الهاشمي لـ «الشرق الأوسط»: فوجئت بتوقيت قرار إعدامي وليس بمضمونه.. وما زلت نائبا للرئيس

طالباني: الحكم مدعاة للأسف ويعقد جهود المصالحة.. والناطق باسم الحكومة: فليسلم نفسه ويثبت براءته

الهاشمي يبتسم وهو يتحدث للصحافيين في أنقرة أمس (رويترز)
TT

وصف طارق الهاشمي نائب رئيس جمهورية العراق قرار الحكم عليه بالإعدام غيابيا الذي صدر عن المحكمة الجنائية العليا في بغداد أول من أمس بـ«المفاجئ»، وقال: «نعم مفاجئ في توقيته وليس في مضمونه، فأنا ومنذ البداية كنت أتوقع صدور مثل هذا القرار».

وكشف الهاشمي في أول حديث لصحيفة عربية بعد صدور حكم الإعدام عليه، قائلا لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من أنقرة أمس: «أقول مفاجئ في توقيته كوني تلقيت معلومات موثقة ومن جهات سياسية عراقية رفيعة المستوى تفيد بأن نوري المالكي، رئيس مجلس وزراء العراق، قد قرر تهدئة الموضوع وأن يتم تأجيل إصدار أي قرار، وذلك ضمن ما يطلق عليه عملية إجرائه للإصلاحات السياسية والتصالح مع بقية الكتل السياسية»، مشيرا إلى أن «هذه الرسائل تلقيتها من شخصية كانت قد التقت بالمالكي نفسه مؤخرا».

وأضاف الهاشمي أن «المالكي يتجه نحو المزيد من تصعيد الأوضاع وتعقيدها، وهذا ما دفعه للاستعجال بالضغط على المحكمة لإصدار قرار إعدامي لتفجير الأوضاع الطائفية ضمن أجندة تهدف إلى إغلاق الأبواب أمام جميع فرص الإصلاح السياسي التي لا يستطيع ولن يستطيع تنفيذها، ووضع الجميع في طريق مغلق»، منبها إلى أن «صدور مثل هذا القرار الخطير بحق نائب رئيس جمهورية العراق وشخصية سياسية في هذا الوقت بالذات، يهدف إلى تشتيت الرأي العام وحرفه باتجاه بعيد عن مراقبة العراقيين واستيائهم من فشله (المالكي) السياسي وتراجعه عن تنفيذ كل وعوده سواء السياسية أو ما يتعلق بملفات الخدمات والاقتصاد والتراجع الأمني الخطير الذي يستهدف كل يوم أرواح العراقيين الأبرياء». وأشار إلى أن «توجيه دفة الأمور نحو الصراع الطائفي والتلويح بأن الهاشمي وحماياته هم من السنة الذين يقتلون الشيعة، أمر في غاية الخطورة ومغاير لكل الحقائق ولغرض التغطية على فشل المالكي الذي لا تسجل له أية إنجازات يعلنها في الانتخابات المقبلة سوى الأجندة الطائفية، فهو لم يقدم أي شيء للشعب العراقي ولا لعلاقات العراق بعالميه العربي والإسلامي».

وحول الاتهامات التي وجهها مسؤول أمني عراقي أمس للهاشمي بأن مجاميع تابعة له كانت وراء تفجيرات بغداد ومناطق أخرى من العراق أول من أمس، وأنها جاءت رد فعل على قرار الإعدام، قال نائب الرئيس العراقي: «من المعروف أن مثل هذه الهجمات الإرهابية تحتاج إلى تخطيط دقيق وتهيئة مسبقة وتنسيق مع نقاط التفتيش التي تأتمر بأمر المالكي لأنه القائد العام للقوات المسلحة، وأن صدور حكم الإعدام كان مفاجئا مثلما نوهت، فكيف لي وأنا في إسطنبول أن أهيئ لكل هذه التفجيرات وأخطط لها وأحركها من هنا؟ وما هي المجاميع التي يتحدثون عنها.. لقد اتهموا حماياتي وموظفي مكتبي وأغلبهم رهن الاعتقال، ومن تبقى منهم تهجر أو اختفى، ومثل هذه التفجيرات لا تتم بين ليلة وضحاها»، متهما «بعض الأجهزة الأمنية التابعة لمكتب القائد العام للقوات المسلحة بالوقوف وراء هذه التفجيرات لأنها كانت مهيأة مسبقا وجاءت لتتزامن مع قرار الحكم بالإعدام الذي كان المالكي يعرف بتوقيته بالضبط ومن ثم ليتم اتهامي وليقولوا إن مجاميع تابعة للهاشمي تقف وراء هذه التفجيرات».

