الإضراب يشل الحياة في الضفة الغربية احتجاجا على «الغلاء»

فياض يرفض الاستقالة وفتح تنفي العمل على الإطاحة به

TT

دخلت الاحتجاجات السلمية الفلسطينية، على غلاء الأسعار وتردي الأوضاع الاقتصادية، أمس، منعطفا جديدا، بعدما شل إضراب نقابات النقل العام، الحياة العامة في الضفة الغربية، فأغلقت الوزارات والجامعات والمدارس أبوابها، قبل أن تغلق المحال التجارية هي الأخرى، بعدما تعذر وصول العمال والمتسوقين إلى مراكز المدن.

وتوقفت الحياة أمس، مع توقف جميع وسائل النقل العام وامتناعها عن نقل الركاب، وبعد أن أغلقت مئات الشاحنات والسيارات العمومية منذ ساعات الصباح الباكر، مداخل المدن والمفارق الرئيسية بداخلها في وجه السيارات الخاصة كذلك.

وقال رئيس النقابة العامة لعمال النقل والمواصلات في فلسطين، ناصر يونس، إن «السائقين رفضوا أن يدخلوا إلى مسلخ رفع الأسعار، على حساب المواطن الذي ذبحته سياسات رفع الأسعار المتعاقبة». وطالب يونس بـ«أن يكون الحل عن طريق السلطة، التي يجب أن تعمل على دعم السلع الأساسية، وعلى رأسها المحروقات».

ووسط الإضراب الكبير، واصل مئات من الشبان الاعتصام أمس في ساحات المدن الرئيسية، مطالبين بتحسين الأوضاع الاقتصادية وإقالة الحكومة، وواصلوا الهتاف «ارحل ارحل يا فياض».

وأغلق محتجون الشوارع الرئيسية، وقالوا إنهم سيواصلون الاحتجاج، سلميا، ضد الغلاء وسياسيات الحكومة. غير أن آخرين حاولوا التخريب، والاعتداء على ممتلكات حكومية، وهو ما قوبل برفض رسمي وشعبي كبير.

وقال الناشط الشبابي طارق زبون، «سنواصل الاحتجاجات سلميا حتى تتحقق مطالبنا، والتخريب مرفوض وسنواجهه». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، «العجز الذي تبديه السلطة أصبح غير مقبول». وأردف: «لدينا مطالب واضحة، وهي ليست سياسية أبدا، ونريد تحقيقها».

وأقر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بأن الآفاق ضيقة، وقال إن ثمة حصارا سياسيا وماليا مفروضا على السلطة. ولمح إلى أنه قد يأخذ قرارات لا تخطر ببال أحد.

وعقب الناشط الشبابي علي قراقع قائلا: «هذه الردود ليست عملية». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، «نريد إقالة رئيس الحكومة وتعديل الاتفاقات وتخفيض الأسعار».

وكانت الاحتجاجات الفلسطينية بدأت منذ الجمعة الماضية، عندما رفعت الحكومة الفلسطينية بالضفة الغربية أسعار المحروقات بين 3 إلى 12 في المائة. وبحسب التسعيرة الجديدة، ارتفع الغاز المنزلي بنسبة 12 في المائة، بينما ارتفع البنزين بنسبة 6.12 في المائة والسولار بنسبة 2.9 في المائة..

وهذه ليست أول مرة ترتفع فيها أسعار المحروقات هذا العام، وسبق أن رفعت أسعار السجائر مرتين، ويصل سعر علبة السجائر اليوم، ما بين 4 دولارات و6 دولارات. ورافق ذلك ارتفاع في أسعار الألبان والدجاج واللحوم والبيض والحليب والطحين ومواد أخرى.

وزاد من غضب الفلسطينيين، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس وزرائه سلام فياض، لم يقدما أي حلول جادة للأزمة، واكتفوا بالقول إن ثمة لجانا ستدرس ما هو الممكن.

وزاد الطين بلة إعلان وزير المالية، نبيل قسيس، صرف نصف راتب فقط هذا الشهر، عن الشهر الماضي. وقال بيان صادر عن مكتب الوزير، إن الحد الأدنى الذي سيصرف لموظفي القطاع العام 50 في المائة من الراتب بما لا يقل عن 2000 شيقل (500 دولار تقريبا). وأضاف أن الحكومة ستستمر في العمل على توفير الجزء المتبقي من الراتب خلال الفترة اللاحقة.

ويرهق هذا التوجه الموظفين الذين يعيشون على راتبهم ولديهم التزامات مالية مصرفية.

وأصدرت سلطة النقد الفلسطينية تعليماتها إلى كافة المصارف العاملة في فلسطين، بالتسهيل على موظفي القطاع العام المقترضين من المصارف، في ظل تأخر صرف رواتب الموظفين، ونظرا لقرار تحويل جزء من الرواتب التي تزيد على 2000 شيقل. وطالبت سلطة النقد المصارف بعدم خصم أكثر عن 50 في المائة من قيمة القسط المستحق على الموظفين المقترضين من البنوك، الذين سيتم تحويل جزء من رواتبهم، شريطة ألا يزيد المبلغ المخصوم عن قيمة القسط المستحق على الموظف المقترض، أو المقترضين بكفالته في جميع الأحوال.

ورغم ذلك، هاجم رئيس نقابة الموظفين العموميين بسام زكارنة، رئيس الحكومة سلام فياض، قائلا إنه فشل في إدارة الوزارة، وكان هذا رأي عدد من قيادات ومسؤولي حركة فتح. ويقول مقربون من فياض، إن فتح تغذي تحركات الشارع ضده، غير أن عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لفتح، نفى أن تكون الحركة تنوي الإطاحة بفياض. وقررت نقابة العاملين في الوظيفة العمومية، الاعتصام اليوم أمام مبنى رئاسة الوزراء في رام الله احتجاجا على ارتفاع الأسعار وتأخر صرف رواتبهم.

ومن شأن انضمام الموظفين والمعلمين إلى الإضرابات والاحتجاجات، إعطاؤها زخما أكبر بما يمس قدرة السلطة على الاستمرار في العمل.

ورفض فياض دعوات رحيله، قائلا إنه مستعد لذلك إذا ما أصبح فعلا عنوان الأزمة، وتلقى الرجل دعما من عباس الذي قال إنه المسؤول الأول عن سياسات الحكومة.