بان كي مون يطالب بإحالة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا إلى العدالة

بيلاي تدين طرفي الأزمة.. وآموس: المجتمع الدولي يفشل

TT

طالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإحالة المسؤولين عن ارتكاب جرائم الحرب في سوريا إلى القضاء، في الوقت الذي أعربت فيه المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي عن صدمتها من التقارير حول مذبحة داريا الشهر الماضي، وطالبت بتحقيق فوري في الحادث، مدينة طرفي الأزمة السورية معا في الانتهاكات.. بينما كتبت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري آموس لصحيفة «التايمز» البريطانية مقالا لخصت في عنوانه القائل: «سوريا في مأساة إنسانية.. ونحن نكتفي بالمشاهدة»، واقع الأزمة التي تحدث على الأرض.

وقال مون في كلمته التي ألقاها في افتتاح الدورة الحادية والعشرين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف الاثنين والتي تستمر لمدة ثلاثة أسابيع: «علينا أن نتأكد من أن أي شخص من كلا الطرفين الذي قام بارتكاب جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية، أو انتهاكات لحقوق الإنسان، أو للقانون الدولي الإنساني، أنه سيمثل أمام القضاء». ودعا أطراف النزاع إلى التحرك لإنهاء الأزمة والصراع الجاري بالطرق السلمية، والالتفاف حول الجهود التي يبذلها المبعوث الدولي الخاص الأخضر الإبراهيمي.

وانتقد مون انقسام مجلس الأمن الدولي حول سبل التعامل مع الأزمة السورية، وعدم أخذه بتوصيات مجلس حقوق الإنسان، مؤكدا أن هذا الانقسام أسهم في تعقيد جهود المجتمع الدولي لتسهيل عملية الانتقال الديمقراطي وتعزيز السلام الذي يسعى إليه الشعب السوري. وحث المجلس على مواصلة مراقبته للأوضاع في سوريا بما في ذلك محاسبة المسؤولين عن العنف وانتهاكات حقوق الإنسان.

وأشاد مون بدور مجلس حقوق الإنسان في تناول القضية السورية، وأبدى قلقه الشديد من القصف الجوي الذي تشنه القوات النظامية ضد المدنيين وتصاعد التوترات الطائفية وتراجع الوضع الإنساني واختيار طرفي الأزمة للحل العسكري بدلا من الحوار.

من جانبها، أدانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سوريا، وقالت في كلمتها أمام المجلس الذي يضم 47 عضوا إن «تصرفات الحكومة السورية قد تصل إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وأشعر بصدمة كبيرة من التقارير حول مذبحة داريا الشهر الماضي، وأطلب تحقيقا فوريا في الحادث، وأطالب الحكومة بتأمين وصول لجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشكل كامل دون عراقيل».

وأضافت بيلاي أن «استخدام الأسلحة الثقيلة من قبل القوات الحكومية وقصفها للمناطق المأهولة بالسكان يتسبب في سقوط عدد كبير من القتلى المدنيين ونزوح عدد كبير من السوريين داخل وخارج بلادهم والتسبب في وضع إنساني مأساوي».

كما ألقت بالمسؤولية على القوات المعارضة وقالت: «أنا قلقة بنفس القدر من الانتهاكات التي ترتكبها القوات المعارضة، ومنها القتل، والإعدام خارج ساحات القضاء، والتعذيب، إلى جانب استخدام العبوات الناسفة بدائية الصنع».

كانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان قد صوتت مرارا لصالح إدانة الحكومة السورية في تعاملها مع المعارضة، لكن صوتت روسيا والصين وكوبا ضد أي قرارات للمجلس تدين سوريا، كما طالب مجلس حقوق الإنسان عدة مرات بإحالة سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، حيث يتوجب على مجلس الأمن أن يصدر القرار بذلك، إلا أن معارضة الصين وروسيا لتحميل النظام السوري مسؤولية الأزمة، حالت دون ذلك.

ومن المقرر أن تقدم لجنة التحقيق الدولية - المكلفة بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا – تقريرها حول سوريا في السابع عشر من الشهر الجاري والتي تتضمن أسماء للمسؤولين عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في سوريا. وتلقي المسودة الأولي للجنة مسؤولية ارتكاب جرائم ضد الإنسانية على كل من المسؤولين من القوات الحكومية والمعارضة المسلحة في سوريا.

وفي سياق متصل، كتبت منسقة الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة فاليري آموس، في مقال لها بصحيفة «التايمز» البريطانية أمس مقالا تحاول فيه إيجاز الوضع على الأرض في سوريا، تحت عنوان: «سوريا في مأساة إنسانية.. ونحن نكتفي بالمشاهدة»، أشارت فيه إلى الصعوبات التي تواجه جهود الإغاثة للنازحين بالداخل والخارج من فرط العنف.

وقالت آموس إن «المجتمع الدولي، الذي فشل في وقف إراقة الدماء، يفشل الآن أيضا في التصدي لعواقبها.. ويترك الملايين من المواطنين السوريين العاديين لمواجهة محنتهم بمفردهم. ونظرا لتصاعد العنف واقتراب فصل الشتاء، لن يزداد الوضع إلا سوءا. في مواجهة هذه المأساة الإنسانية، يجب علينا أن نفعل المزيد».

وحاولت آموس وضع نقاط للحلول، فأشارت إلى ضرورة أن تستخدم «الجهات المعنية الرئيسية نفوذها للضغط على الأطراف المشاركة في القتال من أجل وقف العنف، واحترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية بأمان ومن دون تدخل». كما ينبغي عليهم أن «يوضحوا لجميع أطراف النزاع أن أحدا لن يفلت من العقاب على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات الجسيمة الأخرى لحقوق الإنسان».

ولمحت آموس إلى أن إنشاء مناطق عازلة دون ضمانات كافية لا يضمن حماية أرواح المدنيين. وطالبت المجتمع الدولي بزيادة دعمه لجهود الإغاثة حتى تتوافر القدرة على تلبية حاجات ملايين السوريين. وأيضا ضرورة زيادة الدعم المقدم إلى جيران سوريا.

واختتمت آموس بقولها: «وأخيرا، يجب على البلدان المجاورة والقوى الإقليمية وأعضاء مجلس الأمن بذل المزيد من الجهد لتعزيز السلام وحماية السكان المدنيين. إن الأمم المتحدة أسست، كما تشير الجملة الأولى من ميثاقها، كي تنقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب. ولكننا اليوم نخذل الشعب السوري، وبالنسبة إلى الآلاف منهم، فلقد فات الأوان بالفعل. لقد حان الوقت للوقوف إلى جانب الشعب السوري ووضع سلامة مواطنيه وحقوقهم الإنسانية وكرامتهم في المقام الأول».