إسرائيل تخشى من انهيار السلطة الفلسطينية وسقوط السلام مع الأردن

أجهزة الأمن تقترح إعطاء منحة مالية للسلطة

TT

أعربت مصادر سياسية إسرائيلية عن خشيتها من تحول مظاهرات الاحتجاج على الغلاء في الضفة الغربية إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة ضد إسرائيل أو إلى انهيار السلطة. لذلك هرعت أوساط من الحكومة والجيش الإسرائيليين إلى تجنيد أموال للسلطة، فطالب الجيش حكومة بنيامين نتنياهو بتقديم موعد تحرير أموال الجمارك بقيمة 100 مليون دولار شهريا، وتوجهت الحكومة الإسرائيلية إلى دول أوروبا طالبة منها إقرار مساعدة مالية طارئة للسلطة تخرجها من أزمتها الاقتصادية الحادة.

وفي هذا السياق، دعا رئيس الدائرة السياسية - الأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، الجنرال في الاحتياط، عاموس جلعاد، حكومته إلى إحداث تغيير عميق في سياستها تجاه السلطة، محذرا من أخطار انهيارها ومن تبعات مثل هذا الانهيار، مؤكدا أنها لن تقتصر على الموضوع الفلسطيني وقد تؤدي لانهيار عملية السلام مع الأردن أيضا. وقال في حال تفكك وانهيار السلطة الفلسطينية، فإن الأردن «سيواجه صعوبات في المحافظة على علاقات سلام معنا».

وكان جلعاد يتكلم أمس في مؤتمر مكافحة الإرهاب، الذي نظمه معهد مكافحة الإرهاب في تل أبيب، فطرح عددا من المطالب التي يعتقد أنها ملحة فيما سماه تغيير وتحسين السياسة الإسرائيلية تجاه السلطة، وأهمها: الاهتمام بالأوضاع المعيشية للفلسطينيين في الضفة الغربية حتى «لا يحاولوا جر إسرائيل إلى حرب خطيرة للغاية»، مؤكدا أهمية التنسيق الأمني في مناطق الضفة الغربية، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن أجهزة الأمن الفلسطينية «غير معنية بالإرهاب».

كما طالب جلعاد حكومته بمواجهة عصابات اليمين المتطرف في المستوطنات، التي تطلق على عملياتها العدوانية ضد الفلسطينيين شعار «تاج محير» (تدفع الثمن) وكبح جماحها، معتبرا أنها «تهدد بتوريط إسرائيل في حرب». وقال «إن (تاج محير) هي جرائم قتل، وإرهاب حقير هدفه الأساسي جرنا إلى حرب يأجوج ومأجوج دينية قومية». وأضاف أنه ينبغي على الحكومة أن تتعامل مع هذه القوى مثلما تتعامل مع تنظيمات الإرهاب الفلسطينية التي تهدد حياة الإسرائيليين.

وكانت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية «ريشت بيت» قد نقلت على لسان «مصادر أمنية كبيرة»، أمس، أن أجهزة المخابرات والجيش الإسرائيلي تقدمت بتوصية ملحة وعاجلة للحكومة الإسرائيلية أن تحول مبالغ كافية (لم يتم تحديدها) إلى خزينة السلطة الفلسطينية في رام الله بشكل فوري لتجاوز الضائقة المالية التي تعيشها، وذلك «حتى لو كمنحة إسرائيلية لمرة واحدة». ونقلت الإذاعة عن مصدر أمني رفيع المستوى قوله «لا نستبعد أبدا استقالة رئيس الوزراء الفلسطيني د. سلام فياض على الرغم من أن الرئيس محمود عباس متمسك به، فتمسك عباس لن يردع فياض عن الاستقالة في حال استمر الوضع على هذا الحال، حيث يشعر أن مسؤولين كبارا في حركة فتح التي يقودها عباس يقودون حملة الاحتجاج ضده». ووصف المصدر الأمني الإسرائيلي الكبير الأوضاع في الحكومة الفلسطينية بأنها «مشكلة كبيرة وأزمة صعبة جدا وحقيقية»، ولهذا خرجت التوصيات الثلاث التالية: أولا: تحويل مبالغ كافية للسلطة وإقرارها غدا (اليوم الأربعاء) الساعة العاشرة صباحا وثانيا: توصية بتبكير تسليم إسرائيل عائدات الضرائب والمقاصة للسلطة حتى وأن كان قبل موعدها المطلوب. وثالثا: دعوة أوروبا وأميركا خلال الاجتماع المخصص للدول المانحة الأسبوع المقبل في نيويورك إلى دعم السلطة بكل الأشكال وبأسرع وقت ممكن.

وكان الموقع الإخباري الإسرائيلي «شأن مركزي» قد خرج بهجوم كاسح، أمس، على نتنياهو قائلا إنه يدير سياسة غير مسؤولة. وكشف أن قادة جهاز المخابرات العامة الإسرائيلي «الشاباك» وقادة الاستخبارات العسكرية سبق وأن حذروا نتنياهو من السياسية غير المسؤولة التي ينتهجها ضد السلطة الفلسطينية مؤكدين أن هذه السياسة قد تؤدي لانهيار السلطة، وأن الأزمة المالية غير المسبوقة التي تواجهها حكومة سلام فياض من جهة وانسداد الانغلاق السياسي من جهة ثانية تجعل الفلسطينيين في حالة الغليان، من شأنها أن تتعمق وتتيح سيطرة حماس ولتصبح انتفاضة ثالثة وعندها تمتد بشكل حتمي ضد إسرائيل.

وأكد هذا التقدير أيضا سفيان أبو زايدة، أحد قادة فتح والوزير الأسبق لشؤون الأسرى في الحكومة الفلسطينية، أمام مجموعة من الصحافيين الإسرائيليين وقال لهم إن الوضع الاقتصادي الفلسطيني لم يعد يحتمل وعلى إسرائيل أن تدرك أنها في صلب الموضوع. وعندما بادره صحافي إسرائيلي بالقول: «متى ستكفون عن استخدام إسرائيل شماعة تعلقون عليها كل مشكلاتكم»، أجاب أبو زايدة: «هل تستطيع أن تنكر أن إسرائيل تتحكم بتحركات كل إنسان فلسطيني في الضفة الغربية. وإذا قرر نتنياهو عندكم أن يرفع أسعار الوقود لكي يزيد من ميزانية الجيش، تلزمنا اتفاقيات باريس الاقتصادية بأن نرفع نحن أيضا أسعار الوقود. وإذا أراد متمول فلسطيني أو عربي أو أجنبي أن يستثمر في فلسطين فعليه أن يأخذ موافقة إسرائيل وأن يفتح ملف جمارك ومقاصة في إسرائيل. نحن لا نستطيع أن نتنفس إلا بإذن إسرائيل».