صحافيون وناشطون مدنيون يحذرون من تراجع حرية الصحافة في العراق

في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الإعلامي هادي المهدي

TT

مساء السبت الماضي وعلى ضوء الشموع وسط حديقة أغرقت بالمياه عمدا ولفها الظلام بعد أن غابت عنها الكهرباء، كما هي معظم ليالي العاصمة العراقية بغداد، أوقد محبو وأصدقاء الفنان والإعلامي هادي المهدي شموع الذكرى السنوية الأولى لاغتياله، في تجمع حاشد رفعت فيه اللافتات وعلت فيه الاحتجاجات مقابل تشديد أمني حكومي مبالغ به خشية تصعيد لغة الاحتجاج.

واغتيل المهدي بطلق ناري في الرأس في الثامن من سبتمبر (أيلول)2011 وقبل يوم واحد من مظاهرات حاشدة عمت البلاد العام الماضي وكان هو من أهم منظميها والداعين إليها، في حين لم تعثر الأجهزة الأمنية حتى الآن على قاتله وقيدت الجريمة ضد مجهول كما هو حال الكثير من قضايا الاغتيالات التي تنال من الأصوات الإعلامية الجريئة والمعبرة في العراق.

وكان المهدي من الصحافيين البارزين المنتقدين للحكومة عبر سلسلة برامج إذاعية وتلفزيونية ومقالات لاذعة انتقدت فساد وخراب أوضاع البلاد بعد أكثر من سبع سنوات من عمر التغيير وتشكيل الحكومات الجديدة، وكان من بين أربعة صحافيين عراقيين اعتقلوا من قبل قوات الأمن وتعرضوا للتعذيب والاستجواب المهين خلال مظاهرات ضد الحكومة في فبراير (شباط) 2011.

وفي الذكرى السنوية الأولى لاغتيال المهدي طالب ناشطون ومثقفون وإعلاميون عراقيون في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» الحكومة العراقية ومحاكم التحقيق بمعاودة فتح قضية اغتياله التي قيدت ضد مجهول، وعبروا عن مخاوفهم من استمرار تدهور وضع حرية الصحافة في العراق وتواصل عمليات القتل المنظم للأصوات التي تكشف الفساد وتسعى للمطالبة بإصلاح البلاد. وقال الإعلامي والشاعر أحمد عبد الحسين «إن حرية الصحافة ما تزال مهددة في العراق، وإن الأسلحة الكاتمة للصوت تلاحق حملة الأقلام الشريفة التي تحاول كشف الفساد وتدعو لإنقاذ البلاد من واقع سياسي واجتماعي متردٍ بعد أكثر من تسع سنوات على تغيير نظام الحكم».

بدوره، أكد عدي حاتم رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق أن «إحصائيات الجمعية والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الصحافة في العراق، أثبتت أن هناك 280 شهيدا من الوسط الإعلامي تعرضوا للاغتيال بعد أحداث عام 2003 القسم الأكبر منها قيد ضد مجهول». وأضاف: «حادثة اغتيال هادي المهدي لا تزال فريدة من نوعها كونه قتل في منطقة أمنة نسبيا، منطقة الكرادة داخل.. وقضاة التحقيق أكدوا أن الكاميرات القريبة من بيت الشهيد جرى التلاعب بها وتعطيلها بشكل متعمد قبل يوم واحد من عملية الاغتيال». وحذر حاتم من أن «عصر حرية الصحافة في العراق ينحدر إلى وضع خطير خصوصا في العامين المنصرمين، بعد أن شرع قانون الصحافيين الأخير الذي يبيح للسلطات التشريعية والتنفيذية تقييد الصحافة ومصادرة حقوق وسائل الإعلام، إضافة لأربعة قوانين أخرى في طور التشريع تهدف إلى تكميم الحريات ووسائل الاتصالات بشكل مضاعف».

ووصف صالح الحمداني، زميل المهدي، الإعلامي القتيل بأنه كان «من دعاة المدنية والليبرالية في العراق»، مضيفا «لو قتل هادي في أي دولة أخرى لنصبت له الكثير من التماثيل التي تحكي بطولاته لكن في العراق، هناك إقصاء متعمد لمن يصبو إلى الحقيقة وينتقد الفساد الحكومي والإداري».

بدورها أكدت الناشطة المدنية شميران مروكل أن «هناك العشرات من أمثال هادي يكتبون وينادون بالحق والعدل في العراق، ولن ترعبهم كواتم الصوت وما زالوا يطالبون وعازمون على التغيير».