حركة الشباب تندد بانتخاب الرئيس الجديد للصومال

الأمين العام للأمم المتحدة: على مقديشو العمل على بناء السلام تحت قيادة الشيخ محمود

TT

بعد انتخاب الرئيس الجديد للصومال حسن شيخ محمود أول من أمس ليصبح الرئيس المنتخب الاول للبلاد منذ عام 1991، يواجه الصومال تحديات سياسية عدة. ولكن ابدى المجتمع الدولي عزمه دعم مقديشو للمرحلة المقبلة، الا ان حركة «الشباب» المتشددة اكدت رفضها للعملية السياسية. وأعلن الناطق باسم حركة الإسلاميين الشباب المتمردين أمس لوكالة الصحافة الفرنسية أن الانتخابات الرئاسية في الصومال عملية نفذها «أعداء الصومال»، وتجنبوا مع ذلك توجيه أي انتقاد شخصي للرئيس الجديد المنتخب حسن شيخ محمود. وقال المتحدث باسم الشباب شيخ علي محمود راج عبر الهاتف «ليس لدينا موقف شخصي (من الرئيس الجديد) لكن مجمل العملية (الانتخابية) هي مشروع دبره أعداء الصومال»، مشيرا بشكل خاص إلى الدول المجاورة للصومال. ومن جهته، صرح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس بأنه على الرئيس الصومالي المنتخب اتخاذ خطوات سريعة لبدء عملية بناء السلام في البلاد. وهنأ بان كي مون الذي يزور سويسرا حاليا محمود بانتخاب البرلمان له أمس رئيسا للبلاد، وهذه تعد أول مرة ينتخب فيها رئيس صومالي منذ ثمانينات القرن الماضي. وقال مارتن نيسيركي المتحدث باسم بان كي مون: «الأمين العام يشجع الرئيس الجديد على التحرك بسرعة لتعيين حكومة تضم جميع الأطراف ويمكن مساءلتها ويمكنها العمل على بناء السلام في البلاد». ووجهت فرنسا تهانيها للرئيس الجديد، ودعت الصوماليين إلى «التوحد من أجل السلام» بعد 21 عاما من الحرب الأهلية. وجاء في بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيليب لاليو أن «فرنسا توجه له تهانيها وتمنياتها بالنجاح في لحظة مهمة جدا في تاريخ الصومال».

وقدم محمود، الأستاذ الجامعي المتخصص في التربية، على أنه من رواد المجتمع المدني الصومالي، ولم يكن أحد حتى الأيام القليلة الماضية يراهن على فرصه في الفوز. فالقليلون من بين رعاة الانتقال السياسي في الصومال من المجتمع الدولي كانوا يتوقعون فوز الصومالي البالغ 56 عاما الذي أجرى دراساته في الجامعة الصومالية الوطنية قبل سقوط الديكتاتور محمد سياد بري، ثم نال شهادة ماجستير في التربية التقنية من جامعة بوبال في الهند.

وأقر دبلوماسي غربي في ساعات الانتخاب الأخيرة بأن شيخ محمود «هو المجهول الكبير، لا نعرفه جيدا». وتابع: «إنه منبثق من أوساط المنظمات غير الحكومية الصومالية وله علاقة بحزب الإصلاح، الموازي للإخوان المسلمين.. ما للإدارة والتطوير الإداري بالاحترام والنفوذ؟ في شوارع مقديشو تم تلقي خبر انتخابه بإطلاق النار ابتهاجا».

ولد الرئيس المنتخب عام 1955 في جلال أقصى في منطقة حيران الوسطى، وينتمي إلى قبيلة الهوية النافذة التي تشكل أكثرية في العاصمة مقديشو على غرار الرئيس المنتهية ولايته شريف شيخ أحمد الذي خسر أمامه مساء الاثنين. وقد وصل محمود الذي يفتقر إلى الخبرة في ممارسة الحكم، إلى رئاسة البلاد نتيجة انتصار ساحق على مرشحين صقلتهم السياسة الصومالية. وتغلب في الدورة الثانية على الرئيس المنتهية ولايته شريف شيخ أحمد بحصوله على 70% من الأصوات، مما يفتح كوة أمل صغيرة بخروج البلاد من حرب أهلية مستمرة منذ 21 عاما، وإذا كان عدد من المحللين تخوفوا قبل الانتخابات من بقاء الوجوه نفسها في السلطة وبقاء النظام نفسه الذي نخره الفساد.

وبحسب موقع الإنترنت لحزب السلام والتنمية الذي أنشأه في العام الفائت فإن الرئيس الجديد يملك خبرة عقدين من الزمن في مجال التربية وعلى مستوى الأبحاث في حل النزاعات.

تأسس المعهد الصومالي للإدارة والتنمية الإدارية لتدريب إداريين وموظفين إداريين في الصومال التي تمزقها نزاعات قبلية منذ رحيل سياد بري إلى جانب حركات تمرد وحرب أهلية حالت دون إعادة بناء مؤسسات متينة وسلطة رسمية مستقرة وفاعلة. وتشمل سيرته الذاتية نشاطات تعاون مع صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، حيث عمل معه في بلاده في السنوات الأولى على انهيار الدولة الصومالية.

عام 2009 شارك في كتابة تقرير لصالح برنامج الأمم المتحدة للتنمية أشار فيه إلى أهمية الجاليات الصومالية الكثيرة لكن المشرذمة في المهجر، مطالبا بأن تلعب دورا أكثر «منهجية» في إعادة إعمار البلاد. وهو على عكس الكثير من السياسيين الصوماليين لا ينتمي إلى أي من تلك الجاليات.

لم يتولَّ الرئيس المنتخب أي منصب وزاري ولا نيابي. وأكد في مانيفستو حزبه سعيه إلى «بناء مجتمع متحرر من شياطين العشائرية والخوف والنزاعات الداخلية».

وأشارت الباحثة البريطانية لورا هاموند التي عملت مع المعهد الصومالي للإدارة إلى أن حسن شيخ محمود نجح في «التحاور» مع متمردين من حركة الشباب الصومالية الإسلامية الذين كانوا آنذاك يطردون الكثير من المنظمات في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، فسمحوا لمعهده بمواصلة أعماله.

وحركة الشباب تقود أهم تمرد في البلاد، وهي موالية لـ«القاعدة»، لكنها على الرغم من تلقيها في الأشهر الأخيرة عدة ضربات عسكرية كبيرة ما زالت تسيطر على أجزاء كبيرة من جنوب الصومال ووسطه وتشكل برأي المحللين خطرا جديا على السلام والاستقرار في البلاد.