«الدرون».. سلاح أوباما لمواجهة قيادات «القاعدة» في اليمن

العولقي والقصع أبرز المستهدفين.. ومدنيون من ضحاياها

TT

إذا كان استخدام الطائرات من دون طيار المسماة «درون» قد بدأ في موضوع الحرب على الإرهاب قبل مجيء الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى البيت الأبيض، فإن إدارة الرئيس أوباما توسعت في استعمال هذا النوع من السلاح في مطاردة واصطياد عناصر «القاعدة». وفي اليمن خاصة توسع تحليق «الدرون» في مناطق واسعة شمالا وجنوبا خلال فترة الأشهر التي أعقبت تفجر الانتفاضة المطالبة برحيل نظام الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح. وتم بواسطتها تصفية عدد من القيادات المطلوبة للولايات المتحدة، بالإضافة إلى تصفية عدد من العناصر الأقل رتبة في «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب». غير أن هذه الضربات الجوية لا تقتل عناصر تنظيم القاعدة في اليمن وحسب، بل تتعدى في أحيان كثيرة إلى قتل مدنيين يمنيين. ومن أشهر الأمثلة على ذلك ضحايا ما بات يعرف بمجزرة «المعجلة»، وهي منطقة في أبين استهدفتها «الدرون»، مما أدى إلى مقتل ما يزيد على الثلاثين من المدنيين بينهم عدد كبير من النساء والأطفال في سبتمبر (أيلول) عام 2009م، مما استدعى إدانات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان في اليمن والولايات المتحدة نفسها. وآخر الضربات التي أخطأت هدفها هي تلك التي تمت الأسبوع الماضي في محافظة البيضاء، حيث قتل 12 مدنيا مما ولد موجة غضب بين ذوي الضحايا وأدى إلى قطع الطريق العام في مدينة رداع، وهو الأمر الذي أدى إلى تدخل من طرف حكومة الوفاق لفتح الخط مقابل «تحكيم قبلي». وعلى الرغم من الأخطاء الفادحة التي تحدث في تنفيذ ضربات الطائرات الأميركية من دون طيار، لكنه لا يبدو أن الأميركيين بصدد التوقف عن توجيه هذه الضربات لما ألحقته من خسائر في صفوف «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» في الفترة الأخيرة على مستوى القيادات والأعضاء العاديين.

ونظرة سريعة على أهم الشخصيات التي تم استهدافها بالطائرات من دون طيار في اليمن، يأتي اغتيال الشيخ الأميركي من أصل يمني أنور العولقي في مقدمة الأهداف التي حققتها هذه الطلعات. وأنور العولقي الذي اغتيل بضربة جوية يعتقد أنها من تنفيذ «الدرون» في سبتمبر 2011 هو مواطن أميركي من أصل يمني ومن أبرز المطلوبين في قائمة واشنطن لأخطر الإرهابيين، حيث تتهمه واشنطن بالدعاية لتجنيد عدد من العناصر لـ«القاعدة» في أوروبا والولايات المتحدة، كما تتهمه بأنه الأب الروحي لنضال حسن الأميركي من أصل فلسطيني الذي قتل 13 من الجنود الأميركيين في قاعدة أميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2009. كما تمكن الأميركيون من قتل القيادي الآخر في تنظيم القاعدة فهد القصع في مايو (أيار) 2012، والقصع المكنى بـ«أبو حذيفة اليمني» هو المسؤول في «القاعدة» والملاحق لتورطه في تفجير المدمرة الأميركية «يو إس إس كول» عام 2000. وقد استهدفه هجوم «الدرون» في محافظة شبوة الجنوبية، وهو ينتمي إلى القبيلة ذاتها التي ينتمي إليها أنور العولقي. كما تم تصفية سمير خان رئيس تحرير «مجلة القاعدة» في سبتمبر 2011. وسمير خان هو رجل الدعاية في «القاعدة» وهو المروج لمبادئها باللغة الإنجليزية نظرا لتمكنه منها، وذلك من خلال مجلة عرفت باسم «الإلهام»، وقد قتل مع العولقي.

ويستمر الجدل في الولايات المتحدة حول طبيعة مهمة «الدرون» بين معارض، ومؤيد لاستمرارها في العمل على أساس أنها تقوم بالمهمة بدقة عالية على الرغم من الاعتراف بأنه لا يوجد سلاح دقيق 100 في المائة، وعلى أساس أنها تقوم بنوع من العمليات «الجراحية النظيفة» التي توفر الجهد والوقت والخسائر البشرية من الطرفين، ومن المؤيدين لاستعمال «الدرون» سكوت شين Shane الذي كتب في صحيفة «نيويورك تايمز» يدافع عن استخدام «الدرون» على أساس أنها توفر بديلا للحروب التي تدمر فيها مدن بأكملها لإنجاز المهمة نتيجة القصف العشوائي، حيث تقوم «الدرون» بعملياتها بدقة، لأنها حسب الكاتب صممت لذلك الغرض. وعلى الرغم من ذلك التأييد لكن مناهضي استعمال «الدرون» يرون أنها ترتكب كثيرا من الأخطاء، وأن المقاتلين المطلوبين يمكن أن يندسوا بين المدنيين مما يحدث مزيدا من الضحايا بين المدنيين، وبالتالي يلقي بثقله على الصورة الأميركية التي تكافح إدارة أوباما من أجل تحسينها.