طلبة سوريون يفتتحون العام الدراسي على أراض جديدة

مصر تقرر معاملتهم كأبنائها * الأردن يستوعبهم بخطة مسبقة * ولبنان يمنحهم «المجانية»

عائلة سورية لاجئة في مخيم الزعتري بالأردن (إ.ب.أ)
TT

لا تقتصر آلام اللاجئين السوريين على هجرة وطنهم، أو البحث في أماكن وجودهم الجديدة عن متطلبات المعيشة الرئيسية من مسكن وغذاء وعلاج.. إنما تمتد لتشمل نواحي أخرى مثل تعليم الأبناء وبخاصة مع بدء العام الدراسي الجديد.

وأعنت عدة جهات دولية أن حجم النازحين السوريين بلغ أكثر من 200 ألف شخص في دول الجوار الأربع، تركيا والأردن ولبنان والعراق.. لكن تقارير أخرى - غير رسمية - تشير إلى أن ذلك العدد يكاد يكون نصف العدد الحقيقي للنازحين، إن لم يكن أقل. إذ إن كثيرا من اللاجئين دخلوا إلى دول الجوار بصورة غير رسمية، كما أن هناك عددا كبيرا من هؤلاء توجهوا إلى دول أكثر بعدا عن حدودهم الإقليمية المباشرة، سواء عربية أو غربية.

وسعت عدد من الدول لمحاولة حل أزمة أبناء هؤلاء اللاجئين التعليمية، وفي مصر أعلن الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي في كلمته الأسبوع الماضي أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب بمقر جامعة الدول العربية أنه أصدر قرارا بمعاملة الطلاب السوريين في مصر هذا العام بنفس معاملة الطلاب المصريين.

وقال الدكتور ياسر علي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية إنه سيتم أيضا التواصل مع الجانب التركي لمده بما يحتاج إليه من المعلمين المصريين للتدريس للسوريين النازحين في الأراضي التركية.

من جانبه، قال مصدر مطلع بوزارة التربية والتعليم المصرية إن الوزارة ستستقبل خلال الأيام المقبلة طلبات اللاجئين السوريين الراغبين في إلحاق أبنائهم بالمدارس المصرية، على أن يبدأ الالتحاق خلال العام الدراسي الذي سيبدأ يوم 15 سبتمبر (أيلول) الجاري.

وأشار المصدر إلى أن مصر سبق أن سمحت باستقبال أطفال اللاجئين الكويتيين في المدارس المصرية، إبان الغزو العراقي للكويت في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، وقال «هذا هو دور مصر الشقيقة الكبرى لكل العرب».

وكان ممثلون عن اتحاد الثورة المصرية، وممثلون عن اللاجئين السوريين بالقاهرة قد التقوا الأسبوع قبل الماضي بمسؤولين في وزارة التربية والتعليم المصرية للبحث عن حل لأزمة التحاق أبناء اللاجئين بالمدارس المصرية، بسبب ما تتطلبه من أوراق تثبت الصفوف الدراسية الموجودين بها، وأوراق إقامة من السفارة السورية، وهو أمر صعب تحقيقه بسبب تبعية السفارة السورية بالقاهرة لنظام بشار الأسد.

من جهته، يؤكّد وزير التربية اللبنانية حسان دياب أنّ الوزارة تتعامل مع التلاميذ السوريين في لبنان كما تتعامل مع مواطنيها في كل المراحل وكل الصفوف، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «ما قمنا به السنة الماضية لن يتغيّر لناحية تعليمهم مجانا في المدارس الرسمية، لكننا ننتظر حتى آخر الشهر الحالي إلى أن يتم الانتهاء من التسجيل ومعرفة عدد هؤلاء، لا سيما أننا نتوقّع زيادة ملحوظة عن السنة الماضية حين استقبلنا 700 تلميذ، وعلى ضوء هذه النتيجة سيتم توزيعهم على المدارس اللبنانية». وفي حين لفت دياب إلى أنّ هناك مشكلات أكاديمية يواجهها التلاميذ السوريون في لبنان، خاصة لجهة اللغة الأجنبية وتغيّر المنهج، أكّد العمل على معالجتها جارٍ بقدر الإمكان.

وعن المدارس التي يقيم بها النازحون السوريون في لبنان، لا سيما مع بدء العام الدراسي، أشار دياب إلى أنّه كان هناك مدرستان فقط في البقاع الغربي لجأت إليهما عائلات سورية، لكن تمّ إخلاؤهما وقمنا بإعطاء وزير الشؤون الاجتماعية اللبنانية وائل أبو فاعور لائحة بنحو 60 مدرسة مقفلة في مختلف المحافظات اللبنانية، واضعين إياها بتصرّف الوزارة، على أن يتم تحديد بعضها لتجهيزها كي تستقبل العائلات التي تحتاج إلى مأوى.

