فصل جديد في معارك نساء الرئيس بفرنسا

كتب جديدة تغذي الصراع بين تريرويلر ورويال وتضع هولاند في مأزق جدي

تريرويلر (يمين) تصافح رويال خلال مؤتمر في أبريل الماضي
TT

نعتت فاليري تريرويلر، سيغولين رويال ذات بمرة بـ«امرأة بويتو المجنونة» وطلبت من أفراد فريق الاتصال في حملة شريك حياتها أن يقطعوا علاقتهم بها. وصورت ثلاثة كتب صدرت حديثا المرأتين؛ تريرويلر شريكة حياة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ورويال شريكة حياته السابقة وأم أبنائه الأربعة، بأنهما غريمتان شرستان وأن عداءهما كان محور اهتمام وسائل الإعلام في فرنسا خلال الصيف الحالي. ومنذ عام 2007 عند تولي نيكولا ساركوزي الرئاسة خلال فترة انفصاله عن زوجته، تحولت الساحة السياسية في فرنسا إلى ما يشبه المسلسلات الدرامية التي تزخر بالتحول في العلاقات والعلاقات المتوترة. وتنضم هذه الوقائع الحديثة إلى خليط كان جزءا أساسيا منه اتهام دومينيك ستروس - كان، الذي كان يسعى لأن يصبح رئيسا، بجريمة جنسية، ليضفي عليه المزيد من البهارات.

ووضعت مجلة «ليكسبريس» الأسبوعية عنوان «سم الغيرة» على غلافها، بينما اختارت مجلة «ماريان» ذات التوجه اليساري عنوانا آخر هو «أسرار ثلاثي من الجحيم». وبدأت الموجة الحالية من الاهتمام الإعلامي برسالة على موقع «تويتر». فخلال حملة الانتخابات التشريعية في فصل الربيع، غضبت تريرويلر من دعم هولاند لرويال علنا، وأرسلت رسالة تدعم فيها خصم رويال بقوة. وكان هذا سبب إحراج مضاعف، لأن رويال، التي تبلغ من العمر 58 عاما، كانت المرشحة الرسمية للحزب الاشتراكي ولهولاند، الذي يبلغ 58 عاما هو الآخر. ومنيت رويال بخسارة فادحة في النهاية، ولذا سيطرت المهانة على الأجواء. وعرفت أخبار حياة هولاند العاطفية وقراره الانفصال عن رويال ليقيم علاقة مع تريرويلر خلال حملته الانتخابية الناجحة، لكنه يواجه حاليا قضية سياسية ربما تتسم بجدية أكبر، حيث ربما يكون للخصومة الواضحة الشرسة بين المرأتين، التي تدافع خلاها تريرويلر بعنف عن وضعها الجديدة كسيدة أولى، تأثير يمزق ببطء الصورة التي رسمها لنفسه كـ«رجل عادي» أصبح «رئيسا عاديا».

ويقول إريك إمبتاز، رئيس تحرير صحيفة «لوكانار إنشينيه» الساخرة الأسبوعية، إن «التوترات الشخصية عززت في البداية صورته كرجل عادي يواجه مشاكل حياته الخاصة، لكن الاهتمام تحول وبات التأثير على تريرويلر، التي أصبحت دنيئة».

مواجهة مشاكل في حياة المرء العاطفية أمر طبيعي في فرنسا أيضا، إلا أن علاقة هولاند بتريرويلر أثارت جدلا بسبب احتفاظها بوظيفتها في مجلة «باري ماتش» الذي ربما يؤدي إلى صعوبات تتعلق بالبروتوكول، لكن يبدو أن هذا الأمر أقل إشكالية من الضجة المثارة حول أهم امرأتين في حياة الرئيس كرجل.

ويصف رئيس التحرير السابق لصحيفة «لوموند»، لوران غريلسامر، تريرويلر، وهي أم لثلاثة أبناء طلقت مرتين، في كتابه «لا فافوريت» بـ«غير التقليدية، والإمبريالية والشهوانية، والغضوب التي لا يمكن التنبؤ بأفعالها، والخطيرة بشكل واضح».

وبحسب كتاب آخر بعنوان «The Ex» (السابق) لسيلفين كاريدج، الصحافي في مجلة «لو نوفل أوبزرفاتور»، طلبت تريرويلر من مانويل فال، رئيس حملة هولاند آنذاك، حذف الصور والاقتباسات المنسوبة لرويال من المقاطع المصورة للحملة التي رآها أعضاء الحزب الاشتراكي. وكانت رويال مرشحة الحزب للرئاسة عام 2007 وكادت تصبح زعيمة الحزب.

