قصف جوي مستمر يطال بلدات سورية عدة.. وتفجير حافلة في حمص

«لجان التنسيق» تعلن البوكمال مدينة «منكوبة».. وحصار مخيم اليرموك متواصل بعد محاولة اقتحامه

أحد المباني التي دمرها القصف المتواصل لقوات النظام السوري على حي الحميدية بحمص (رويترز)
TT

واصلت قوات الأمن السورية، مستعينة بالطيران الحربي، قصفها العنيف لعدد كبير من المدن والبلدات في محافظات سورية عدة، مما أدى إلى مقتل أكثر من 100 شخص (في حصيلة أولية أمس) وجرح العشرات وتدمير عدد كبير من المنازل والممتلكات، في موازاة إعلان لجان التنسيق المحلية في سوريا مدينة البوكمال في محافظة دير الزور «مدينة منكوبة» جراء القصف الوحشي والهمجي الذي تتعرض له.

وذكرت لجان التنسيق في بيان صادر عن تنسيقية البوكمال، أن «قوات وشبيحة الأسد المجرمة تستخدم في قصفها الهمجي لأحياء المدينة وضواحيها كل أنواع الأسلحة الثقيلة والمتطورة والطائرات الحربية»، مشيرة إلى «تركيز القصف على المدنين العزل وإيقاع أكبر قدر من الإصابات وتدمير الملاجئ التي كانت الملاذ الوحيد للمدنيين». وأشارت إلى أن عدد القتلى بلغ خلال شهر واحد 60 شخصا، مناشدة «المجلس الوطني السوري الغائب حتى اللحظة أداء واجبه تجاه المدينة المنكوبة».

وقال أبو خالد البوكمالي، الناطق باسم تنسيقية البوكمال، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «المدينة منكوبة بكل ما تعنيه الكلمة، وقد وصلت نسبة النزوح عنها إلى 90 في المائة، بعدما عبرت نحو 5 آلاف عائلة الحدود باتجاه العراق». وذكر أن «عائلات أخرى نزحت لمناطق أكثر أمنا في ريف المدينة بعد إغلاق معبر البوكمال - القائم، حيث لا تزال تنتظر مئات العائلات على الحدود لفتح المعبر والدخول إلى الأراضي العراقية».

وأشار أبو خالد إلى أن المدينة «تتعرض لثلاث أو أربع غارات جوية يوميا ولقصف بقذائف الهاون من مطار الحمدان الذي يبعد 3 كلم عن وسط المدينة»، موضحا أن «القصف الجوي يستهدف المدينة بشكل عشوائي، وبات الوسط التجاري الخالي أصلا مدمرا بالكامل، وهو يضم أكثر من 300 محل تجاري».

وفي حين أكد أن المدينة تعاني من «نقص كبير في المواد الطبية والإسعافية والغذائية»، ناشد «المنظمات الإنسانية، بعيدا عن السياسة والعسكرة، المساعدة لإدخال المساعدات الإنسانية بشكل دوري». وسجل باسم أهالي المدينة «عتبا على الشعب العراقي الخاضع لموقف الحكومة العراقية المخزي بعد إغلاقها الحدود مع سوريا وتركها أطفالا ينزفون حتى الموت والوقائع موثقة بالصوت والصورة».

أما في العاصمة دمشق، فقد ذكرت «لجان التنسيق المحلية» أن قوات الأمن المتمركزة في فرع الدوريات في منطقة القزاز قصفت المناطق الجنوبية من العاصمة، وبينها حيا الحجر الأسود والعسالي، مما تسبب في حالة ذعر بين الأهالي ونزوح عدد من السكان. وكانت اشتباكات وقعت أول من أمس بين القوات النظامية وعناصر من الجيش السوري الحر في حيي القدم والقابون، في حين تجدد القصف المدفعي على أحياء الحجر الأسود وبساتين كفرسوسة والتضامن والعسالي ومخيم اليرموك، حيث دارت اشتباكات عنيفة على تخومه دخلت بعدها قوة مشاة نظامية إلى المخيم.

وقال محمود نصار، الناطق باسم تنسيقية مخيم اليرموك التابعة للجان التنسيق المحلية لـ«الشرق الأوسط» إن «قوة المشاة العسكرية دخلت إلى مستشفى الباسل داخل المخيم أول من أمس، لكنها لم تعتقل أحدا بسبب إخلاء الجرحى قبل وصولها بدقائق»، لافتا إلى أن «عناصرها تعاملوا بفظاظة مع الطاقم الطبي للمستشفى، قبل أن ينسحبوا لناحية شارع فلسطين».

وأوضح أنه تم اعتقال كل الشبان الذين صادفتهم القوة الأمنية في شارع الجاعونة، الفاصل بين حي التضامن ومخيم اليرموك والذي تعرض قبل يومين لقصف بالقذائف، واعتدت على الأهالي بالضرب والشتائم، قبل أن تتوجه إلى تخوم شارع التضامن، حيث تمركز عدد من الدبابات قرب دوار فلسطين المؤدي إلى أحياء يلدا والتضامن ومخيم اليرموك. وقال إن العناصر النظامية والشبيحة التابعين لهم نهبوا عددا كبيرا من المحال التجارية في سوق «السبورات»، حيث شوهدت سيارات أمن محملة بالبضائع المسروقة.

