تقرير بريطاني: حركة طالبان «منفتحة» على التفاوض مع الغرب.. ولكن ليس مع كرزاي

الولايات المتحدة تسلم الأفغان سجن باغرام.. ما عدا مبنى لـ«الإرهابيين»

جندي أفغاني يرتدي زي السجن يجلس مع رفاقه خلال حفل تسليم سجن باغرام إلى السلطات الأفغانية في كابل أمس (رويترز)
TT

في وقت تبحث فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن سبل لتأمين أفغانستان والاستعداد لنقل السلطة الأمنية إلى حكومتها بحلول نهاية عام 2014، تستمر جهود دوائر متعددة من أجل التوصل إلى حل سياسي مع حركة طالبان التي ما زالت قوية في البلاد. وأفاد تقرير بريطاني أمس مبني على لقاءات مع قيادات من طالبان بأن الحركة مستعدة للتفاوض مع الدول الغربية ولكن بناء على شروطها.

وأكد معهد «روسي» (معهد الخدمات الملكية المتعددة) البريطاني في تقريره أمس، أن حركة طالبان منفتحة على وقف عام لإطلاق النار وعلى اتفاق سياسي يسمح بوجود عسكري أميركي محدود في أفغانستان حتى 2024. ولكن هؤلاء المتمردين الأفغان الذين يقودهم الملا محمد عمر لا يريدون التفاوض مع الرئيس الأفغاني حميد كرزاي أو إدارته التي يعتبرونها فاسدة وضعيفة، حسب التقرير.

وتضم الدراسة التي تحمل عنوان «طالبان.. آفاق المصالحة» مقابلات مع أربعة أعضاء مهمين في الحركة يتحدثون عن إمكانيات مصلحة. ويقول التقرير إن مجلس شورى كويتا الذي يضم قادة طالبان بقيادة الملا عمر، لن يقبل بتفسير الدستور الأفغاني بشكله الحالي؛ لأن ذلك سيعادل استسلاما.

لكنهم يؤيدون إمكانية بقاء قوة عسكرية أميركية لإحلال الاستقرار تعمل في أفغانستان حتى 2024 في القواعد العسكرية الخمس في قندهار وهرات وجلال آباد ومزار الشريف وكابل. ويذكر أن هذا الموعد يأتي بعد عقد من موعد الانسحاب الرسمي المرتقب لقوات «الناتو».

وينقل التقرير أيضا عن القياديين الذين تمت محاورتهم أن أي اتفاق مع طالبان يجب أن يقبل به سلفا الملا عمر، الذي أكد أنه منفتح على وقف لإطلاق النار في إطار اتفاق شامل. ولفت التقرير إلى أن أي مسؤول في طالبان لم يؤكد علنا حتى الآن تأييده لفكرة وقف إطلاق النار، ولكنه اعتمد على مقابلات مع أربعة شخصيات من طالبان لم يتم ذكر اسمهم، ومنهم اثنان كانا وزيرين في حكومة طالبان السابقة وما زالا قريبين من الدائرة المقربة من القيادة.

وقال أحد من تمت مقابلتهم ويوصف بأنه عضو مؤسس لطالبان، إن الجماعة ربما تقبل استمرار العمليات الأميركية المضادة للإرهاب والتي تستهدف «القاعدة» ما دامت قواعدهم لا تستخدم كنقاط انطلاق لشن هجمات على دول أخرى أو للتدخل في السياسة الأفغانية.

وقال التقرير إنه من وجهة نظر طالبان فإن أي وقف لإطلاق النار سيحتاج لتبرير إسلامي قوي ولا يمكن أن يلمح لأي شكل من الاستسلام.

ومع وصول العنف في أفغانستان إلى أسوأ مستوياته منذ أن أطاحت قوات تدعمها الولايات المتحدة بحركة طالبان في 2001، يحرص الغرب على السعي لإجراء مثل هذه المفاوضات في ضوء خطط انسحاب معظم القوة الأجنبية التي يقودها حلف شمال الأطلسي وتضم 100 ألف فرد بحلول نهاية 2014.

وضمن عملية تسليم السلطة الأمنية، سلمت الولايات المتحدة أمس السيطرة على سجن باغرام الضخم ونزلائه الذين يشتبه بأنهم عناصر في طالبان، وعددهم ثلاثة آلاف، إلى السلطات الأفغانية، وسط مخاوف من أن تجعل هذه الخطوة السجناء عرضة لمزيد من انتهاكات حقوق الإنسان.

وتابع مئات الجنود الأفغان علم بلادهم وهو يرفع أمام السجن في المطار الذي تديره الولايات المتحدة شمال كابل، بينما قال القائم بأعمال وزير الدفاع الأفغاني عناية الله نزاري لحشد كبير يضم مسؤولين عسكريين أميركيين: «اليوم يوم تاريخي ومجيد للأفغان سيتمكنون فيه من أن يتولوا بأنفسهم المسؤولية عن السجن».

وفي تحرك أغضب الحكومة الأفغانية، تعتزم الولايات المتحدة الاحتفاظ بالسيطرة على مبنى واحد على الأقل في السجن لاحتجاز من يشتبه في أنهم من مقاتلي طالبان أو الإرهابيين الذين يعتقلون في المداهمات المستقبلية قبل تسليمهم.

وتسعى أفغانستان منذ فترة طويلة للسيطرة على السجن المترامي الأطراف الذي يشبه معتقل غوانتانامو في كوبا وأبو غريب في العراق؛ لارتباطه بالتعذيب وفترات الاعتقال الطويلة. وعادة ما يحتجز السجناء لسنوات دون محاكمة، ويقول نشطاء إنهم سيكونون عرضة لمزيد من انتهاكات حقوق الإنسان عندما يكتمل التسليم.

وستواصل السلطات الأفغانية سياسة الاعتقال الأميركية دون محاكمة في باغرام، ويخشى كثيرون من أن تمتد هذه الممارسة إلى بقية أنحاء البلاد.. الأمر الذي يؤذن بفصل جديد من انتهاكات حقوق الإنسان من جانب القبائل والعائلات القوية.

ورفض ايمال فيظي الناطق باسم الرئيس الأفغاني حميد كرزاي التعليق على إمكانية حدوث اعتقالات دون محاكمة بأي شكل من الأشكال، مكتفيا بالقول لوكالة «رويترز»: «نحن ضد ألا يعامل المعتقلون وفقا للقانون الأفغاني».

وعلى الصعيد الأمني، قتل 21 شخصا على الأقل في هجوم انتحاري استهدف متظاهرين في مدينة قندوز شمال أفغانستان أمس، كما أفاد طبيب في مستشفى المدينة وسط مخاوف من احتمال ارتفاع حصيلة الضحايا.

وقال الطبيب في المستشفى المركزي في قندوز شير خان إن 21 جثة أحضرت إلى المستشفى بينها جثة امرأة، مضيفا أن بين القتلى شرطيين ومدنيين.

وقال الشرطي غول آغا الذي كان يواكب المظاهرة لوكالة الصحافة الفرنسية إن 18 شخصا قتلوا، هم ستة مدنيين و12 من شرطة تطبيق القانون.

وذكرت تقارير محلية أن المظاهرة كانت لتأييد أمير حرب متهم بقتل مدنيين.

ويأتي هجوم أمس بعد يومين على قيام انتحاري قالت الشرطة إنه مراهق، بتفجير نفسه أمام مقر حلف شمال الأطلسي في كابل، فقتل ستة فتيان تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاما.