طهران ترد على القرار الكندي: الدبلوماسيون في إيران يتمتعون بـ«أعلى درجات» الحماية

قطع العلاقات مع إيران جاء في نفس اليوم الذي أدرجتها فيه كندا على قائمة الدول الراعية للإرهاب

TT

أكدت السلطات الإيرانية ردا على كندا التي قررت إقفال سفارتها في طهران لأسباب أمنية أن الموظفين الدبلوماسيين في إيران يتمتعون بـ«أعلى درجات» الحماية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبراست في تصريح صحافي «نوفر أفضل الظروف الأمنية لجميع الدبلوماسيين. والأمن في بلادنا في أعلى مستوياته، بالمقارنة مع بلدان أخرى في المنطقة».

وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن التدابير التي اتخذت لتأمين سلامة قمة بلدان عدم الانحياز أواخر أغسطس (آب) في طهران تؤكد أن الذرائع التي طرحها «بعض البلدان وبعض المسؤولين المتطرفين في الحكومة الكندية غير ملائمة ومتصلة بالغضب» الناجم عن «نجاح» تلك القمة. حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وقرار كندا المفاجئ قطع العلاقات مع إيران ربما جاء خوفا من انتقام إيراني بعد أن صعدت أوتاوا من إداناتها لها وبعد خطوة كندية موازية بإدراج إيران على قائمة الدول الراعية للإرهاب.

وقد أثار قطع العلاقات يوم الجمعة الماضي تكهنات بأنه مقدمة لعمل عسكري إسرائيلي أو أميركي ضد المنشآت النووية الإيرانية. ونفت كندا تماما أن تكون لديها أي معلومات بشأن هجمات مقررة.

وقال أندرو ماكدوجال كبير المتحدثين باسم رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر مفسرا قرار إغلاق السفارة في طهران وطرد الدبلوماسيين الإيرانيين من كندا «تريد كندا أن تتمكن من الاستمرار في التعبير عن رأيها في سلوك النظام الإيراني ولا نريد أن يتخذ رجالنا هناك كرهائن».

وأوردت كندا لدى إعلان قطع العلاقات قائمة طويلة من مسوغات هذا القرار مثل البرنامج النووي الإيراني والعداء تجاه إسرائيل والمساعدات العسكرية الإيرانية لسوريا وما وصفته بدعم إيران لجماعات إرهابية. لكن أيا من هذه المسوغات لم يظهر بين عشية وضحاها مما أثار تساؤلات عن سبب قرار كندا.

القرار فاجأ حلفاء كندا الغربيين تماما على ما يبدو. وقال دبلوماسي غربي في طهران لـ«رويترز» عبر الهاتف بعد ساعات من إعلان قطع العلاقات الكندية الإيرانية «كان نبأ مفاجئا بالنسبة لنا.. يبدو أنه لم يكن هناك شيء محدد جعلهم يقطعون الصلات».

لكن إعلان قطع العلاقات مع إيران جاء في نفس اليوم الذي أدرجتها فيه كندا على قائمة الدول الراعية للإرهاب. وكان قانون كندي جديد يطالب الحكومة بتقديم قائمة بالدول الراعية للإرهاب قبل يوم 13 سبتمبر (أيلول) وخشي كثيرون من ردود انتقامية في طهران بعد إعلان هذا الأمر إذا بقي الدبلوماسيون الكنديون في إيران.

ولم يغب عن ذهن المسؤولين الكنديين اقتحام السفارة البريطانية في طهران في نوفمبر (تشرين الثاني) بعد تشديد العقوبات المصرفية. ودفع الأمر بريطانيا إلى إغلاق سفارتها.

وقال الدبلوماسي الغربي «بعد مغادرة البريطانيين.. من سيبقى على جبهة العداء مع إيران.. هناك فرنسا وكندا. دفع الأمر الكثيرين للتفكير».

وقال مسؤول كندي طلب عدم ذكر اسمه إن توقيت الإعلان توقف في جانب منه على خروج آخر دبلوماسي كندي من إيران.

وأضاف «وصلنا إلى نقطة خرج فيها كل دبلوماسيينا بسلام.. وأصبح بمقدورنا إعلان الأمر».

وسارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الإشادة بموقف كندا الصارم لكن الإعلان قوبل بانتقادات البعض في كندا.

ويقول جون مندي سفير كندا الذي طردته طهران عام 2007 وتقاعد منذ ذلك الحين إن أسباب الخطوة التي اتخذتها أوتاوا غير مقنعة ودعا الحكومة إلى إعلان ما إذا كانت تلقت أي تهديدات محددة.

وكتب مندي في صحيفة «غلوب أند ميل» أول من أمس «عندما تتأزم الأمور نكون بحاجة بالفعل إلى دبلوماسيينا.. تقاليد كندا هي أنها تكون في آخر الدول التي تغادر في وقت الأزمة وليس أولها».

واستنكر ماكدوجال التصريحات ووصفها بأنها تنم عن قلة دراية بالأمور وقال إنه سفير سابق و«ليس بصراحة على دراية بالتفاصيل أو بأي شيء من هذا». وأضاف «لا يود رئيس الوزراء أن يصبح موظفون مدنيون لا يتقاضون مالا مقابل القتال من أجل بلدهم رهائن في أي نزاع. شعر رئيس الوزراء ووزير الشؤون الخارجية أنه لا يمكنهما ضمان سلامة دبلوماسيينا هناك لذا أخرجاهم».

ووجه مسؤولون إيرانيون انتقادا شديدا لكندا يوم السبت ووصفوا إغلاق السفارة بأنه عمل عدائي اتخذ تحت ضغط إسرائيلي وبريطاني.

وتراجعت قيمة الريال الإيراني أكثر من عشرة في المائة منذ الجمعة.

وعلى الرغم من أنه لم يكن هناك رد فعل صاخب بين الشعب الإيراني يستشعر الكثير من الإيرانيين في كندا نذر أنباء سيئة.

وقال المدون محمود عظيمائي الذي يعيش في تورنتو حيث يوجد نحو نصف الجالية الإيرانية في كندا والتي تقدر بنحو 120 ألف شخص «يترجم الكثير من الإيرانيين الأمر على أنه ضوء أخضر لإسرائيل للقيام بعمل عسكري وهم غير سعداء بهذا».

وقال أراش ابادبور وهو مهندس في تكنولوجيا المعلومات يبلغ من العمر 33 عاما «ما يجب تجنبه هو القصف والصواريخ الإسرائيلية فوق إيران لأنها ستكون انتكاسة ترجع بأي حركة ديمقراطية عشر سنوات إلى الوراء. وقطع العلاقات مع النظام لا يساعد هذا».

ويعيش في كندا أيضا بعض من أشرس منتقدي الحكومة الإيرانية في مجال حقوق الإنسان وهم يؤيدون بشدة خطوات حكومة هاربر.

وأشار المعارضون الإيرانيون إلى قضيتي سعيد مالكبور وحميد قاسمي شال وهما إيرانيان يحملان الجنسية الكندية حكم عليهما بالإعدام وضعفت قوتيهما في السجن بإيران.

ويقبع في السجون الإيرانية أيضا حسين ديراخشان وهو مدون كندي من أصل إيراني حكم عليه بالسجن 19 عاما بتهمة التعاون مع دول معادية والقيام بحملة دعائية.

ويقول ناشطون منذ وقت طويل إن السفارة الإيرانية في أوتاوا تمارس أنشطة سرية لمراقبة أصوات معارضة وترويعها.