طهران تعتم على أسعار العملة

استمرار تراجع الريال الإيراني.. ونائب بارز يتهم الحكومة بارتكاب «خطأ تاريخي»

TT

استمر أمس انخفاض الريال الإيراني أمام الدولار حيث بلغت نسبته نحو 8 في المائة في سوق التداول الحرة في تطور سعت السلطات الإيرانية إلى التعتيم عليه عبر منع تداول أسعار العملات على الإنترنت أو عبر الرسائل النصية القصيرة.

ووسط مساعي البنك المركزي الإيراني لوقف تدهور العملة، اتهم برلماني إيراني بارز الحكومة بارتكاب «خطأ تاريخي» عبر وقف ضخ العملة الصعبة في السوق خلال الأسبوعين الماضيين.

وقبل ظهر أمس بلغ سعر الدولار 26 ألفا و400 ريال في سوق الصرف الحرة مقابل 24 ألفا لدى إغلاق السوق أول من أمس، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن صراف أن الحركة في السوق كانت خجولة جدا والعديد من محال الصرافة لم تفتح أبوابها.

من جهتها، قالت وكالة «مهر» للأنباء، إن سعر العملة الخضراء يتقلب «حول 26 ألف ريال».

وتخضع إيران لعقوبات قاسية فرضت جزءا منها الأمم المتحدة والجزء الآخر فرضته الدول الغربية، ويستهدف قسم كبير من العقوبات الغربية منذ 2010 على وجه الخصوص القطاع المصرفي الإيراني، إذ تحظر هذه الدول أي تعامل مع المصارف الإيرانية لاشتباهها بأن طهران تسعى إلى حيازة السلاح النووي تحت غطاء برنامجها النووي المدني، وهو ما تنفيه الجمهورية الإسلامية.

والأحد أيضا تراجع سعر الريال الإيراني مقابل الدولار الأميركي وبلغت نسبة التراجع 5 في المائة.

في غضون ذلك، سعت السلطات الإيرانية إلى التعتيم على أسعار العملة الوطنية، ولم يكن ممكنا أمس متابعة تطورات أسعار العملة الوطنية على المواقع الإلكترونية المتخصصة بأسعار الصرف، ففي غالبية هذه المواقع تمت إزالة السطر الخاص بأسعار الريال الإيراني مقابل باقي العملات في السوق الحرة، في حين تم حجب كل رسالة نصية قصيرة تتضمن بالإنجليزية أو الفارسية لفظة «دولار» أو «عملة أجنبية».

في المقابل، فإن الرسائل التي تضمنت المصطلح «يو إس دي» (الاسم المختصر للدولار الأميركي) كان ممكنا إرسالها واستقبالها.

وسبق للسلطات الإيرانية أن اعتمدت وسائل مماثلة للتعتيم على أخبار أسعار صرف الدولار ولا سيما في مطلع يناير (كانون الثاني) حين سجلت العملة الوطنية انهيارا هائلا أمام العملات الأجنبية.

ويومها ارتفع سعر الدولار إلى 18 ألف ريال بعدما كان متوسط سعره يتراوح بين 13 ألفا و14 ألفا. ومن وقتها لم توقف العملة الإيرانية منحاها الانحداري أمام الدولار وبقية العملات الصعبة، وذلك بشكل خاص بسبب ندرة هذه العملات في السوق والتضخم الكبير الناجم عن العقوبات الغربية على القطاعين النفطي والمصرفي الإيرانيين.

واتهم غلام رضا مصباحي مقدم رئيس لجنة التخطيط والموازنة بالبرلمان أمس البنك المركزي الإيراني بارتكاب «خطأ تاريخي» بعدم توفير الدولارات الرخيصة لاستيراد السلع الأساسية على مدى ثلاثة أسابيع مما اضطر التجار الإيرانيين إلى اللجوء للسوق الخاصة لشراء الدولار وهو ما دفع سعر الريال للانخفاض.

ونقلت عنه وكالة «فارس» للأنباء قوله «للأسف ارتكبت الحكومة أكبر خطأ في التاريخ بعدم ضخ الدولارات لتلبية الطلب في سوق الصرف»، وأضاف «على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية توقف البنك المركزي عن توفير الدولارات»، وتابع «أدى توقف إمدادات الدولار لارتفاع كبير في سعره بالسوق».

ولم يذكر النائب بالبرلمان كيف علم بالتغيير المفترض في سياسة البنك المركزي.

وفي حديث لوكالة «مهر» الإيرانية للأنباء الأسبوع الماضي قال مستورد إيراني إن الحكومة لم تقدم الدولار المدعوم لاستيراد السلع الأساسية منذ أكثر من أسبوعين مما ترك البضائع عالقة في الجمارك. وتستخدم العملة الصعبة الرخيصة لشراء سلع مثل اللحوم والحبوب والزيوت والسكر.

وأقر البنك المركزي الإيراني أول من أمس بعجزه عن إلجام تدهور العملة، عازيا السبب إلى أن إيران «في حالة حرب اقتصادية مع العالم». وكثف المسؤولون الإيرانيون في الأسابيع الأخيرة إلقاء المسؤولية على «حرب اقتصادية» يشنها الغربيون ردا على رفض طهران إبطاء برنامجها النووي المثير للجدل كما تطالب الأسرة الدولية. وأدت العقوبات المصرفية القاسية التي فرضت على إيران منذ 2010 إلى تباطؤ النشاط الصناعي وتقليص الاستثمارات الأجنبية وأدت إلى ارتفاع التضخم الذي بلغ 27 في المائة في أغسطس (آب) وفاقمت البطالة وأدت إلى تراجع احتياطي العملات الأجنبية.

وازدادت حدة الأزمة مع حظر نفطي أدى منذ بداية 2012 إلى تراجع الصادرات من الخام بنسبة 50 في المائة. وتحصل طهران على أغلب مواردها من العملة الأجنبية من صادرات النفط.

كما أن التلميحات المتكررة في الأشهر الأخيرة إلى احتمال شن هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية أججت هي الأخرى توتر الأسواق.