وكان دياب قد أعلن أنه في لبنان 25 ألف سوري و51 في المائة منهم تحت سن 18 عاما، أي إنهم بحاجة إلى متابعة دراستهم في المدارس، لافتا إلى وجود بعض المشكلات التي تواجه الوزارة في هذا الإطار وتحاول أن تعالجها قدر الإمكان.

ومن جانبه، قال وزير التربية والتعليم الأردني فايز السعودي إن عدد الطلبة السوريين في بلاده يبلغ نحو 17 ألف طالب، ويشترط لقبولهم في المدارس الحكومية حمل وثيقة «نازح». وكشف السعودي عن وجود خطة واضحة لاستيعاب هؤلاء الطلبة دون أي تأثير على قبول الطلبة الأردنيين، موضحا أن الوزارة لديها الكثير من الخيارات لتحقيق ذلك سواء بتوفير التعليم المسائي أو المدارس المتنقلة في مخيمات اللاجئين السوريين أو حتى المدارس الخاصة.

وقدرت الحكومة الأردنية، التي تقول المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إنها تستضيف ثاني أكبر عدد من اللاجئين السوريين بعد تركيا، تكلفة تعليم الطلبة من الأسر السورية والفلسطينية اللاجئة نتيجة الأحداث الدائرة في سوريا بنحو 100 مليون دولار سنويا. وكان صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) خصص 4.2 مليون دولار لدعم الأطفال السوريين اللاجئين إلى الأردن.

وقالت ممثلة اليونيسيف في الأردن، دومينيك هايد، إن 1.6 مليون دولار تغطي نفقات 7000 طفل سوري في المدارس الحكومية، بما فيها الرسوم المدرسية والكتب المقررة والمدارس المستأجرة ودروس تعويضية وتقوية لتكيفهم مع المنهاج الأردني. وأوضحت أن باقي المبلغ يتوزع على تقديم السند والدعم النفسي والاجتماعي للأطفال السوريين، إلى جانب تقديم الإرشادات للأمهات في سن الإنجاب، وتوفير خدمات المياه والصرف الصحي والرعاية الصحية للأطفال، فضلا عن مستلزمات العناية الشخصية لمن هم دون سن الثانية.

وأضافت أن «اليونيسيف» تقدر عدد الأطفال السوريين في الأردن بنحو 10 آلاف طفل، في إشارة إلى المسجلين لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالأردن، موضحة أن عدد الأطفال السوريين المفترض التحاقهم بالمدارس في مخيم الزعتري يبلغ 5500 طفل، تتراوح أعمارهم بين 6 و18 عاما.

وحول ما إذا كانت «اليونيسيف» ستجدد الاتفاقية التي وقعتها مع الحكومة الأردنية، يوم الثلاثاء الماضي بعمان، بعد انتهاء الفصل الدراسي الثاني، قالت هايد إن «ذلك سيعتمد على الوضع على أرض الواقع، من حيث عدد التلاميذ السوريين في المدارس، وتكلفتهم على الحكومة الأردنية»، مقدرة في الوقت ذاته «استضافة الحكومة للتلاميذ السوريين في مدارسها على الرغم من الضغط الكبير على الخدمات والاقتصاد الأردني».

على صعيد متصل جرت الأحد الماضي بعمان، مباحثات بين أمين عام وزارة التربية والتعليم الأردنية، صطام عواد، وأمين عام المؤسسة الخيرية الملكية في مملكة البحرين، مصطفى السيد، تركزت على سبل تنفيذ منحة بحرينية لبناء مجمع تعليمي للاجئين السوريين بمخيم «الزعتري» في محافظة المفرق (شمال شرق) بقيمة مليونا دولار أميركي.

وبحث المسؤولان آلية تنسيق تقديم الخدمة التعليمية للطلبة السوريين داخل مخيم الزعتري، موضحة أن هذه المنحة تأتي ثمرة للزيارة التي قام بها مؤخرا ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة إلى الأردن. ونقلت عن المسؤول البحريني قوله إن هذا المجمع العلمي يستوعب أربعة آلاف طالب سوري، ويشمل أربع مدارس متنقلة في مختلف مناطق المخيم، بحيث تستوعب كل مدرسة ألف طالب. وأوضح أن إنشاء المجمع العلمي يعتبر المرحلة الأولى من الدعم البحريني للطلبة السوريين داخل مخيم «الزعتري»، مشيرا إلى أن هناك مرحلة ثانية سيتم الإعلان عنها لاحقا.

من جهته، قال أمين عام وزارة التربية والتعليم الأردنية، إن هذه المدارس ستشرف عليها الوزارة بالتعاون مع الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، مؤكدا أنها ستكون أيضا خاضعة لمواصفات الوزارة.