مقتل السفير الأميركي بليبيا في هجوم بالقذائف الصاروخية

اتهامات لجماعة متشددة بتنفيذ عملية قنصلية بنغازي على مرحلتين احتجاجا على الفيلم المسيء

رجل ينظر الى وثيقة في داخل القنصلية الاميركية في بنغازي أمس (أ.ب)
TT

هاجم مسلحون غاضبون من فيلم أميركي يتضمن إساءة للإسلام مقر القنصلية الاميركية في مدينة بنغازي شرق ليبيا، وقصفوا مقرها بالقذائف الصاروخية في وقت متأخر من الليلة قبل الماضية، مما أدى إلى مقتل السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز وثلاثة من العاملين بالقنصلية وجرح آخرين.

ونقلت الولايات المتحدة أمس 35 من رعايها ودبلوماسييها بالإضافة إلى جثامين القتلى الأربعة من بنغازي طرابلس.

ولقي السفير الأميركي، الذي لم يصب بأي رصاصات أو إصابات، مصرعه مختنقا بعدما تعرض لاستنشاق كميات كبيرة من الدخان الناجم عن القصف الصاروخي لمقر القنصلية.

وقال شهود عيان إن سلفيين كانوا بين المهاجمين، بينما قال مسؤول أمنى لـ«الشرق الأوسط» إن «أصابع الاتهام تشير إلى نفس المجموعات المتشددة التي أقدمت مؤخرا على هدم عدد من الأضرحة الدينية في عدة مدن ليبية بدعوى أنها مخالفة للشريعة الإسلامية».

لكن كتيبة «أنصار الشريعة» سارعت في المقابل إلى عقد مؤتمر صحافي نفت خلاله تورطها في الهجوم.

وقالت الكتيبة، إنها «لم تشارك بشكل رسمي في الهجوم كما لم تصدر منها أوامر مباشرة لعناصرها، مشيرة إلى أنها في المقابل تمارس مهامها بشكل طبيعي في حماية بعض المؤسسات».

إلى ذلك، اتهم مسؤول ليبي كبير موالين للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بشن هجوم بمدينة بنغازي الليبية يوم الثلاثاء أسفر عن مقتل السفير الأميركي في ليبيا وثلاثة من موظفي السفارة. ويعرف السفير الأميركي في بنغازي بمشاركته في التنسيق بين الثوار الذين انتفضوا مطلع العام الماضي ضد القذافي، وحلف شمال الأطلسي «ناتو». وفرض الـ«ناتو» حظرا جويا فوق ليبيا وساعد المقاتلين في الإطاحة بحكم القذافي حتى مقتله في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقدم محمد يوسف المقريف، رئيس البرلمان الليبي أمس اعتذار بلاده للشعب الأميركي والعالم عما حدث، منددا باستخدام القوة وإرهاب الآمنين كوسيلة للاحتجاج، واصفا الهجوم بأنه يتنافى وتعاليم الإسلام.

ومن جانبه، استنكر نائب رئيس الوزراء الليبي، مصطفى أبو شاقور، الهجوم على القنصلية ووصفه بـ«العمل الجبان والإجرامي»، وكتب في تغريدة على حسابه على «تويتر»: «أستنكر هذا العمل الجبان والإجرامي الذي تعرضت له قنصلية الولايات المتحدة في بنغازي وقتل السيد السفير ورفاقه».

وفي مؤتمر صحافي في بنغازي بثته محطات تلفزيونية، قال يونس الشريف، نائب وزير الداخلية الليبي إن المهاجمين استخدموا قذائف صاروخية، وأن هذا يشير إلى أن قوى كانت تستغل الأمر، مشيرا إلى أن هذه القوى من فلول النظام السابق.

وأضاف أن المهاجمين ربما شنوا الهجوم بدافع الانتقام بسبب ترحيل عبد الله السنوسي، المدير السابق للمخابرات الليبية في عهد القذافي، من موريتانيا إلى ليبيا هذا الشهر.

وصرح ونيس الشارف، وكيل وزارة الداخلية الليبي في منطقة الشرق، في مؤتمر صحافي للكشف عن ملابسات الحادث، إن هناك تقصيرا من جانب السفارة الأميركية لعدم تعزيز الإجراءات الأمنية حول البعثة على الرغم من علمهم المسبق بالاحتجاجات، وأن هناك «تهديد مباشر لهم عقب مقتل أبو يحيى الليبي».

ومعروف أن أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة أكد مقتل أبو يحيى (الليبي الأصل) والقيادي البارز في التنظيم، وذلك بعد أشهر من إعلان واشنطن عن مقتله في باكستان، لكن لم يعلن أي فصيل داخل ليبيا عن علاقة مباشرة له بالتنظيم الدولي المطارد عالميا.

وأوضح الشارف أن حرس القنصلية الأميركية في بنغازي أطلقوا النار على المحتجين الذين اقتربوا من مبنى السفارة، وأن هذا الأمر زاد من غضبهم وترتب عليه اقتحام السفارة، مشيرا إلى عدم تكافؤ قوات الأمن الليبية من حيث التسليح مقارنة بالمسلحين الذين كانوا مجهزين بأسلحة ثقيلة.

وقال الشارف، إن «الهجوم وقع على مرحلتين أدت الأولى إلى مقتل ستيفنز مختنقا بالدخان، ومقتل موظف وجرح آخر، مشيرا إلى وقوع «اختراق أمني خطير لم نكن نتوقعه بعد نقل الرعايا الأميركيين وتأمينهم».

ووقعت المرحلة الثانية من الهجوم في مقر قريب من القنصلية على أيدي كوماندوز مسلح. وأوضح الشارف أن «كوماندوز مسلحا حضر إلى مقر القنصلية للاستطلاع وتوجه بعد ذلك إلى المقر المؤمن الذي خصص للرعايا الأميركيين، وهو ما ترتب عليه قتل اثنين آخرين من الأميركيين وجرح ما بين 12 و14 آخرين».

وحمل الشارف من أسماهم «أزلام النظام السابق» مسؤولية الهجوم. وقال وفق ما أعلنه في المؤتمر الصحافي الذي بثته وسائل إعلام محلية: حسب المعلومات الأولية.. فإنهم استغلوا الأحداث التي وقعت بجانب القنصلية، وهاجموا بالأسلحة المقر ردا على استجلاب السنوسي من موريتانيا.

لكن شهود عيان على حادث قنصلية أميركا ببنغازي تحدثوا لوسائل إعلام محلية قالوا أمس إن أعضاء جماعة إسلامية متشددة ومسلحة تدعى «جماعة أنصار الشريعة» كانوا في مقدمة المحتجين بالقرب من مبنى القنصلية واشتبكوا مع قوات الأمن التي حاولت إغلاق الطرق المؤدية إلى المبنى. بيد أن الجماعة نفت في بيان مسؤوليتها عن الحادث. وأضاف شاهد على الحادث أن مبنى القنصلية تعرض لدمار كبير، وأن جثث القتلى ظلت ملقاة أمام حطام المبنى قبل أن يتم نقلها إلى المستشفى ببنغازي.

وقالت مصادر حكومية إن البرلمان الليبي، وقيادات الحكومة ومسؤولي الأجهزة الأمنية عقدوا أمس اجتماعات في طرابلس لبحث تداعيات الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي، ومقتل السفير.