وحول مداخلات قرار الحكم، كشف الهاشمي عن أن «رئيس المحكمة الذي كان ينظر في القضية انسحب من المحاكمة لأنه لم يقتنع بإصدار مثل هذا القرار وغيابيا.. لكن هذه المحكمة والقضاء صار بيد المالكي الذي يريد للعراق أن يتحول إلى دولة فوضى. ولهذا أدعو السيد رئيس الجمهورية باعتباره الحامي للدستور ومجلس النواب بصفتهم ممثلين عن الشعب إلى الوقوف ضد مثل هذه الإجراءات، فاليوم استسهل رئيس الوزراء التجاوز على الهاشمي والدستور، فغدا سيتجاوز على رموز أكبر وعلى أمور أكثر خطورة».

وأكد الهاشمي أنه لا يزال في منصبه نائبا لرئيس الجمهورية، وقال: «أنا حصلت على مئات الآلاف من أصوات العراقيين في الانتخابات، مما رشحني في البرلمان لمنصب نائب رئيس الجمهورية، ولم يتم تعييني من قبل شخص، والبرلمان وحده هو الذي يستطيع عزلي عن منصبي». وأشاد الهاشمي بموقف «الأخ مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق وقادة ائتلاف العراقية وجميع العراقيين الشرفاء الذين وقفوا ويقفون إلى جانبي».

إلى ذلك، أعرب الرئيس العراقي جلال طالباني عن أسفه للحكم، وأضاف في بيان نشر على موقع رئاسة الجمهورية: «أداء لواجبي في صون القانون الأساسي للدولة، فقد حرصت دوما على استقلال القضاء واحترام قراراته»، مستدركا: «كان مدعاة للأسف أن يصدر في هذا الوقت بالذات قرار قضائي بحقه وهو ما زال رسميا يشغل منصبه، الأمر الذي يمكن أن يصبح عاملا لا يساعد؛ بل ربما يعقد، الجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة».

من جهتها، دعت الحكومة العراقية الهاشمي إلى المثول أمام القضاء «إذا أراد إثبات براءته». وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة علي الدباغ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكم الصادر بحق الهاشمي لا يزال بحاجة إلى أن يأخذ صيغته النهائية من خلال التمييز والإجراءات القضائية التي تأخذ بالتأكيد وقتا قبل أن يكتسب الدرجة القطعية». وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت الحكومة العراقية ستطالب الحكومة التركية بتسليم الهاشمي إليها، قال الدباغ إن «الحكومة جهة تنفيذية وإنها تلتزم بما يطلبه منها القضاء بما في ذلك طلب تسليمه» مستدركا: «إنه لا تزال هناك فرصة للمتهم طارق الهاشمي في أن يدافع عن نفسه بطريقة قانونية، خصوصا أن المحكمة أصدرت حكمها بناء على توفر الأدلة التي أمامها». وردا على سؤال حول إعلان الهاشمي في مؤتمر صحافي بأنقرة في وقت سابق من أمس استعداده للمثول أمام القضاء العادل وغير المسيس، قال الدباغ إن «القضاء العادل لا يعرفه المتهم، وإنما تعرفه مجموعة الإجراءات وطبيعة الإجراءات التي اتخذت أثناء التحقيق»، معتبرا أن «المكان ليس ضروريا، خصوصا أن اللجنة التي تم تشكيلها من 9 قضاة 4 منهم من كركوك التي طالب الهاشمي نقل القضية إليها».