترض بالأساس أن يطبق المنهج التعليمي القومي، الذي يتكون من تاريخ الصين وبه جرعة مكثفة من الوطنية وتفسير لدور الحزب الشيوعي، مرحليا في مدرسة تلو الأخرى مع بداية العام الدراسي يوم الاثنين الماضي، لكن بضع مدارس فقط هي التي بدأت تطبيق هذا المنهج.

* خدمة «نيويورك تايمز»