أما في ما يتعلق برويال، فقد تم تقديمها كسيدة مخدوعة مهانة، ناضلت بشدة حتى تمنع هولاند من إقامة علاقة مع تريرويلر. وجاء في كتاب «بين نارين» لكل من آنا كابانا وآن روزينشير أن رويال قالت لتريرويلر: «لا تقتربي من فرنسوا وإلا فستندمين». إنهم يناقشون ما تشعر به تريرويلر من «كراهية غير منطقية» لرويال التي يقال إنها طلبت من لورانس مازوريل، نائب رئيس تحرير مجلة «باري ماتش»، منع تريرويلر من تغطية أخبار الحزب الاشتراكي.

وبين أضلاع هذا المثلث، يقف هولاند كمحب محتار لا حول له ولا قوة، ولا يستطيع اختيار واحدة من المرأتين. وكتبت كابانا وروزينشير: «لقد ظلت امرأة تناضل من أجل جذبه إليها، بينما تحاول الأخرى استعادته بين عامي 2005 و2007». وظهرت الخطوط الأساسية لهذه القصة في سيرة حياة هولاند التي كتبها سيرغي رافي، رئيس تحرير «لو نوفل أوبسرفاتور» ونشرت العام الماضي.

ويذكر كتاب «فرنسوا هولاند: الرحلة السرية» أن علاقة هولاند بتريرويلر بدأت عام 2005 بصداقة، وحاولت رويال أن تقف في طريق هذه العلاقة. ولم يتم الإعلان عن انتهاء العلاقة بين هولاند ورويال إلا بعد خسارتها للانتخابات الرئاسية عام 2007، لكنها في الحقيقة كانت قد انتهت قبل ذلك كما أوضح الكتاب.

ويروي رافي كيف منعت تريرويلر رويال من حضور جنازة والدة هولاند التي كانت تربطها علاقة قوية بها وبأبنائها عام 2009. كما لم تحضر رويال مراسم تنصيب هولاند رئيسا. وكان يُنظر إلى تريرويلر حتى وقت قريب كامرأة أنيقة تتمتع بإرادة قوية استمرت في العمل كصحافية مع دعمها لشريك حياتها. وتفاوضت مؤخرا على اتفاق مع مجلة «باري ماتش» للمشاركة بكتاب ومقالات في النقد الأدبي وتغطية شؤون ثقافية أخرى بضع مرات في الشهر.

وتغيرت الصورة بعد رسالتها الهجومية على رويال في يونيو (حزيران) الماضي، وأوضح هولاند وجهة نظره في مقابلة تلفزيونية في 14 يوليو (تموز) في اليوم الوطني (الباستيل)، حيث قال إنه أخبر المقربين منه أن يبقوا على خصوصية حياتهم الخاصة ويصلوا إلى تسوية لخلافاتهم الشخصية بعيدا عن الإعلام. وفي الوقت ذاته، أخبر ابن هولاند الأكبر، توماس، أصدقاءه أن الأطفال سيبتعدون عن تريرويلر الآن. كما تم توجيه انتقادات إلى تريرويلر بسبب مقاضاة مجلات فرنسية لنشر صور التقطت لها ولهولاند عن بعد وهما يرتديان ملابس البحر. وترى أن هذه الصور اقتحام لحياتهما الخاصة، في حين أنها موضوع شائع خلال فصل الصيف، حيث كان كثيرا ما يتم التقاط صور لساركوزي وزوجته كارلا بروني بالطريقة نفسها.

وبالنسبة لبعض المعلقين، تثير حياة هولاند الأسرية المعقدة تساؤلات بشأن مدى قدرته على السيطرة على الأشخاص المحيطين به. وقال سيرغي حافظ، وهو طبيب نفسي ألف كتابا عن ساركوزي عام 2010 بعنوان «آل ساركوزي المهووسون»: «أشك في أن الفرنسيين يريدون رئيسا عاديا حقا، حيث يطلب من الرئيس أن يكون أكثر عقلانية وسيطرة على عواطفه من الرجل العادي».

ويرى موريس شافران، رئيس تحرير مجلة «ماريان»، أن الصراع بين رويال وتريرويلر «مزق الصورة التي رسمها فرنسوا هولاند لنفسه ولتصرفاته وقدمها لناخبيه». وأقر الكثير من المعلقين بأن قواعد الصحافة الفرنسية تغيرت منذ عام 2007، بداية بإعلان طلاق ساركوزي وزواجه مرة أخرى بعد فترة قصيرة، ومرورا بإلقاء القبض على ستروس - كان بتهمة الاعتداء الجنسي على عاملة بفندق العام الماضي، ووصولا إلى انفصاله عن زوجته آن سنكلير.

بات الصحافيون الفرنسيون أكثر شغفا بالاستقصاء عن حياة السياسيين الشخصية والتكهن بها. وذكرت مجلة «ليكسبريس» في مقال افتتاحي بها مؤخرا: «أصبحت عذابات الروح من المفاتيح الأساسية التي تساعد على فهم الرواية الرسمية للتاريخ». وذكرت أن حياة هولاند العاطفية «أمر يخصنا نحن أيضا».

* خدمة «نيويورك تايمز»