وأكد الناشط المعارض، أن «القيادات الفلسطينية تريد المخيم ملاذا آمنا ولا وجود فيه لأي من عناصر (الجيش الحر)»، معربا عن اعتقاده أن «الهدف من حصار المخيم الذي يستضيف قرابة 150 ألف نازح سوري ويعد امتدادا جغرافيا للعاصمة دمشق، السيطرة على حي الجاعونة وإفراغه من قاطنيه ليؤمن خلفيته الأمنية على تخوم حي التضامن الثائر ضد النظام».

وكانت بلدة يلدا في ريف دمشق قد تعرضت لقصف مدفعي عنيف بالدبابات وقذائف الهاون من قبل قوات النظام المتمرکزة عل أطرافها من ناحية دوار فلسطين.

من جهة أخرى، تعرض حي الخالدية في مدينة حمص للقصف، كما طال قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة والدبابات مدينة قلعة الحصن. وذكر المرصد السوري، أن «اشتباكات دارت بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة في حي باب هود»، في حين أشارت لجان التنسيق المحلية إلى مقتل تسعة أشخاص على الأقل في قرية الغجر في الرستن، معظمهم أطفال من عائلة واحدة إضافة إل عشرات الجرح، جراء قصف استهدف القرية من الطيران العمودي.

كما وردت أنباء عن اقتحام القوات النظامية بلدة السمعليل جنوب منطقة الحولة، وسط إطلاق رصاص كثيف بعد تعرض البلدة للقصف وتشهد البلدة حركة نزوح كبيرة.

كما قتل 4 أشخاص على الأقل وجرح آخرون في هجوم استهدف حافلة تقل مدنيين وعسكريين قرب حمص. وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن، إن «هجوما بجهازي تفجير استهدف الحافلة»، في حين أعلن التلفزيون السوري عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة آخرين بتفجير عبوة ناسفة زرعتها مجموعة إرهابية في حافلة تشبه بولمان على طريق حمص - مصيف.

وفي حلب، طال قصف عنيف أحياء عدة في المدينة، منها سوق الهال، طريق الباب، الشعار، الصاخور، حي الميدان وأحياء المدينة الشرقية. وتداولت مواقع المعارضة وكذلك الناشطون السوريون أمس مقاطع فيديو تظهر مقتل المخرج والإعلامي السوري وعضو تنسيقية السويداء تامر العوام جراء إصابته أثناء تغطيته للأحداث في مدينة حلب بغازات سامة أطلقتها قوات الأمن السورية. والعوام من مواليد عام 1977 وله أفلام تسجيلية خاصة بالثورة السورية، آخرها فيلم يسجل أحداث إدلب، عدا عن مساهمته قبيل دخوله سوريا في نقل الأخبار للإعلام الغربي أثناء وجوده في ألمانيا وتنظيمه عددا من المظاهرات للسوريين المغتربين.

وقال نشطاء، إن طائرات حربية قصفت حي هنانو أمس، وذلك بعد سيطرة مقاتلي المعارضة على ثكنة عسكرية هناك. وأن القصف أسفر عن مقتل وإصابة عشرات الأشخاص، إضافة لتفاقم أزمة نقص المياه في أكبر المدن السورية بعد انفجار خط أنابيب المياه.

وقال نشطاء من المعارضة لـ«رويترز» عبر الهاتف، إن الغارة الجوية التي شنتها قوات الأسد أمس دمرت مجمعا سكنيا في حي هنانو بشرق حلب. وأظهر تسجيل مصور من المنطقة عشرات الأشخاص وهم ينقبون بين أنقاض مبنى سوي بالأرض.

وأكد الناشطون استمرار النقص في المياه في حلب، بينما قال رجل أعمال جاء من شمال غربي المدينة إلى حي هنانو، حيث توجد المقبرة الرئيسية لحلب، لدفن جدته، إن الأرض كانت تهتز من الانفجارات الناجمة عن قذائف المدفعية. وأضاف «مررت بجانب عدة نقاط تفتيش تابعة للجيش السوري الحر، وبدا على المقاتلين الاسترخاء التام، ولم تتسن رؤية الجيش (النظامي) في أي مكان، لكنه كان يقصف بشدة».

وقال نشطاء من المعارضة، إن القطاع الشرقي من حلب يتعرض لقصف جوي منذ أن هاجم مقاتلو المعارضة ثكنة هنانو وحرروا عشرات من المنشقين عن الجيش.

كذلك، تعرضت قرى جبل الزاوية في إدلب وبلدات طعوم وبنش وكفرتخاريم قرب مدينة إدلب لقصف براجمات الصواريخ والبراميل المتفجرة، وذلك بعد يوم على سقوط قتلى وجرحى جراء قصف جوي مكثف نفذته طائرات الجيش السوري النظامي على بلدة أبو الظهور في إدلب، حيث يحاصر عناصر الجيش الحر المطار العسكري فيها ويدكون مدرجه. وأدت غارات جوية استهدفت بلدة دير سنبل إلى مقتل شخصين وعشرات الجرح.

أما في درعا، فقد تعرضت بلدتا خربة غزالة والكتيبة ومنطقة اللجاة بريف درعا للقصف من قبل القوات النظامية، في حين اقتحمت قوات الأمن السورية مدينة الحراك وسط إطلاق نار كثيف وحملة تمشيط واعتقالات في الحي الغربي. وفي تسيل، نفذت قوات الأمن انتشارا كثيفا وشنت حملة مداهمات واعتقالات في مزارع عدة.